اقرأ في هذا المقال
- تكلفة احتجاز الكربون بمحطات الكهرباء الأوروبية تصل إلى 300 دولار للطن
- شركات الكهرباء الصينية تتمتع بميزة تنافسية هائلة مقارنة بنظيرتها الغربية
- مشروع بي بي لاحتجاز الكربون في بريطانيا يحصل على دعم بـ427 دولارًا للطن
- تكلفة الاحتجاز بمحطات الغاز الأميركية ذات الدورة المركبة تصل إلى 95 دولارًا للطن
- الاستثمار في المسارات البديلة لإزالة الكربون أكثر جدوى من احتجاز الكربون وتخزينه
تمثّل تكلفة احتجاز الكربون حجر عثرة أمام انتشار تقنياته في محطات الكهرباء على مستوى العالم، لكن يبدو أن الصين قد كسرت هذه المعادلة، وتوشك أن تُحدث ثورة في الصناعة.
فبحسب تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- تدّعي الصين قدرتها على التقاط الكربون في محطات الكهرباء بتكلفة تتراوح من 30 إلى 40 دولارًا فقط لكل طن محتجز من ثاني أكسيد الكربون.
وتزيد تكلفة احتجاز الكربون في محطات الكهرباء الأوروبية على 300 دولار لكل طن، ما يجعل معظم المشروعات الأوروبية غير مجدٍ اقتصاديًا.
وتشير الفجوة الضخمة في التكاليف إلى أن مرافق الكهرباء الصينية تتمتع بميزة تنافسية هائلة عن نظيرتها الغربية في مجال التقاط الكربون وتخزينه، بحسب التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.
تكلفة احتجاز الكربون في الصين وأوروبا
إلى جانب قدرتها على خفض تكلفة احتجاز الكربون وتخزينه، تدّعي الشركات الصينية المملوكة للدولة قدرتها على إكمال مشروعات الالتقاط والتخزين في غضون 18 شهرًا فقط، أي أسرع بمعدل الضعف عن نظيرتها الأميركية والأوروبية.
كما تقلّ النفقات الرأسمالية في مشروعات الصينية بنِسب تتراوح من 55% إلى 70% لكل طن محتجز من ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بالمشروعات المماثلة في أوروبا والولايات المتحدة.
وبلغت انبعاثات قطاع الكهرباء العالمية قرابة 13.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون خلال عام 2024، وهو ما يشكّل ثلث الانبعاثات الإجمالية لقطاع الطاقة.
ورغم ذلك، لا يوجد سوى مشروعين عاملين على مستوى تجاري في احتجاز الكربون وتخزينه بقطاع الكهرباء عالميًا، مع إلغاء -أو تأجيل- نصف المشروعات المقترحة في القطاع على مدار العقد الماضي.
ويوجد في الصين -حاليًا- 5 مشروعات قيد الإنشاء لاحتجاز الكربون وتخزينه بمحطات كهرباء عاملة بالفحم، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم ذلك، ما زالت الولايات المتحدة أكبر دولة من حيث القدرة على احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله بصورة عامة -شاملة الكهرباء- بنحو 24.1 مليون طن عام 2024، بينما تحتل الصين المركز الخامس بقدرة 3.6 مليون طن سنويًا، كما هو موضح في الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
وإذا استمرت تكلفة احتجاز الكربون منخفضة في الصين كما هي، فمن المتوقع أن تظل قادرة على المنافسة عالميًا حتى مع دخول ضرائب الكربون حيز الكربون في الاتحاد الأوروبي بداية من عام 2026، بحسب مدير أبحاث اقتصادات الكربون في وود ماكنزي بيتر فيندلاى.
على الجانب الآخر، ستواجه شركات الكهرباء الأوروبية معادلات اقتصادية غير مجدية تمامًا لتبنّي هذه التقنيات ما لم تسارع الحكومات إلى دعمها بصورة كبيرة.
ورغم تحقيق أول مشروع تجاري لاحتجاز الكربون وتخزينه في أوروبا (NZT Power) -التابع لشركة النفط البريطانية بي بي- عائدات معقولة وصلت إلى 20.8% قبل حسم الضرائب، فإن هذا لم يتحقق إلّا بدعم حكومي وصل إلى 319 جنيهًا إسترلينيًا (427 دولارًا) لكل طن محتجز من ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب رصد وحدة أبحاث الطاقة، لم تُقرّ أيّ دولة أوروبية غير بريطانيا هذا الحجم من الدعم الشامل لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه حتى الآن، ما يشير إلى أن مستقبل هذه التقنيات في القارة سيظل مرهونًا بمدى الدعم الحكومي.
تحديات تقنيات احتجاز الكربون
يمثّل التوسع بإنشاء مراكز البيانات في أوروبا والولايات المتحدة تحديًا آخر أمام خفض تكلفة احتجاز الكربون وتخزينه بمحطات الكهرباء، خاصة العاملة بالغاز الطبيعي.
فمن المعروف أن مرافق الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء على مدار الساعة، وهو نمط لا يتوافق مع مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة في التوليد حسب ظروف الطقس، ما يتطلب زيادة التوليد بالغاز بوصفه الأكثر كفاءة وموثوقية.
ورغم ذلك، فإن زيادة استهلاك الغاز في توليد الكهرباء ستكون له تكلفة كبيرة حال تبنّي تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه في المحطات العاملة به.
وتقدّر وود ماكنزي تكلفة احتجاز الكربون وتخزينه لتوربينات الغاز العاملة بالدورة المركبة في الولايات المتحدة بما يتراوح من 60 إلى 95 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة.
وتعوّض هذه التكلفة جزئيًا عبر إعفاء ضريبي أميركي يتراوح من 20 إلى 30 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، حسب الإطار الزمني وتكلفة رأس المال.
على الجانب الآخر، تواجه توربينات الغاز ذات الدورة المركبة في أوروبا تحديات اقتصادية أكبر، كونها تنتج غازات احتراق بتركيز 3% إلى 4% من ثاني أكسيد الكربون، ما يجعل عملية التقاط الكربون وتخزينه أكثر تكلفة من محطات الفحم التي تتراوح تركيزات انبعاثاتها من 9% إلى 12%.
وتتأثر تكلفة احتجاز الكربون عكسيًا بمعدلات تركيز الانبعاثات، فكلما كانت التركيزات أعلى كان الالتقاط أسهل، وكلما كانت التركيزات أقل، كان الالتقاط أصعب، ما ينعكس على التكلفة، بحسب تحليل وحدة أبحاث الطاقة.
وتقدّر وود ماكنزي تكلفة التقاط الكربون في محطات الكهرباء العاملة بالغاز بما يتراوح من 35 إلى 200 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، مع وقوع أوروبا في الجانب الأعلى من هذه التقديرات؛ ما سيشكّل عبئًا ثقيلًا على معظم مستهلكي الكهرباء في القارة العجوز.
وتتوقع شركة الأبحاث انخفاض تكلفة احتجاز الكربون وتخزينه بنسبة 50% إلى 60% بالقيمة الحقيقية بحلول عام 2050، عبر تقنيات الجيل التالي المتوقع أن تكون أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
ورغم ذلك، فقد لا يؤدي ذلك إلى تحسُّن اقتصاديات المشروعات بالقدر المطلوب، ما يجعل شركات المرافق الأوروبية أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا السعي وراء مشروعات احتجاز وتخزين باهظة الثمن وذات عائدات غير مضمونة، أو التركيز على الاستثمار في مسارات بديلة لإزالة الكربون أكثر جدوى.
جدير بالإشارة أن إجمالي قدرة احتجاز الكربون وتخزينه عالميًا ما زال متواضعًا جدًا، ولم يتجاوز 58 مليون طن سنويًا، بحسب بيانات معهد الطاقة البريطاني لعام 2024 الموضحة في الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
على الجانب الآخر، بلغت قدرة المشروعات المعلنة لاحتجاز الكربون وتخزينه حول العالم قرابة 735 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، حسب بيانات منصة إنرجي مونيتور المتخصصة، استنادًا إلى المشروعات المعلَنة حتى فبراير/شباط 2025.
ورغم ذلك، ما زالت أغلب هذه القدرة في مراحل دراسة الجدوى أو التصميم أو في انتظار الحصول على الموافقات، بينما لا تتجاوز القدرة تحت الإنشاء سوى 13.6 مليون طن سنويًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تكلفة احتجاز الكربون في الصين وأوروبا وتحدياتها، من وود ماكنزي
- بيانات أكبر الدول في قدرة احتجاز الكربون وتخزينه، من معهد الطاقة البريطاني
- بيانات مشروعات احتجاز الكربون المعلنة حول العالم، من منصة إنرجي مونيتور
0 تعليق