في خطوة تروم تسليط الضوء على التحديات المرتبطة بالولوج إلى التعليم الأولي في المنطقة أطلقت منظمة “اليونسكو” دعوة لتقديم مقترحات بحثية ميدانية ترمي إلى تقييم واقع التعليم ما قبل المدرسي في المغرب، وذلك في إطار الإعداد للإصدار الإقليمي لتقرير GEM 2026 المخصص للدول العربية.
ويهدف هذا التقرير، وفق الوثيقة التي اطلعت عليها هسبريس، إلى إنجاز دراسة تحليلية معمقة حول مستويات المشاركة والإنصاف في التعليم المبكر، بغرض الوقوف على الاختلالات والتمايزات التي قد تعيق تعميم هذه المرحلة التربوية الحساسة، التي تشكل حجر الأساس لأي إصلاح تعليمي مستدام.
ووفق الوثيقة الصادرة عن الفريق الأممي لتقارير التعليم فإن الدراسة المنتظرة ستركز أيضاً على رصد الممارسات الجيدة والتحديات المرتبطة بإدماج الأطفال في مرحلة ما قبل التمدرس، مع إعطاء أهمية خاصة للفئات الهشة، بما يشمل الأطفال في وضعية إعاقة، وأبناء المناطق القروية والنائية.
وحُدد تاريخ 15 أكتوبر الجاري كآخر أجل لتقديم المقترحات البحثية، على أن يتم اختيار الباحثين المكلفين بالدراسة وفق معايير الكفاءة الأكاديمية، والقدرة على إجراء بحوث ميدانية معمقة ضمن المدة الزمنية المحددة، تحضيراً لنشر التقرير الكامل سنة 2026.
وتراهن “اليونسكو”، من خلال هذه الدراسة، على إشراك فاعلين مغاربة من ذوي الخبرة في مجال البحث التربوي والمجتمعي، لضمان التقاط خصوصيات التجربة المغربية بمداخلها التربوية والمؤسساتية، واستجلاء أوجه التقدم والتحديات التي مازالت تعيق تعميم تعليم أولي ذي جودة؛ كما تسعى إلى أن تشكل هذه الدراسة مرجعاً علمياً يمكن الاستناد إليه في تقييم أثر البرامج الوطنية، ولاسيما تلك التي أطلقتها المملكة منذ سنة 2018 في إطار تنزيل خارطة طريق إصلاح التعليم.
وفي السياق ذاته تولي الوثيقة الأممية أهمية خاصة للجوانب المنهجية والمعايير العلمية التي ستُعتمد في اختيار المقترحات البحثية، إذ تشترط أن تكون الدراسة مبنية على تحليل نقدي للمعطيات التربوية والاجتماعية، وأن تستند إلى مصادر موثوقة تجمع بين الإحصائيات الرسمية والبحوث الميدانية؛ كما تؤكد ضرورة إدماج مقاربة تشاركية في إنجاز التقرير، من خلال التشاور مع الفاعلين المحليين وممثلي المجتمع المدني العاملين في مجال الطفولة المبكرة، بما يضمن عكس التعدد والخصوصيات التي تطبع التجربة المغربية في هذا الورش الإستراتيجي.
ويشير المصدر ذاته إلى أن من بين المعايير الجوهرية التي ستُقيّم عبر المقترحات البحثية قدرة الباحث على “توظيف منهجية مقارنة” بين جهات مغربية متعددة، تضم مناطق حضرية وريفية، لبيان الفوارق القطاعية والمجالية في ولوج التعليم ما قبل المدرسي؛ كما يطالب بأن تتضمّن الدراسة “مقابلات مع أولياء الأمور والفاعلين المحليين” لفهم الحواجز غير المعلنة التي يواجهها الأطفال، مثل البُعد الجغرافي، غياب النقل المدرسي، نقص المعلّمات المتخصصات، وتأثير الخلفيات الثقافية في قبول إرسال الأطفال إلى المؤسسات المبكرة.
وإضافة إلى التقييم الكمي لمؤشرات الإنصاف والجودة في التعليم الأولي تشدد الوثيقة على ضرورة استحضار السياق الثقافي والاجتماعي في تحليل ممارسات التربية المبكرة، خصوصاً ما يتعلق بالأدوار التقليدية للأسرة، وتصورات المجتمع المحلي حول أهمية التعليم ما قبل المدرسي. كما تدعو “اليونسكو” إلى استقصاء تأثير السياسات العمومية الموجهة نحو الطفولة المبكرة، ومدى تقاطعها مع رهانات النوع الاجتماعي، والفقر، والهشاشة المجالية، معتبرة أن فهم هذه المحددات ضروري لتفكيك الفوارق البنيوية التي تعرقل تكافؤ الفرص منذ السنوات الأولى من عمر الطفل.
ويشير المستند الصادر عن منظمة “اليونسكو” إلى أن الدعوة موجهة إلى باحثين مستقلين من المغرب، يتوفرون على كفاءات أكاديمية راسخة في مجالات العلوم الاجتماعية أو التربوية، مع سجل مثبت في إنجاز بحوث ميدانية؛ كما تؤكد أن العمل المطلوب لن يتضمن تنقلاً خارج البلاد، ما يكرّس الطابع التحليلي للدراسة، المعتمد على مراجعة الأدبيات والإحصائيات الوطنية، فضلاً عن إمكانية إجراء مقابلات نوعية مع فاعلين تربويين محليين لرصد التحديات في سياقها الواقعي.
وتفيد الوثيقة المرجعية بأن التقرير المطلوب ينبغي ألا يتعدى 10 آلاف كلمة، دون احتساب الملاحق والفهارس، على أن يُحرر بإحدى اللغتين الفرنسية أو الإنجليزية، وفق الإطار المنهجي المعتمد من قبل فريق تقرير GEM.
كما يُلزم الباحثون الراغبون في الترشح بإعداد ملف تقني يُفصل المقاربة المعتمدة وخطة العمل، مرفقاً بملف مالي يُوضح الكلفة التقديرية لإنجاز الدراسة، على أن يُدمج الملفان في صيغة واحدة (PDF) تُرسل إلى العنوان الإلكتروني المخصص لهذا الغرض، في أجل أقصاه منتصف ليلة 15 أكتوبر الجاري، بتوقيت وسط أوروبا.
0 تعليق