أكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية برسم سنة 2024 مواصلة المجلس، بقيادة الرئيس المنتدب محمد عبد النباوي، العمل على تنفيذ برامجه وأوراشه الهادفة إلى تنزيل الرؤية الملكية في مجال إصلاح القضاء وتخليقه وعصرنته والرفع من نجاعة أدائه بروح من الجدية والمسؤولية والالتزام.
وسجل التقرير ذاته، الذي نشر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، أن سنة 2024 تميزت بالشروع الفعلي في تنزيل المستجدات التي جاءت بها النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة سنة 2023 والتي تندرج ضمن استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية المستقلة بالبلاد.
وأفاد التقرير بأن التنزيل الفعلي لهذه المقتضيات تمثل في إحداث البنيات والهياكل الإدارية الموكول إليها تفعيل الاختصاصات الجديدة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وفق ما نصت عليه التعديلات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بتدبير الوضعيات الفردية للقضاة، وتدبير الجانب القضائي للإدارة القضائية، وتتبع أداء المحاكم، فضلا عن تنزيل استراتيجية المجلس في مجال الرقمنة والتكوين.
كما واصل المجلس تنزيل مخططه الاستراتيجي الذي يمتد تنفيذه إلى غاية سنة 2026، حيث تميزت سنة 2024 بتنزيل أكثر من 98% من الإجراءات التي يتضمنها هذا المخطط، ولم تتبق سوى “إجراءات قليلة تم الشروع في تنزيلها، ويُرتقب استكمالها عند نهاية مدة المخطط”.
وذكر التقرير أن المجلس انكب على تدبير الوضعية الفردية للقضاة بمقاربة تعتمد الشفافية والمساواة والتقيد بالمعايير المنصوص عليها في القانون التنظيمي، مع إيلائه عناية خاصة لـ”تطوير وتحديث بنيته الإدارية الداخلية، والرفع من القدرات المؤسسية للعاملين بإدارته، واعتماد التكنولوجيا الحديثة في تدبير وتصريف أشغاله وتعاملاته، مع نهج سياسة تواصلية جديدة للتواصل مع القضاة وجمعياتهم المهنية، وكذا المرتفقين والمتقاضين ومختلف الفاعلين والشركاء المؤسساتيين في منظومة العدالة، وعموم الرأي العام بشأن كل ما يتعلق بمنظومة القضاء والعدالة، دون إغفال جانب الشراكة والتعاون مع شركاء المغرب الدوليين ومختلف المنظمات الدولية التي ترتبط مع المملكة بشراكات استراتيجية”.
وحصر التقرير المرفوع إلى الملك محمد السادس حصيلة عمل المجلس في كافة المجالات التي تدخل ضمن مجال اختصاصه في 15 محورا، تعكس “الدينامية المستمرة التي يشهدها المجلس، وتطور وتشعب مجالات اشتغاله”.
وأفاد الرئيس المنتدب للمجلس، محمد عبد النباوري، بأن الهدف الأساس من ملخص التقرير يتمثل في تلخيص هذا الزخم قدر المستطاع ليتسنى للقارئ والمهتم معرفة “الخطوط العريضة لذلك التقرير، وتتحقق لديه الرغبة للاطلاع عليه وتحليل مضامينه”.
واستعرض التقرير الجهود المبذولة خلال سنة 2024 لتنزيل النصوص القانونية والتنظيمية المستجدة المرتبطة بمجال اختصاصه، ومن أبرزها إعداد نظام داخلي جديد يتلاءم مع التعديلات التي همت القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، ويتجاوز الملاحظات والنقائص التي شابت النظام الداخلي السابق، بما يعزز نجاعة التدبير الداخلي للمجلس وحكامته.
كما استعرض التقرير مراحل تنزيل التنظيم الهيكلي الجديد لإدارة المجلس، وإحداث البنيات الإدارية الجديدة المنصوص عليها في التنظيم المذكور، فضلا عن استعراض النصوص التنظيمية التي تم إصدارها والمتعلقة بالمعهد العالي للقضاء في إطار القانون الجديد المنظم له، لضمان قيامه بمهامه على الوجه الأمثل، ومنها نظامه الداخلي الجديد، والتنظيم الهيكلي لإدارته، والنظام الأساسي الخاص بمستخدميه، وكذا النظام الجديد المتعلق بمباراة الملحقين القضائيين وامتحان نهاية التكوين.
وتطرق التقرير لجهود المجلس المبذولة بشأن الوضعية الاجتماعية والمادية للقضاة، ومنها توفير 54 مسكنا إداريا لفائدة المسؤولين القضائيين، في أفق استكمال هذا البرنامج خلال سنة 2025 بتمكين باقي المسؤولين من الاستفادة من الامتياز نفسه، كما شملت هذه العناية تحسين الوضعية المادية للملحقين القضائيين، من خلال رفع أجورهم إلى مستوى يضمن لهم قدرا معقولا من التمكين الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، بشكل يراعي ظروفهم المهنية والتزاماتهم الشخصية، إضافة إلى معالجة الوضعية الاستثنائية للفوج 41 الذي يضم 219 قاضيا وقاضية بشأن استفادتهم من الترقي إلى الدرجة الثانية.
وبخصوص التنسيق مع السلطة الحكومية، أكد التقرير أن الاجتماعات المكثفة التي عقدتها الهيئة المشتركة المكلفة بالتنسيق في مجال الإدارة القضائية طيلة سنة 2024، أسفرت عن معالجة عدد مهم من الإشكالات ذات الطبيعة الإدارية والمالية التي تعترض سير العمل بالمحاكم، كما شكلت هذه الاجتماعات أرضية مناسبة لـ”فتح نقاشات موسعة حول أوراش إصلاحية وبرامج تهدف إلى تطوير الإدارة القضائية، وتحديث بنياتها، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمرتفقين والمتقاضين”.
وفيما يتعلق بالتنسيق مع السلطات الحكومية في مجال التشريع المرتبط بمنظومة العدالة، فقد استعرض التقرير مشاريع ومقترحات القوانين التي أحيلت على المجلس سواء من طرف رئاسة الحكومة أو وزارة العدل أو الأمانة العامة للحكومة من أجل إبداء رأيه فيها في إطار الفصل 113 من الدستور والمادة 112 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس، حيث بلغ مجموع هذه المشاريع 12 مشروعا قدم فيها المجلس ملاحظات ومقترحات استهدفت تجويدها وتدارك عدد من النواقص والثغرات التي كانت تشوبها ضمانا لحسن تنزيلها وتطبيقها.
0 تعليق