قال خبراء دوليون مغاربة إن الأسبوع الأممي لنزع السلاح، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1978، يأتي في وقت بالغ الحساسية على صعيد الأمن الإقليمي، مشيرين إلى أن “التهديدات المستمرة التي تطلقها جبهة البوليساريو الانفصالية منذ إعلانها خرق وقف إطلاق النار وإطلاق تحرشاتها عند معبر الكركارات تؤكد الحاجة الماسة إلى تعزيز جهود نزع السلاح والحد من التصعيد العسكري في المنطقة”.
وأضاف المتحدثون أن “تصاعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت المدنيين في الأقاليم الجنوبية المغربية يشكل دليلاً دامغًا على الخطر الذي يمثله سلاح هذه المنظمة”، مشددين على أن أسبوع نزع السلاح الدولي (من 24 إلى 30 أكتوبر الجاري) “يمثّل فرصةً لفتح النقاش حول تحييد هذا السلاح لكونه بات أولوية قصوى لضمان أمن واستقرار المنطقة ومنع تحول النزاعات المسلحة إلى أعمال عدائية واسعة النطاق”.
من جهة أخرى أبرز أحد هؤلاء الباحثين أن الدور المستقبلي لمكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح (UNODA) يكمن في تقديم الدعم التقني والاستشاري لتصميم وتنفيذ المراحل الفنية لعملية التسوية، إذ يمكنه توفير الخبرة اللازمة لتنفيذ برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR) بشكل فعال ومضمون دولياً لجمع وتدمير الأسلحة.
كما وضّح المتحدث أن “المكتب يستطيع المشاركة في دور استشاري في تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية المغربية على إدارة مخزونات الأسلحة التقليدية ومكافحة الاتجار غير المشروع، إضافة إلى دوره المحتمل في تسهيل التعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOCT) لتبادل المعلومات والخبرات اللازمة لاستهداف أي عناصر متطرفة تابعة لميليشيات البوليساريو ترفض الانخراط في مسار السلام”.
محفزات كثيرة
عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قال إن “الأسبوع الأممي لنزع السلاح يعد فرصة حقيقية لاختبار كيف أن انتشار السلاح يهدد الأمن العالمي وحياة المدنيين، ولاسيما إذا امتلكته تنظيمات إرهابية وانفصالية على غرار جبهة البوليساريو”، مورداً أن “مخاطر انتشار السلاح بين الجماعات المسلحة تؤدي إلى وفاة الملايين من المدنيين”.
واستند الفاتيحي، في تصريحه لجريدة هسبريس، إلى كون جبهة البوليساريو خرقت اتفاق وقف إطلاق النار الذي سبق أن وقعته مع الأمم المتحدة سنة 1991، وسجل أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة دعا البوليساريو إلى وقف انتهاكها لاتفاق وقف إطلاق النار، مبرزا أن “احتفالية الأمم المتحدة بالأسبوع الأممي لنزع السلاح تشكل مساءلة لأدوارها في نزع سلاح الجبهة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “هذه المنظمة تزيد من درجة التهديد المباشر للسلم والأمن الدوليين”، وأضاف أن “البوليساريو بحسب تقارير الأمين العام حول الصحراء استهدفت منشآت مدنية بمدينة السمارة المغربية في أكثر من مناسبة، فضلاً عن تهديداتها المباشرة للمدن الكبرى في الصحراء بأسلحة وصواريخ نوعية، وهو واقع يثير التساؤل حول استمرار الأمم المتحدة في الحوار مع جماعة غير ديمقراطية ولا تحظى باعتراف أممي وتهدد الأمن والسلم الدوليين”.
شروط حاضرة
البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، قال إن “نجاح أي مسعى إلى نزع سلاح البوليساريو يرتكز أولاً على نقل التعامل معها من إطار نزاع إقليمي إلى إطار مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وذلك بالاستناد إلى الأدلة التي قدمتها المملكة المغربية، وتُشير إلى تورط ميليشيا الجبهة في أعمال إرهابية محددة وتقاطع مسارات التهريب والاتجار بالمخدرات لعناصرها مع أنشطة جماعات متطرفة في الصحراء الكبرى والساحل”.
وشدد البراق، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، على أنه “في حال رفض هذه الميليشيا مقترح السلام المتضمن للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يصبح لزاماً على الدول الأعضاء الضغط على مجلس الأمن لتفعيل آليات المساءلة الجنائية الدولية وإصدار قرارات تسمح بتطبيق عقوبات مكافحة الإرهاب على الكيانات والأفراد المتورطين”، مؤكدا ضرورة “شرعنة الضغط لنزع سلاحها عبر تجفيف منابع القوة والتسليح والتمويل، من خلال تنفيذ إستراتيجية دولية عاجلة”.
ولفت المتحدث ذاته إلى “ضرورة أن يكون برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR) شرطاً غير قابل للتفاوض في أي تسوية سياسية دائمة، متمثلة في القبول بمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، بحيث يتم تفعيله بشكل فوري لجمع الأسلحة بضمانات دولية، على غرار تجربة الجيش الجمهوري الأيرلندي في ربط التخلي عن العنف بالانخراط السياسي”.
وأوضح الخبير ذاته أن “هذه العملية تشمل تفكيك الهياكل العسكرية والأمنية للبوليساريو داخل مخيمات تندوف، وتحويل المخيمات إلى تجمعات مدنية خالصة تخضع للإشراف الإنساني الدولي (UNHCR)”، وتابع: “في المقابل يتم تخصيص حوافز اقتصادية واجتماعية واسعة لإعادة تأهيل المقاتلين الذين لم يرتكبوا جرائم، ودمجهم في السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمناطق الجنوبية، لضمان أن يكون التخلي عن السلاح خياراً نهائياً ومستداماً للمقاتلين”.














0 تعليق