منذ عام 2021، شهدت استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا زيادة مطّردة، مع توقعات أن تتجاوز خلال العام الجاري (2025) نحو 19 مليار دولار.

ورغم نمو استثمارات الطاقة منخفضة الانبعاثات، فإن الرقم لا يقترب من الإمكانات الهائلة التي تزخر بها المنطقة، ولا يعكس أهدافها المناخية المعلنة.

وحاليًا، تواجه الاستثمارات عدّة تحديات رئيسة تكبح نمو القطاع، أبرزها تكلفة رأس المال وغياب المشروعات القابلة للتمويل، كما تمثّل المخاطر التنظيمية والسياسية وضعف البنية التحتية لشبكات نقل الكهرباء عوامل إضافية.

وأشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إلى أن تحقيق أهداف الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا يتطلب زيادة الاستثمارات بمقدار 5 أضعاف، لتبلغ نحو 95 مليار دولار بحلول عام 2035.

معوقات استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا

يرى التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية أن تكلفة رأس المال -أدنى معدل عائد مطلوب لتبرير الاستثمار، وتعكس المخاطر الفعلية والمتوقعة التي تواجه المستثمر- من أبرز التحديات التي تواجه قطاع الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا.

وفي عام 2024، بلغ متوسط التكلفة المرجّحة لرأس المال (WACC) للطاقة الشمسية -متوسط تكلفة التمويل من الدين والأسهم- 9.4% في إندونيسيا، و9% في فيتنام، و8% في الفلبين، ونطاق 6-8% في تايلاند وماليزيا، وهي معدلات أعلى من نطاق الاقتصادات المتقدمة البالغ 5-6.5%.

أمّا استثمارات الطاقة الشمسية على نطاق المرافق في المنطقة فما تزال محدودة، رغم أن متوسط التكلفة المرجّحة لرأس المال في دول مثل إندونيسيا وفيتنام والفلبين مماثلة أو أقل من نظيراتها في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى.

ويشدد التقرير على أهمية توسيع حجم المشروعات المتاحة للتمويل بالتوازي مع خفض تكلفة رأس المال، من خلال تعزيز الشفافية والتنبؤ في عمليات الشراء، وتوحيد إجراءاتها، إلى جانب رفع كفاءة الأنظمة لاستيعاب مصادر الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقلبة.

وتمتد التحديات إلى طاقة الرياح البحرية وبطاريات التخزين، حيث تظل تكلفة رأس المال أعلى من الطاقة الشمسية.

وأشار التقرير إلى أن دول المنطقة تُبرز اهتمامًا متزايدًا بأنظمة تخزين الكهرباء، لكن القطاع، لا سيما في إندونيسيا وفيتنام، يتطلب إصلاحات تنظيمية لدعم مشروعات التخزين المستقلة.

ورغم الإمكانات الكبيرة لطاقة الرياح البحرية على سواحل جنوب شرق آسيا، لا يوجد مشروعات قيد التشغيل، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع متوسط التكلفة المرجّحة لرأس المال بسبب غياب الأطر التنظيمية وضعف الشبكات الساحلية وعدم اليقين بشأن سلاسل التوريد.

مخاطر أخرى تقيّد استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا

من جهة أخرى، تبرز العقبات التنظيمية ضمن أبرز المخاطر التي تواجه استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا.

ووفقًا لمسح أجرته وكالة الطاقة الدولية، تمثّل المخاطر التنظيمية والسياسية وضعف البنية التحتية لنقل الكهرباء وتعقيدات تصاريح المشروعات من أبرز العوامل التي ترفع تكلفة رأس المال في المنطقة.

ورغم هذه التحديات، شهد العامان الماضيان تطورات مشجعة في المنطقة، منها إصدار خطط تطوير قطاع الكهرباء في إندونيسيا وفيتنام، إلى جانب إطلاق جولات جديدة من مزادات الطاقة المتجددة في الفلبين وتعديل سقف تعرفة الطاقة الشمسية في فيتنام.

كما يمثّل إطلاق اتفاقيات الشراء المباشرة للكهرباء (DPPA) في فيتنام ونظام إمدادات الطاقة المتجددة للشركات (CRESS) في ماليزيا خطوة مهمة لتقليل مخاطر المشترين وجذب المستثمرين، خصوصًا مراكز البيانات التي تسعى لتأمين طاقة نظيفة ومستقرة ومنخفضة التكلفة.

بالإضافة إلى ذلك، يهدد ضعف شبكات نقل الكهرباء في كل من فيتنام والفلبين بتأخير ربط المشروعات الجديدة بالشبكة، ويُعرّض ذلك المستثمرين لخسائر بسبب تقليص الإنتاج، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويدعو تقرير وكالة الطاقة إلى تسريع وتيرة الاستثمار في شبكات الكهرباء لتسهيل دمج مصادر الطاقة الجديدة وتحسين كفاءة الشبكة، بعد أن ارتفعت أسعار المعدّات ومواعيد التسليم إلى الضعف منذ عام 2021، بسبب الضغوط التي تواجهها سلاسل التوريد.

4 توصيات لجذب استثمارات الطاقة النظيفة في المنطقة

يرى التقرير أن خفض تكلفة رأس المال خطوة ضرورية، لكنها غير كافية لتدفُّق استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا دون تعزيز المشروعات المتاحة للتمويل.

ويتطلب ذلك إجراء إصلاحات هيكلية متكاملة تشمل:

• بناء أطر تنظيمية ومالية واضحة لنشر تقنيات الطاقة النظيفة.
• القدرة على التنبؤ والشفافية وتوحيد إجراءات الشراء.
• استمرار تطوير برامج اتفاقيات شراء الكهرباء (PPAs).
• توجيه الاستثمارات نحو تطوير شبكات نقل الكهرباء لتسهيل دمج أصول التوليد الجديدة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

1. استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا، من وكالة الطاقة الدولية