الاستقطاب المعلوماتي للذكاء الاصطناعي.. والأمن الاجتماعي - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أصبحت تقنيات التوصيات عبر الذكاء الاصطناعي تمثل خطر كبير على الامن الاجتماعي لانها تدفع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للتوحد مع أفكارهم ومعتقداتهم فقط وهو ما يؤثر على التنمية المستدامة ومستقبل الاجيال القادمة.

حيث تسهم خوارزميات "التوصية"، خصوصاً فى منصات التواصل الاجتماعي، فى خلق "فقاعات تصفية" (Filter Bubbles) تظهر للمستخدمين فقط ما يتفق مع آرائهم ومعتقداتهم الحالية، مما يخلق عزلة فكرية لدي المستهلكين، ويحد من الانفتاح على وجهات النظر المختلفة.

وفي كثير من الاحيان، تعزز هذه الأنظمة المحتوي المثير للانقسام بهدف زيادة التفاعل، مما يؤدي إلي التصلب المواقف وتعميق الاستقطاب المجتمعي، بالاضافة الى تأثيرها فى التفضيلات الثقافية.

وأشار تقرير صادر عن مركز المعلومات لمجلس الوزراء فى تحليل عن هذه التقنية الخطيرة للذكاء الاصطناعي "أن التداخل بين الذكاء الاصطناعي والاقتصاد السلوكي أنه سلاح ذو حدين، فمن ناحية يفتح افاقاً غير مسبوقة لفهم السلوك الانساني بدقة اكبر وتطوير ادوات لصنع سياسات عامة أكثر فاعلية واستهدافاً، بل والمساهمة فى تعزيز تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات"، ومن ناحية أخري، يثير هذا التداخل تحدياً بالغة التعقيد ترتبط بقضايا الخصوصية، والتحيزات الخوارزمية، وأحتمالات توجيه السلوك البشري بطرق قد تستغل بشكل سلبي.

ويحتاج دمج الذكاء الاصطناعي مع الاقتصاد السلوكي الى تبني سياسة متوازنة ما بين تعزيز فهم الافراد وصنع سياسات أكثر دقة موجهة لهم لتقديم خدمات افضل واسرع واكثر دقة، وفي الوقت ذاته تضع ضوابط واضحة وصارمة للحد من المخاطر المحتملة، وبخاصة تلك المرتبطة بالخصوصية والعدالة وحماية حرية الاختيار.

وبناء على ما سبق أن هذه الخطورة تتوقف على قدرة صانعي القرار والباحثين على ادارة هذا التداخل بوعي ومسؤولية لحماية الامن الاجتماعي ومستقبل الاجيال القادمة والتنمية المستدامة.

مصر وحوكمة الذكاء الاصطناعي

وطبقا لتقرير استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مجلس الوزراء أن مصر تستهدف تأسيس مرصد وطني لمراقبة مخاطر الذكاء الاصطناعي؛ لرصد وتقييم المخاطر الأخلاقية والاجتماعية والأمنية المصاحبة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، ويتم العمل بهذا المحور من خلال إنشاء هيئة تنظيمية واضحة، ووضع هيكل تنظيمي شامل، وإطار أخلاقي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، وتحقيق السلامة وتعزيز الأخلاقيات في هذا المجال، ويأتي ذلك من خلال العمل على استهداف إطلاق مبادرتين رئيستين هما:
1- مبادرة "النظام الوطني التنظيمي للذكاء الاصطناعي في مصر"، وذلك من خلال عدد من الإجراءات الرئيسة التي يتم العمل عليها في إطار هذه المبادرة وهي: إنشاء مركز الذكاء الاصطناعي المسؤول، وصياغة قانون للذكاء الاصطناعي في مصر، وإصدار دليل إرشادي مفصل للميثاق المصري للذكاء الاصطناعي بشأن الاخلاقيات والذكاء الاصطناعي المسؤول.

2- مبادرة "المشاركة في النقاشات العالمية والإقليمية بشأن الذكاء الاصطناعي"، وذلك لتعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي، واستغلال نقاط القوة لدى الدولة لدفع الابتكار، وتبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتتمثل الإجراءات المخطط اتخاذها في إطار هذه المبادرة في: تعزيز التعاون والمشاركة على المستوى العربي وعلى المستوى الإفريقي، والمشاركة الفعالة في النقاشات العالمية مع مختلف أصحاب المصلحة.

ومن هنا نطالب من المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي بصفته المسئول عن ملف الذكاء الاصطناعي وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030الأتي :

• ضرورة سرعة أتخاذ اجراءات اكثر فاعلية نحو القانون الجديد للذكاء الاصطناعي لحماية الأمن الاجتماعي المصري والتنمية المستدامة ! 
• عمل حوار مجتمع حول شكل التشريع القانوني الجديد بمشاركة كل الهيئات الحكومية والخاصة المختلفة!
• دعوة النقابات المهنية فى تقديم مقتراحاتهم فى شكل القانون الجديد ويقدم كلا منهم رؤية حول الذكاء الاصطناعي.!
• أهمية تفعيل توجيهات رئيس الجمهورية فى أغسطس الماضي لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بصفته رئيس المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي بضرورة تبني استراتيجيات واضحة ومبادارات أكثر فعالية على ارض الواقع ونشر ثقافة الذكاء الاصطناعي!
• ضرورة عمل ورش عمل ومحاضرات بالمدارس والجامعات للتوعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي!؟
• أهمية الاستفادة من مجلس المحافظين وتوجيهات رئيس الوزراء للمحافظين بنشر ثقافة الذكاء الاصطناعي بالمحافظات وللموظفين الحكوميين للحد من مخاطره والاستفادة من تقنياته لرفع كفاءة العمل الاداري والفني بالمحليات.

وبعد أن الذكاء الاصطناعي كلمة واسعة تضمن الكثير من الايجابيات والمخاطر فى وقت واحد وحوكمته عن طريق أطار تشريعي قوي وواضحسيكون هو طوق النجاة لحماية المجتمع وأمنه والاجتماعي والتنمية المستدامة للاجيال القادمة.

أخيراً نحن على ثقة من أهتمام الدولة المصرية من ملف الذكاء الاصطناعي والامر يحتاج متابعة وفعالية فى التنفيذ لكل توجيهات الرئيس وتنفيذ حقيقي على ارض الواقع للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي بكل مبادراتها الـ 21 ومحاورها الـ 6 بشكل اكبر وفعالية أوسع من أجل مستقبلنا الذي نريده افضل باذن الله.

د. محمد كمال
باحث فى مجال الذكاء الاصطناعي 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق