كشفت بيانات حديثة تسارُع وتيرة بناء مرافق تخزين النفط في الصين لتحقيق أمن إمدادات الطاقة في ثاني أكبر بلدان العالم من حيث تعداد السكان.
وتشير تقديرات إلى نمو سعة التخزين المضافة خلال عامي 2025 و2026 إلى 169 مليون برميل، وهو ما يعادل واردات الصين من النفط على مدار أسبوعين كاملين، بحسب البيانات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومنذ بداية العام الجاري حتى مطلع سبتمبر/أيلول، خزّنت الصين (أكبر مستورد للنفط في العالم) نحو 530 ألف برميل يوميًا، وهو ما شكّل دعمًا لأسعار النفط من خلال امتصاص المعروض العالمي، وخاصة خلال الربع الثاني.
وبحسب محللة دولية تستهدف الصين من وراء زيادة مخزونات النفط تحقيق أمن الطاقة للدولة التي تعتمد بشدة على الواردات، وهو ما أصبح أمرًا ملحًّا هذا العام بسبب احتدام المخاطر الجيوسياسية المحيطة بإيران وروسيا.
سعة تخزين النفط في الصين
تبني شركات تابعة للدولة -على رأسها سينوبك والمؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري- 11 موقعًا لتخزين النفط في الصين خلال هذا العام وحتى نهاية عام 2026.
وتصل السعة الإجمالية لمواقع التخزين الـ11 إلى 26.8 مليون متر مكعب، بما يعادل نحو 169 مليون برميل، بما يقارب أسبوعين من واردات الصين من النفط.
وتزيد السعة عمّا يتراوح بين 180 و190 مليون برميل من مرافق تخزين النفط بين عامي 200 و2024.

وتفصيليًا، سيكون 3 مواقع قبالة السواحل الشرقية والجنوبية، بالإضافة إلى 11 موقع تخزين بري في مقاطعتي شانشي ويونان.
وحتى تاريخه، بُنِيَت سعة تخزين 37 مليون برميل من النفط.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت مقاطعة فوجيان في أواخر عام 2021 اعتزامها بناء مرافق لتخزين النفط تحت الأرض بسعة 195 مليون برميل بين عامي 2022 و2026.
مخزونات النفط الصينية
يقول مدير قسم أبحاث سوق النفط في "ستاندر آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) جيم بوركارد، إن متوسط الإضافة لمخزونات النفط الصينية بلغ 530 ألف برميل يوميًا منذ بداية العام حتى مطلع سبتمبر/أيلول المنصرم.
وبحسب الخبير، فقد بدأت فورة المشتريات في مارس/آذار، وبلغ معدل ملء مرافق التخزين عند 60% تقريبًا (أحد أسرع المعدلات السنوية باستثناء عام 2020) بما يترك مساحة للمزيد.
ويصل إجمالي حجم المخزونات بالمواقع البرية إلى 1.4 مليون برميل، وهو ما يزيد على توقعات "ستاندرد آند بورز" لنمو الطلب العالمي على النفط عند 700 ألف برميل يوميًا خلال هذا العام.
وبحسب الخبير، ساعدت المخزونات الصينية في امتصاص الزيادة في المعروض العالمي، وخاصة خلال الربع الثاني من 2025.
ويتوقع تجّار وشركات استشارات أن يستمر تخزين النفط في الصين حتى الربع الأول من العام المقبل على الأقل بدعم من انخفاض أسعار الخام.
لكن اعتماد بكين على واردات النفط المنقولة معظمها بحرًا يمثّل "نقطة ضعف إستراتيجية" بسبب التوترات جيوسياسية التي تؤثّر في أسعار النفط.
والصين من الأسواق الحساسة للأسعار؛ إذ تشتري الكثير من النفط عند انخفاض الأسعار، وتسحب من المخزون عند الارتفاع، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
ولذلك تحاول بكين تخفيف الضغوط من خلال زيادة مخزونات النفط وتنويع مصادر الواردات والحفاظ على مستوى الإنتاج المحلي.
وعلى الناحية الأخرى، تنمو سريعًا سعة الطاقة المتجددة وكهربة أسطول النقل، في الوقت الذي يتراجع فيه الطلب على البنزين والديزل، مع توقعات بالوصول إلى ذروة الطلب على النفط في الصين بحلول عام 2027.
وهنا، يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن السيارات الكهربائية لن تعجّل بموعد ذروة الطلب الصيني على النفط، مشيرًا إلى تحليلات تُظهر أن نحو 75% من التباطؤ في نمو الطلب الصيني يُعزى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
وفيما يتعلق بانخفاض الطلب على البنزين والديزل، قال، إن إنتاج ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح والسيارات الكهربائية يعتمد على مواد، أغلبها من البتروكيماويات المُنتجة من النفط والغاز.
ولذلك، أوضح الحجي أن الطلب على البنزين يمكن أن يصل إلى ذروته، ولكن من غير المحتمل أن يصل الطلب على النفط في الصين إلى ذروته.
معلومات عن مواقع تخزين النفط في الصين
- بُني أول مواقع تخزين النفط في الصين في عام 2006.
- آخر تحديث حكومي رسمي لسعة تخزين النفط كان في عام 2017، بإجمالي 9 مواقع بسعة 238 مليون برميل.
- في أغسطس/آب (2025)، توقعت رابطة صناعة النفط والبتروكيماويات الصين (CPCIA) زيادة سعة التخزين إلى أكثر من مليار برميل، وهو ما يعادل 3 أشهر من الواردات الصافية.
- منذ نهاية عام 2023، أصدرت الحكومة تكليفات للشركات المملوكة للدولة بتخزين النفط (أحدها لشراء 140 مليون برميل للتسليم في مارس/آذار 2026 بغرض التخزين بالمواقع الإستراتيجية).
- تنقسم مخزونات النفط الصينية إلى احتياطي النفط الإستراتيجي (SPR) واحتياطيات تجارية، وكلاهما بغرض الاستعمال في حالات الطوارئ، لكن الأخيرة تتمتع بمرونة أعلى للسحب.
- في يناير/كانون الثاني الماضي (2025)، مُرِّر قانون لتقنين دمج المخزونات الحكومية والتجارية تحت تعريف واحد، هو الاحتياطيات الوطنية.
- تدير شركات النفط الحكومية كل المخزونات النفطية، وتُشرف عليها الإدارة الوطنية للغذاء والاحتياطيات الإستراتيجية.
- توقعت شركة كبلر (Kpler) وصول مخزونات النفط الوطنية والتجارية البرية إلى 799 مليون برميل حتى مطلع سبتمبر/أيلول المنصرم.
- قدّرت شركة فورتيكسا (Vortexa) المخزونات التي تسيطر عليها شركات الدولة، بما فيها مخزونات المصافي عند 735 مليون برميل، بزيادة بمقدار 73 مليون على أساس سنوي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
0 تعليق