أصبحت موثوقية محطات شحن السيارات الكهربائية حول العالم على المحكّ في الوقت الذي يُعوَّل فيه على وسائل النقل النظيف لإزالة الكربون والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.

ومؤخرًا، باتت تلك المحطات مُستهدَفةً من اللصوص الذين يسرقون النحاس الموجود داخل وصلات الشحن، لبيعه خردةً بأسعار زهيدة.

ورصدت منصة الطاقة المتخصصة تسجيل 70 حادث سرقة يوميًا بمحطات شحن السيارات الكهربائية في ألمانيا، وفي المملكة المتحدة أعلنت أكبر شركات الشحن تسجيل نحو 1000 حادث سرقة نحاس في أقل من عامين.

وعلى مدار العام الماضي (2024)، كانت 3% من محطات الشحن البريطانية خارج نطاق الخدمة خلال وقت ما، والآن يتعين على مشغّلي المحطات هناك -بموجب أمر حكومي- رفع نسبة جاهزية تلك النقاط إلى نسبة 99% من الوقت.

سرقة النحاس من محطات شحن السيارات الكهربائية

في التقرير التالي، ترصد منصة الطاقة أبرز حوادث سرقة النحاس من محطات شحن السيارات الكهربائية في المدة الماضية، من خلال مسح يضم 5 دول:

محطات شحن السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة

كانت مدينة تشيلمسفورد بشرق إنجلترا مؤخرًا مسرحًا لسرقات محطات شحن السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، وبالأخصّ تلك التابعة لشركة إيفايف (Evyve).

وفي منتصف ليل يوم الجمعة الأخيرة من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، تسلَّل شاب من بين الأشجار حاملًا مقصًّا، قبل أن يقطع شواحن 4 محطات شحن، ثم اختفى في الظلام.

ولاحقًا، ظهرت سيارة كهربائية من نوع "فورد موستانغ ماخ" (Ford Mustang Mach) يستقلّها الشاب نفسه، وينتزع الوصلات، ثم يغيب عن الأنظار.

وبعد أيام قليلة، ظهرت سيارة من النوع نفسه داخل محطة شحن أخرى تابعة للشركة نفسها في مدينة فارنبوروغ بمقاطعة هامبشاير الإنجليزية، لكن لحُسن الحظ أُلقي القبض على سائقها قبل أن يقطع وصلة شحن ثانية.

وبحسب شركة إيفايف، شهدت الـ12 شهرًا الماضية حوادث سرقة في نحو 100 من أصل 300 جهاز شحن تابعة لها، وتصل تكلفة استبدال الواحد منها إلى 30 ألف جنيه إسترليني (40 ألف دولار) .

(الجنيه الإسترليني يعادل 1.34 دولارًا).

وبحسب الرئيس التنفيذي للشركة جيمس موت، أصبحت سرقات محطات شحن السيارات الكهربائية مشكلة وطنية، ولا يبدو أن هناك رادعًا يمنع أولئك السارقين من الاستمرار.

كما اشتكت شركة "إنستا فولت" (InstaVolt) -صاحبة أكبر شبكات الشحن السريع للسيارات الكهربائية في بريطانيا- من تكرار حوادث سرقة وصلات النحاس.

ورصدت الشركة سرقة النحاس من قرابة 1000 من أصل 2000 محطة تابعة لها منذ نوفمبر/تشرين الثاني (2023).

ورغم أن قيمة النحاس داخل شاحن السيارة الكهربائية تبلغ 25 جنيهًا إسترلينيًا (33.5 دولارًا)، فإن تكلفة الإصلاح تصل إلى 1000 جنيه إسترليني.

(الجنيه الإسترليني يعادل 1.34 دولارًا).

وعلاوة على العبء المالي، تُضعف سرقة النحاس ثقة عملاء الشركة، وتعوق الانتشار واسع النطاق للسيارات الكهربائية التي تحظى بدعم حكومي في إطار مساعي إزالة الكربون وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وانضمت شركة أوسبري (Osprey) لقائمة المتضررين في أواخر عام 2023، وفي ذروة صيف العام الجاري (2025) كان واحدًا من كل عشرة أجهزة شحن سريعة وفائقة السرعة قد شهدَ حادثة سرقة.

سرقة محطات شحن السيارات الكهربائية في أميركا

خرجت 3 محطات لشحن السيارات الكهربائية في مدينة دينفر بولاية كولورادو الأميركية من الخدمة لمدة شهرين، بسبب سرقة النحاس في فبراير/شباط الماضي.

وقال مكتب العمل المناخي والاستدامة والمرونة هناك (CASR)، إن المدينة تشهد ما بين حادثة واحدة إلى ثلاث كل عام، لتتسبّب في إصابة المحطات بالشلل، وتتطلب إصلاحات باهظة الثمن.

وبحسب تقديرات المكتب، قد يكون قطع شاحن السيارة "قاتلًا" للسارق الذي لن يجني من ورائه سوى 20 دولارًا لوصلة الشحن الواحدة، إلّا أن تكلفة الإصلاح للشواحن الثلاثة المقطوعة بلغت 50 ألف دولار.

ومنذ يوليو/تموز 2024، شهدت شبكة شحن شركة "إلكتريفاي أميركا" (Electrify America) 93 حادثة سرقة، وفي بعض الأحيان شهدت المحطة الواحدة أكثر من حادثة.

ووصفت شركة إي في غو (EVgo) مدينة سياتل بأنها الأكثر تضررًا من سرقات محطات شحن السيارات الكهربائية في أميركا.

سرقة محطات شحن السيارات الكهربائية في ألمانيا

في مدينة آخن بولاية شمال الراين - وستفاليا، تجاوزت محطات شحن السيارات الكهربائية في ألمانيا مجرد السرقة من أجل النحاس، إلى التخريب المتعمد.

وهناك داخل محطة شحن موجودة في مركز تسوق، رصدَ أحد السكان قطع وصلات الشحن بالمحطة أكثر من مرة، وفي المرة الأخيرة كانت الشواحن موجودة، ولكنها خارج الخدمة.

وتكافح محطات شحن السيارات الكهربائية في ألمانيا عصابات سرقة النحاس، إذ وصل معدل تلك الجرائم إلى 70 محطة يوميًا.

وبسبب تكرار تلك الحوادث، تزداد صعوبة تدارك المشكلة يومًا بعد يوم بين الجهات المسؤولة عن الإصلاح وتوريد وصلات الشحن البديلة.

وقال متحدث باشم شركة "إي إن بي دبليو" (EnBW) المشغّلة لأكبر شحن سريع للسيارات الكهربائية في ألمانيا، إن عام 2025 هو الأسوأ على الإطلاق بسبب تكرار حوادث سرقة النحاس.

سرقة محطات شحن السيارات الكهربائية في كندا

منذ بداية 2025 حتى مطلع يونيو/حزيران، رصدت شركة مدينة إدمونتون الكندية 168 حادثة سرقة للنحاس في 7 محطات لشحن السيارات الكهربائية، وقُدِّرت القيمة الإجمالية لخسائر تلك الحوادث بـ20 ألف دولار كندي (14.3 ألف دولار أميركي).

(الدولار الأميركي يعادل 1.40 دولارًا كنديًا).

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، حاول أحد السكان شحن سيارته الكهربائية في محطتين مختلفتين خلال أسبوع واحد، لكنهما كانتا خارج نطاق الخدمة.

وفي منشور على منصة "ريديت" (reddit)، قال، إن إحدى المحطتين خضعت للصيانة حديثًا قبل أن تتعرض لحادثة سرقة جديدة، والآن تحاول الشركة المسؤولة حلّ المشكلة، ولكن باستعمال وصلات شحن ذات ميزات حماية إضافية.

سرقة محطات شحن السيارات الكهربائية في الدنمارك

حتى يونيو/حزيران 2025، سجلت شركة "أوكي" لشحن السيارات الكهربائية في كندا 110 حوادث سرقة، بما يزيد بأكثر من 3 أضعاف عام 2024 الماضي.

وعلى مدار عام انتهى في مايو/أيار الماضي، سُجلت 141 حادثة سرقة لوصلات شحن تحتوي على النحاس داخل محطات شحن السيارات الكهربائية في البلد الإسكندنافية.

وعلى نحو خاص، يستهدف السارقون المحطات في المناطق النائية والبعيدة عن الرقابة، ورغم أن سعر النحاس داخل وصلة الشحن الواحدة يصل إلى 200 كرونة دنماركية (31.1 دولارًا)، فإن تكلفة الإصلاح تتراوح بين 15 و20 ألف كرونة.

(الكرونة الدنماركية تعادل 0.16 دولارًا).

ما الحل؟

رغم أن سعر النحاس داخل شاحن السيارات الكهربائية في بريطانيا يصل إلى 30 جنيهًا إسترلينيًا فقط، فإن جمع عدد أكبر منها قد يُحدث فرقًا، إذ ارتفع سعر النحاس من 7500 جنيه إسترليني للطن قبل 3 سنوات إلى 11 ألفًا حاليًا.

وما يجعل محطات شحن السيارات الكهربائية صيدًا ثمينًا للصوص النحاس هو وجودها في أماكن عامة للتسهيل على قائدي تلك المركبات.

ولمنع السرقات وتقليل الخسائر، كشفت شركة "إنستا فولت" البريطانية تركيب أجهزة تتبُّع مزودة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في محطات الشحن.

وإذا تحركت وصلة الشحن من موقعها، يُصدر الجهاز إنذارًا بما يسمح للسلطات بتتبٌّع موقع السارق، كما يقدّم تحديثًا للموقع كل ثلاث ثوان.

تقول الشركة، إن التقنية بمثابة تغيير جذري في طريقة حماية صناعة شحن السيارات الكهربائية من السرقات، إذ تقدّم -إلى جانب ردع الجناة- استعادة سريعة للوصلات.

يُشار هنا إلى أن "إنستا فولت" تخطط لتركيب 11 ألف نقطة شحن بحلول عام 2030، لكنها تقول، إن السرقات تضرّ بقدرتها على بناء محطات جديدة.

وأضافت أنه مع سرقة كل وصلة شحن تخسر استثمارات وتتعطل المحطات ويتباطأ الطريق إلى أهداف الحياد الكربوني.

وفي فبراير/شباط (2025)، أعلنت شركة تيسلا اختبار إجراءين لمكافحة السرقة في مواقع محددة للشحن السريع:

• الطريقة الأولى: تغليف شاحن السيارة الكهربائية بطبقة رقيقة مكتوب عليها تحذير "لا تقطع"، وإذا حاول السارق قطعها يُطلق طلاءً يصعب إزالته، وهو ما يساعد الأجهزة المعنية في تحديد هوية المشتبه بهم.
• الطريقة الثانية: يكون النقش على النحاس داخل وصلات الشحن بعبارة تقول "مملوكة لتيسلا موتورز"، لتعمل بوصفها تنبيهًا لتجّار النحاس الخردة وشركات إعادة التدوير، بما يساعد في إبلاغ الشركة عن أيّ نشاط مثير للريبة.

وتشمل إجراءات الحماية الأخرى أيضًا: تغليف وصلات الشحن بطبقات سميكة تجعل من العسير قطعها بالأدوات المنزلية، وتركيب كاميرات المراقبة، ونشر أطقم حراسة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

1. نظام تتبع لمكافحة سرقة محطات شحن السيارات الكهربائية في بريطانيا
2. سرقة كابلات شاحن السيارات الكهربائية .. تدمير 70 نقطة شحن يوميًا، من تومشاردوير
3. موجة جرائم تهدد محطات شحن السيارات الكهربائية، من الغارديان