في إطار المرحلة الثانية من “البعثة الإفريقية الكبرى” التي تنظمها الوكالة الفيدرالية الروسية لمصايد الأسماك في المناطق الاقتصادية الخالصة لعدد من الدول الإفريقية، رست السفينة البحثية الروسية “STM Atlantis” في ميناء مدينة الداخلة بالأقاليم الجنوبية للمغرب، حسب ما أفاد به بيان للمعهد الروسي لأبحاث مصايد وعلوم المحيطات.
وأشار المصدر ذاته إلى عقد اجتماع على ظهر السفينة بين خبراء الفرع الأطلسي للمعهد سالف الذكر ونظرائهم من المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، بهدف توحيد برنامج الأبحاث العلمية المشتركة في السواحل المغربية في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري والوكالة الفيدرالية لمصايد الأسماك، في 19 شتنبر الماضي.
واتفق الجانبان، خلال هذا الاجتماع، على اعتماد برنامج أبحاث مشترك في المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب سيشرف عليه فريق علمي مكوّن من خبير مغربي و12 باحثا روسيا تحت قيادة القبطان د.غورخوفتش. ويتضمن هذا البرنامج تنفيذ أكثر من 140 عملية جرّ بحري (Trawling)، وأكثر من 70 محطة رصد هيدرولوجي، و50 محطة دراسات هيدروبيولوجية، إلى جانب تحاليل كيميائية شاملة لعينات المياه.
وحسب بيان المعهد الروسي لأبحاث مصايد وعلوم المحيطات، أكد خبراء الجانبين على “أهمية الأبحاث المشتركة لتقييم تكاثر الأسماك السطحية الصغيرة في المياه المغربية”، مبرزين أن “هذه البعثة ستتيح الاستمرار في سلسلة البيانات طويلة الأمد التي ترصد التنوع البيولوجي ودينامية أعداد الأسماك التجارية، وتقيّم الحالة البيئية للأنظمة المائية”.
وذكر البيان أن “الأبحاث البحرية في المنطقة المغربية تُعد جزءا أساسيا من التعاون الروسي-المغربي في مجال الصيد البحري. كما تشكّل أساسا لاستفادة أسطول الصيد الروسي من الموارد السمكية في المياه المغربية”، مشيرا إلى أن “المعطيات العلمية المستقاة تُستخدم لتطوير دقة التنبؤ بالظروف البيولوجية لمصايد الأسماك، وتعزيز الاستدامة والاستغلال الرشيد للثروات السمكية في المنطقة الأطلسية المغربية”.
وعلى هامش انعقاد أشغال الدورة الثامنة للجنة الحكومية المشتركة الروسية-المغربية، الجمعة الماضي بالعاصمة موسكو، برئاسة ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ودميتري باتروشيف، نائب رئيس حكومة الاتحاد الروسي، وقّع البلدان اتفاقا جديدا في مجال الصيد البحري، ينص على استمرار التعاون في مجال الأبحاث العلمية في المصايد، وتطوير تقنيات الصيد ومعالجة الأسماك، وتحديد الحصص السنوية للأسماك المسموح للسفن الروسية بصيدها في المياه المغربية.
وحول هذا الاتفاق الذي يسري لمدة أربع سنوات مع إمكانية التجديد التلقائي للمدة نفسها، قال إيليا شستاكوف، رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية لمصايد الأسماك، إن “هناك إمكانيات كبيرة لتطوير أنشطة الصيد الروسية في المنطقة الأطلسية المغربية”.
وأضاف شستاكوف أن “عددا من شركات الصيد الروسية أبدت استعدادها لزيادة حجم الصيد في هذه المنطقة، لا سيما صيد الأنواع السطحية كالإسقمري (الماكريل) والتراوت (الرافيلي). كما أعرب الجانب المغربي عن استعداده لتخصيص حصص لصيد الأنواع القاعية الثمينة في حال أبدت الشركات الروسية اهتمامها بذلك، ويُعد هذا أحد الاتجاهات الواعدة في تعاوننا”.
وذكر المسؤول الروسي ذاته أن “الصيد البحري يُعد من أهم مجالات التعاون مع المغرب؛ ففي منطقته البحرية نقوم سنويا بإجراء بحوث علمية. وقد عززنا هذا العمل في إطار البعثة الإفريقية الكبرى”، مشيرا إلى أن “الجانب المغربي يؤكد أهمية نتائج هذه البعثة بالنسبة لأنشطة الصيد والحفاظ على الموارد السمكية. وقد أُنجزت دراستان ميدانيتان وفرتا معلومات دقيقة حول حالة التجمعات السمكية وآفاق تطوير الصيد. وسنواصل العمل بموجب الاتفاق، حيث تخطط روسيا لإجراء بحوث سنوية لتقدير تجدد مخزون الأسماك السطحية الصغيرة، وستُستخدم هذه البيانات لتحديد حصص الصيد للصيادين الروس، وكذلك لوضع حدود الصيد المسموح بها في المنطقة”.
وحسب بيانات الوكالة الفيدرالية الروسية لمصايد الأسماك، فإن الحد الأقصى للإنتاج السنوي الروسي في المنطقة الأطلسية المغربية خلال السنوات القليلة الماضية بلغ حوالي 60 ألف طن. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى ما بين 90 ألف طن و100 ألف طن؛ فيما تُوجَّه هذه الكميات المصطادة إلى روسيا من أجل المعالجة الصناعية، وإلى السوق الإفريقية أيضا؛ مما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.
وخلال العامين الماضيين، أجرى العلماء الروس، ضمن برنامج “البعثة الإفريقية الكبرى”، أبحاثا لتقدير حجم تكاثر الأسماك السطحية الصغيرة خلال موسم التكاثر وتحليل الحالة العامة للمخزونات السمكية في المياه المغربية، إذ أظهرت النتائج أن حالة التجمعات جيدة؛ ما يفتح المجال لتحسين ظروف الصيد.
ويشمل برنامج البعثة الإفريقية الكبرى (2024–2026)، الذي يهدف إلى تقييم احتياطيات الموارد البيولوجية المائية على سواحل إفريقيا واكتشاف مناطق جديدة لصيد الأسماك إلى جانب تعزيز العلاقات بين روسيا وإفريقيا، دولا عديدة من القارة؛ من ضمنها المغرب وموريتانيا والسنغال ونيجيريا والكاميرون والغابون وسيراليون ومدغشقر…
0 تعليق