الذهب , في ظل حالة التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة، عاد المعدن النفيس مجددًا إلى الواجهة كأحد أهم الملاذات الآمنة للمستثمرين، بعدما شهدت أسعاره العالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام الأخيرة.

ويرجع هذا الصعود إلى عدة عوامل دولية أبرزها تصاعد الحروب التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، واستمرار التوترات بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب السياسات الجمركية الأمريكية التي زادت من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.

وأكد الخبراء أن المعدن النفيس أصبح مجددًا مخزنًا للقيمة في وقت يشهد فيه العالم تراجعًا في الثقة بالعملات الورقية، خصوصًا مع اتساع موجة التضخم التي تضرب كبرى الاقتصادات.

هاني جيد: ارتفاع الذهب “تصحيح طبيعي” ومسار آمن للتحوط

قال هاني جيد، رئيس الشعبة بالاتحاد العام للغرف التجارية، في تصريحات خاصة لـ«الجمهور»، إن الارتفاع الأخير في الأسعار يعد بمثابة “تصحيح طبيعي” لمسار السوق بعد فترة من التذبذب.

وأضاف أن المعدن الأصفر لا يزال الأداة الأهم للتحوط من التضخم وتراجع العملات المحلية، مشيرًا إلى أن الانخفاضات التي تحدث أحيانًا هي مؤقتة ولا تعكس اتجاه السوق الحقيقي.

وأوضح جيد أن السوق المصرية أصبحت أكثر انفتاحًا على الاستثمار في الذهب، بفضل تنوع المنتجات المعروضة بين السبائك والمشغولات بمختلف الأوزان، مما يسمح للمستثمرين الصغار بالدخول إلى السوق دون الحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة.

وأشار إلى أن الأسعار العالمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمستويات الاستقرار السياسي والاقتصادي الدولي، متوقعًا أن تشهد الأسعار ارتفاعًا جديدًا قبل نهاية عام 2025 مع استمرار النزاعات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.

تحوّل عالمي: البنوك المركزية تستبدل الدولار بـ الذهب

كشف جيد عن تحول استراتيجي في سياسات البنوك المركزية بعدد من الدول الكبرى، وعلى رأسها الصين والهند، حيث بدأت هذه الدول في استبدال جزء من احتياطاتها الدولارية بالمعدن النفيس ، في خطوة تمثل توجهًا نحو ما يسمى بـ “الديجلوباليزيشن” (عكس العولمة الاقتصادية).

وأوضح أن هذا التوجه يعكس تراجع الثقة في الدولار الأمريكي وعودته إلى دوره التاريخي كركيزة أساسية للنظام المالي العالمي، مؤكدًا أن المعدن الأصفر لم يعد مجرد أداة ادخار، بل وسيلة استراتيجية لتحقيق التوازن النقدي في مواجهة تقلبات العملات.

مصر.. تاريخ عريق بحاجة إلى تطوير مؤسسي

أكد رئيس الشعبة أن مصر واحدة من الدول العربية الرائدة تاريخيًا في تجارة وصياغته ، إلا أن السوق المحلية تحتاج إلى تطوير مؤسسي أعمق يتماشى مع المعايير الدولية، خاصة في مجالات مكافحة غسل الأموال وتطبيق أنظمة التتبع والتداول الإلكتروني الشفاف.

وشدد على أهمية إطلاق أدوات استثمارية جديدة مثل صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs)، لدعم مشاركة المؤسسات المالية وزيادة السيولة داخل السوق.
وأشار إلى أن التنسيق بين البنك المركزي ووزارتي الاستثمار والمالية سيكون عاملاً حاسمًا في تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة المعدن الأصفر في الشرق الأوسط وأفريقيا، بفضل موقعها الجغرافي وخبراتها المتراكمة في هذا المجال.