بعد عامين من هجوم السابع من أكتوبر.. حرب غزة بين دمار غير مسبوق وتحوّل في نظرة العالم للقضية الفلسطينية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحل اليوم ذكرى السابع من أكتوبر، التاريخ الذي غيّر موازين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفتح فصلًا جديدًا من الحروب الممتدة بين غزة وإسرائيل. حربٌ دخلت عامها الثالث تاركة وراءها آلاف القتلى ودمارًا واسعًا، ومواقف دولية متباينة تتأرجح بين الاتهام والمراجعة وإعادة رسم خرائط التحالفات.

يستعرض تحيا مصر تقرير، يبرز فيه أقوي الخسائر البشرية والاقتصادية والسياسية للطرفين، وفق ما رصدته الصحف العالمية وآراء الخبراء الدوليين، لنرسم صورة دقيقة لمآلات الحرب وأثرها على القضية الفلسطينية ومستقبل المنطقة.

أولًا: غزة بين الأنقاض.. خسائر بشرية واقتصادية هائلة

تشير إحصاءات وزارة الصحة في غزة إلى أن عدد القتلى تجاوز 67 ألف فلسطيني، فيما قُدر عدد الجرحى بنحو 145 ألفًا، بينهم آلاف النساء والأطفال، وفق تقرير لوكالة رويترز.

وأكدت صحيفة الجارديان البريطانية أن أكثر من 90% من مباني القطاع تضررت أو دُمرت جزئيًا أو كليًا، مشيرة إلى أن حجم الدمار “يوازي محو مدينة كاملة من الوجود”.

ومن جانبها كما أظهرت دراسة نُشرت في موقع arXiv العلمي أن ما يقارب 191 ألف مبنى في غزة تعرض للتدمير، ما يجعلها واحدة من أكثر مناطق العالم تضررًا منذ الحرب العالمية الثانية.

وذكرت منظمة أوكسفام أن الحرب تسببت في مقتل أكثر من 11 ألف طفل و6 آلاف امرأة خلال عامين فقط، فيما توفي عشرات الأطفال بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والدواء نتيجة الحصار المفروض على القطاع.

اقتصاديًا، تشير تقديرات أولية إلى أن خسائر غزة تجاوزت 20 مليار دولار، مع انهيار شبه كامل في الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية، وتحول آلاف المدارس والمستشفيات إلى ملاجئ مؤقتة.

ثانيًا: إسرائيل.. كلفة عسكرية باهظة وانتقادات داخلية متصاعدة

رغم تفوقها العسكري، تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة في الأرواح والاقتصاد.

فقد بلغ عدد القتلى الإسرائيليين منذ اندلاع الحرب نحو 1,200 شخص في هجوم حماس الأول، إضافة إلى 466 جنديًا خلال العمليات البرية لاحقًا، وفق ما أوردته رويترز.

وعلى الصعيد المالي، كشفت تقارير عبرية أن الكلفة الإجمالية للحرب قاربت 300 مليار شيكل نتيجة الإنفاق العسكري وتعويضات المتضررين وتراجع السياحة والاستثمار، بينما ارتفعت الديون الحكومية بنسبة 12%.

إلى جانب ذلك، تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة سياسية داخلية بسبب طول أمد الحرب، وتراجع ثقة الجمهور في القيادة، وسط مظاهرات في تل أبيب تطالب بإقالة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة.

ثالثًا: الموقف الدولي.. تحول في الرؤية العالمية للصراع

كما تشير دراسة صادرة عن Pew Research Center الأميركي إلى أن 39% من الأميركيين يعتبرون أن إسرائيل “تجاوزت الحدود” في حربها ضد حماس، مقارنة بنسبة 27% فقط قبل عامين.

هذا و أظهر استطلاع أجرته واشنطن بوست أن 61% من اليهود الأميركيين يعتقدون أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة.

أما على المستوى القانوني، فقد أثارت الحرب دعوات متزايدة للتحقيق الدولي في جرائم الإبادة، حيث وصف تقرير صادر عن The New Humanitarian ممارسات إسرائيل بأنها "استراتيجية إبادة محتملة من الناحية القانونية"، بينما دعت منظمات حقوقية لفرض عقوبات ومقاطعات دبلوماسية.

وفي المقابل، تحاول الدبلوماسية المصرية والأردنية والأوروبية إعادة إحياء مسار التهدئة، عبر مقترحات إدارة انتقالية في غزة تحت إشراف فلسطيني–عربي، مع ضمانات دولية لإعادة الإعمار.

رابعًا: انعكاسات الحرب على القضية الفلسطينية

يرى محللون في Carnegie Endowment أن حرب غزة أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي بعد سنوات من التجاهل، لكنها في الوقت ذاته عمّقت الانقسام الداخلي بين حماس والسلطة الفلسطينية.

كما حذر خبراء من أن استمرار الحصار والتدمير قد يمهد لطرح حلول “إدارية دولية” تُقلص السيادة الفلسطينية الفعلية على غزة.

في المقابل، أدت صور الدمار ومعاناة المدنيين إلى تعاطف عالمي متزايد مع الفلسطينيين، وارتفاع الأصوات الداعية للاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل أوروبا وأميركا اللاتينية.

خامسًا: من خسر الحرب؟ وأين تتجه المنطقة؟

رغم الخسائر المؤلمة للطرفين، يبقى الشعب الفلسطيني الخاسر الأكبر إنسانيًا واقتصاديًا.

أما إسرائيل، فخرجت من الحرب وهي تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة وضغوطًا داخلية، ما يجعل “النصر العسكري” بلا مكاسب استراتيجية واضحة.

ويرى خبراء أن المستقبل سيعتمد على قدرة المجتمع الدولي على تحويل هدنة ما بعد الحرب إلى عملية سياسية حقيقية تعيد الأمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتمنع تكرار المأساة.

بعد عامين على هجوم السابع من أكتوبر، لم يعد الصراع مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة على الرواية والشرعية والضمير الإنساني.

وفي الوقت الذي تتجدد فيه الجهود المصرية والدولية لإحياء الحل السياسي، تبقى غزة شاهدة على أثمان الحرب وقسوة العالم، وتظل القضية الفلسطينية في مفترق طرق بين الذاكرة والوجود.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق