انطلاق الموسم الفلاحي وشبح الجفاف .. المؤشرات المائية تنذر بعام صعب - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في انتظار انفراج أسارير الموسم الفلاحي الجديد في المغرب بتساقطات مطرية يعوّل عليها لاستعادة الانتعاش الوضع المائي، تستمر بيانات رسمية عن الحالة اليومية لحقينات السدود بالمملكة في إظهار مؤشرات قلق متزايد، مسجلة في منحى انخفاضها المتواصل منذ بداية الصيف الأخير نسبة ملء إجمالي عند 31.89 في المائة اليوم الأحد.

وباستقراء جريدة هسبريس للبيانات الرسمية للمديرية العامة لهندسة المياه بوزارة التجهيز والماء المحصورة إلى غاية اليوم الأحد، أظهرت الوضعية العامة لحقينات السدود حالة مستقرة رغم تحسّنها النسبي مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي؛ إلّا أن المؤشرات المرتبطة ببداية الموسم الفلاحي مع استحضار معطى تأخر “أمطار أكتوبر” تزيد من تعداد الهواجس.

وبالأرقام، بلغ إجمالي الطاقة التخزينية لجميع السدود المحصاة ما مجموعه 16762,51 مليون متر مكعب، تختزن في مجملها الحجم الحالي للمياه بـ5346,18 مليون متر مكعب؛ ما يمثل بالنسبة 31.89 في المائة من السعة الإجمالية، وهو مستوى “مرتفع نسبيا” (بأزيد من نقطتيْن مئوية) مقارنة بالفترة نفيها من العام الماضي (حين بلغ 29.21 في المائة) وبعض السنوات الماضية؛ و”مقابل 40 في المائة خلال ماي 2025″، حسب إفادة وزير التجهيز والماء، نزار بركة، الثلاثاء الماضي خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين.

يأتي هذا في ظل تواتر “مؤشرات مقلقة” تَرفع من منسوب المخاوف مع انطلاقة للموسم الفلاحي 2025-2026 يخيم عليها “شبح الجفاف” الذي كان أثّر بتداعياته القوية على مخزونات الموارد المائية سواء السطحية أو الجوفية، وكذا على جزء من محاصيل ومردودية معظم سلاسل المنتجات الفلاحية خلال السنوات الأخيرة.

ويؤشر المستوى الحالي لحقينات السدود المغربية إلى “نقص عام” في المياه الجوفية والسطحية؛ ما قد يؤثر على بداية الموسم الفلاحي ويزيد من المخاطر المتعلقة بالري والتزود بالمياه الصالحة للشرب، لا سيما بعدد من الحواضر التي تقع في مناطق أحواض مائية مهددة بالإجهاد المائي.

ويعود التحسن الذي عرفته عدد من الأحواض، خاصة بالنصف الشمالي للبلاد، إلى تساقطات مطرية مهمة خلال الموسم الفلاحي الماضي 2024/2025، لا سيما في فترات متأخرة من ربيع العام الجاري.

بالانتقال إلى وضعية الأحواض المائية فإنها ما زالت عاكسة للتباين مجاليا بين أحواض الشمال والجنوب؛ بل وفي تراب الحوض المائي ذاته، في بعض الأحيان.

وسجل مجمل حوض “اللوكوس” نسبة ملء استقرت عند 46.26 في المائة، الأحد، أي فوق المتوسط الوطني؛ لكنها عكست تباينا شديدا بين السدود (12,24 في المائة في سد محمد بن عبد الكريم الخطابي ومستويات تفوق 70 في المائة إلى 80 في المائة في كل من سدّيْ وادي المخازن والشريف الإدريسي).

كما استمر حوض “أبي رقراق” في صدارة أكثر الأحواض المائية امتلاء بالمملكة بنسبة إجمالية 63,33 في المائة؛ مدفوعا بنسبة ملء مرتفعة لسد سيدي محمد بن عبد الله بـ67,23 في المائة، حسب الأرقام الرسمية ذاتها.

ولا يفارق “الوضع المائي الحرج” ما يختزنه حوض “أم الربيع” بنسبة ملء لا تتجاوز أدنى من 10 في المائة، رغم أنه كان شريان عددٍ من المناطق الفلاحية المغربية بالسهول الأطلسية الوسطى (تادلة ودكالة) إلى وقت قريب.

تبعا لتلك الأرقام، تتعالى تحذيرات جدية من أنّ بقاء سدود مثل المسيرة وبين الويدان عند هذه المستويات الحرجة يؤكد ارتفاع مخاطر ندرة المياه على الزراعة ومياه الشرب في هذه المناطق؛ مما يؤكد “توقعات الموسم الجاف”.

الأمر ذاته ينسحب على الحوض المائي لجهة الشرق “ملوية”، حيث لا تتجاوز نسبة الملء 28,5 في المائة. كما يتجسد أيضا في “استمرار ضعف المخزون” في حوض “سوس ماسة”، إذ رغم التحسن النسبي فإن نسب الملء تبقى منخفضة جدا في حوض يمثل قطبا فلاحيا تصديريا مهما؛ مما يفرض “ضغطا كبيرا متناميا على المياه الجوفية، طالما شكّل مدار تحذيرات خبراء مائيين وزراعيين.

وعلى الرغم من أن التحسن النسبي السنوي في مستويات الحقينة والمخزونات يُبقي بعض الأمل، فإنه “تحسن هش وموزع بشكل غير متكافئ”؛ فما زال التحدي الأكبر قائما في الأحواض المائية الاستراتيجية الوسطى والجنوبية (أم الربيع وسوس ماسة) التي توجد في وضع حرج يهدد الأمن المائي والغذائي للمناطق التي تعتمد عليها، في وقت يغذي هذا التفاوت المخاوفَ من موسم فلاحي صعب، ويتطلب تدخلا عاجلا لترشيد استهلاك المياه، خاصة في الفلاحة، استعدادا لـ”سيناريو موسم جاف”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق