تواجه صادرات الفحم الحراري الأسترالية عاصفة من التحديات؛ نتيجة التغيرات الحاصلة في مزيج الطاقة العالمي، وتراجع الطلب في الأسواق الرئيسة.

ولطالما كانت الصين المحرك الأكبر لنمو الطلب العالمي على الفحم الحراري خلال السنوات الماضية، إلى جانب أسواق جنوب شرق آسيا، وهو ما عوّض تراجع الطلب في الأسواق المتقدمة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.

غير أن التحول الحاصل في الصين، والاتجاه الإقليمي نحو الطاقة المتجددة وحلول تخزين الكهرباء؛ وضعت صادرات الفحم الحراري الأسترالية أمام معادلة صعبة، في ظل احتدام المنافسة من إندونيسيا وروسيا الأقرب جغرافيًا والأقل تكلفة.

وأشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إلى أن المشهد الجديد يرسم صورة قاتمة لمصدري الفحم الحراري الأسترالي المنقول بحرًا.

تحديات أمام صادرات الفحم الحراري الأسترالية

كشف التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي عن مجموعة من العوامل التي تهدّد صادرات الفحم الحراري الأسترالية مستقبلًا.

فخلال النصف الأول من العام الجاري، سجلت الصين انخفاضًا في انبعاثات قطاع الكهرباء بنسبة 3%، بعدما عوّض إنتاج الطاقة الشمسية الارتفاع في الطلب على الكهرباء.

وتزامن ذلك مع انخفاض إجمالي استهلاك الفحم في البلاد، واستقرار استهلاك باقي أنواع الوقود الأحفوري.

وتوقعت الرابطة الوطنية لصناعة الفحم في الصين تراجع استهلاك الفحم الحراري لتوليد الكهرباء بنسبة 0.5% بحلول 2030، مقارنة بعام 2024، فيما سيرتفع إجمالي استهلاك الفحم بنسبة 2%.

والأهم أن الصين أعلنت -مؤخرًا- خفض إجمالي الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 7 و10% بحلول 2035.

بالإضافة إلى ذلك، ستتجه الصين إلى تعزيز إنتاجها المحلي، ونتيجة لذلك تتوقع الرابطة الوطنية انخفاض واردات الفحم الحراري بنسبة 22% خلال العام الجاري، مقارنة بعام 2024، مع توقعات بهبوط الواردات بأكثر من الثلث، بحلول 2030.

وإقليميًا، باتت الطاقة المتجددة وبطاريات تخزين الكهرباء أكثر تنافسية من حيث التكلفة من محطات الكهرباء العاملة بالفحم، فضلًا عن زيادة الاستثمارات في قطاعي الغاز والطاقة النووية، ما يفاقم تراجع الطلب على الفحم.

وتضم القارة نحو 75% من المفاعلات النووية قيد الإنشاء حول العالم، منها 50% في الصين وحدها.

ويوضح الرسم الآتي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك الفحم العالمي بين عامَي 2014 و2024:

محطات الكهرباء العاملة بالفحم في الصين وجنوب شرق آسيا

أظهر التقرير أنه رغم أن الصين ودول الآسيان ما زالت تمتلك خططًا ضخمة لبناء محطات فحم جديدة، إذ تبلغ المحطات في مراحل الإنشاء وما قبل الإنشاء 400 غيغاواط في الصين و20 غيغاواط في دول الآسيان؛ فإن معدلات التشغيل آخذة في الانخفاض.

وتشير بيانات عام 2024 إلى تراجع معدل تشغيل هذه المحطات إلى قرابة 50%، وسط توقعات بانخفاضه ليتجاوز 26% بحلول 2050، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وفي جنوب شرق آسيا، تشهد مشروعات الكهرباء بالفحم قيد الإنشاء تراجعًا في السنوات الأخيرة مع تحول المنطقة إلى الطاقة المتجددة والغاز.

وحاليًا، أصبحت سعة مشروعات الطاقة المتجددة قيد التطوير تفوق نظيرتها العاملة بالفحم بـ10 أضعاف، فيما تتجاوز قدرات توليد الكهرباء بالغاز قيد الإنشاء 3 أضعاف قدرات الفحم.

ورغم أن منتجي الفحم يعدون تقنية احتجاز الكربون وتخزينه طوق نجاة محتملًا في ظل التحول نحو خفض الانبعاثات، فإن ارتفاع التكلفة والصعوبات التقنية تجعلها خيارًا غير واقعي لخفض انبعاثات محطات الفحم.

ويمثّل تطوير الطاقة المتجددة مع أنظمة التخزين تكلفة أقل وأكثر جدوى من تركيب تقنيات احتجاز الكربون في محطات الفحم القائمة.

وحسب الرسم الآتي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تتصدّر الصين قائمة أكثر الدول توليدًا للكهرباء بالفحم في 2024:

صادرات الفحم الحراري الأسترالية تواجه منافسة

تواجه صادرات الفحم الحراري الأسترالية منافسة شرسة مع صعود الإمدادات الإندونيسية والروسية.

فإندونيسيا، التي أصبحت المورد الأول للفحم الحراري إلى الصين وجنوب شرق آسيا، استحوذت على الحصة الأكبر من نمو الواردات في السوقَيْن.

كما زادت بكين وارداتها من الفحم الروسي إلى 3 أضعاف تقريبًا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ورغم الآمال التي كانت معلقة على التحول نحو محطات فحم أكثر كفاءة لخفض الانبعاثات، يبدو أن ثمة ميلًا لصالح الفحم منخفض الجودة الذي توفره إندونيسيا وتنتجه الصين محليًا، لما يتمتع به من حوافز مالية.

وخلال شهر أبريل/نيسان الماضي، ظهرت توقعات بانخفاض عائدات صادرات الفحم الحراري الأسترالية من 34 مليار دولار في 2024-2025، إلى قرابة 22 مليار دولار بحلول 2029-2030، بحسب موقع "ذا كول هب".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

1. تحديات صادرات الفحم الحراري الأسترالية من معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي
2. عوائد صادرات الفحم الحراري الأسترالية من ذا كول هب