ما إن أطلق الحكم صافرة النهاية معلنا تتويج المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بطلا للعالم، حتى عمت الفرحة شوارع وأحياء الدار البيضاء وباقي أقاليم الجهة، حيث خرجت الجماهير من كل حدب وصوب للاحتفال بإنجاز سيظل محفورا في ذاكرة كرة القدم الوطنية.
وحول هذا الانجاز التاريخي لـ"أشبال الأطلس" أمام المنتخب الأرجنتيني (2-0) ساحات مدينة الدار البيضاء وأزقتها إلى لوحة زاهية ترفرف فيها الأعلام الوطنية وتتعانق فيها الألوان المغربية، وارتفعت الهتافات المدوية "ديما مغرب"، بينما دوت منبهات السيارات وأطلقت الزغاريد من الشرفات والنوافذ في مشهد يختزل وحدة الفرح والفخر الوطني.
وتدفقت الأمواج البشرية على كورنيش عين الذئاب، القلب النابض لاحتفالات البيضاويين، وغصت الساحات والشوارع الرئيسية بالشباب والعائلات، يتبادلون العناق والأهازيج والأعلام، مؤكدين أن هذا التتويج لم يكن مجرد انتصار رياضي، بل لحظة وطنية جامعة أكدت من جديد أن حب الوطن يوحد الجميع.
وامتدت الاحتفالات إلى جميع أحياء المدينة مثل درب السلطان والحي المحمدي وسيدي معروف وبنمسيك، حيث رفعت الأعلام، وعزفت الأناشيد الوطنية، فيما أطلقت الألعاب النارية لتضيء سماء العاصمة الاقتصادية في مشهد احتفالي بديع.
بات المغرب أول منتخب عربي يحرز اللقب العالمي لفئة أقل من 20 سنة محققا ما عجزت عنه قطر، المنتخب العربي الوحيد الذي بلغ النهائي قبل نسخة تشيلي، في عام 1981 عندما خسر أمام ألمانيا الغربية 0-4 في أستراليا.
كما أصبح المغرب ثاني منتخب إفريقي يتوج باللقب بعد غانا التي فازت بنسخة 2009 في مصر على حساب البرازيل بركلات الترجيح 4-3 (الوقتان الاصلي والاضافي 0-0)، علما أنها خسرت نهائيي 1993 في أستراليا أمام البرازيل 1-2، و2001 في الأرجنتين أمام البلد المضيف 0-3. كما خسرت نيجيريا نهائي 1989 في السعودية أمام البرتغال 0-2، و2005 في هولندا أمام الأرجنتين 1-2.
أكد الناخب الوطني، محمد وهبي، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس وضع أسس نهضة كروية حقيقية منحت المغرب اليوم لقب مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة.
وأشاد وهبي، خلال ندوة صحفية أعقبت مباراة التتويج بكأس العالم على حساب الأرجنتين (2-0)، بالرؤية المتبصرة لجلالة الملك، الذي أرسى أسس نهضة كروية حقيقية وشاملة من خلال إحداث أكاديمية محمد السادس لكرة القدم وإنشاء الفيدراليات الجهوية للرياضة.
وتابع أن هذه البنيات التحتية النموذجية كانت وراء بروز جيل من المواهب التي حملت مشعل كرة القدم المغربية، مشيرا إلى أن "التتويج باللقب العالمي يعد ثمرة طبيعية لكل هذه الجهود المبذولة على مدى سنوات طويلة، وأنا أنا فخور بهذا الإنجاز الذي سيبقى خالدا في ذاكرة كرة القدم المغربية".
وقال وهبي "اليوم نتوفر على فريق كان مستعدا فعلا للفوز بكأس العالم"، مبرزا أن المنتخب المغربي تفوق على واحد من أقوى المنتخبات العالمية، عن جدارة واستحقاق.ونوه وهبي بالعمل الكبير والجاد الذي قام به طاقم المنتخب الوطني، مؤكدا أن هذا الطاقم "له دور بارز في هذا التتويج، ولست وحدي فقط".
وأضاف وهبي أن هذا اللقاء كان "من أجل كتابة التاريخ"، مبرزا أن الانتصار على الأرجنتين والتتويج بكأس العالم يشكلان امتدادا طبيعيا لما حققته كرة القدم المغربية خلال السنوات الأخيرة، سواء في مونديال قطر أو مع منتخبات مختلف الفئات السنية.
وشدد الناخب الوطني على أن سقف الطموحات أصبح اليوم عاليا أكثر من أي وقت مضى، مبرزا أن الإنجازات المتتالية لكرة القدم المغربية تشكل فرصة حقيقية تلهم شريحة واسعة من الشباب المغربي لبلوغ أعلى المراتب، ليس في الميدان الرياضي فقط، بل في مختلف المجالات.
ونوه وهبي بالدعم الكبير الذي حظي به "أشبال الأطلس" من الجماهير الشيلية التي ساندت المنتخب منذ انطلاق البطولة، معربا عن تقديره لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي خص بها الشعب الشيلي البعثة المغربية طوال فترة المنافسات.
وبخصوص المباراة النهائية، أوضح وهبي أنها كانت أمام منتخب عريق يجر وراءه تاريخا طويلا من الألقاب والتجارب، مشيرا إلى أن الكتيبة الوطنية كانت تدرك جيدا الطابع الهجومي والحدة البدنية التي تميز المنتخب الأرجنتيني، لذلك "كان من الضروري الحفاظ على برودة الأعصاب والالتزام بالانضباط التكتيكي، وهو ما نجحنا في تطبيقه بشكل ممتاز، مما دفع المنافس إلى ارتكاب أخطاء كثيرة كلفته الحصول على بطاقات صفراء".
وعلى المستوى التكتيكي، قال الناخب الوطني إن "الأشبال" بادروا بالتسجيل من خلال التوغل في خطوط دفاع الخصم وأهدروا فرصا أخرى، مضيفا أن العناصر الوطنية دافعت بشكل جيد داخل مربع العمليات.وبهذا الإنجاز يبصم المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 20 سنة على مسار استثنائي وتاريخي في هذا المونديال بتفوقه على العديد من المنتخبات المجربة في هذه المنافسة، خصوصا المنتخب الإسباني والبرازيلي والأمريكي والفرنسي.
0 تعليق