مصر كانت ولا زالت في قلوبنا جميعاً من أبناء المحيط إلى الخليج العربي، ثم تتالت زياراتي لمصر في مناسبات كثيرة رسمية، وخاصة ومن أبرزها أيام مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون حيث تقام برامج متعددة تشمل المسابقات بين البرامج من جميع الدول العربية في مجالات الدراما والمنوعات والأغاني المصورة والبرامج التسجيلية ويشارك فيها لجان تحكيم على مستوى رفيع وتتم مناقشة البرامج المقدمة في حوار ثقافي علمي يتسم بالاحترام المتبادل ونقل الخبرات العربية الوطنية بما يثري المعرفة والتحليل في جو أخوي علمي متخصص، بالإضافة إلى إقامة ندوات فكرية في مجالات الإعلام المختلفة المرئي والمسموع والمقروء، وإقامة معرض تقني لأجهزة الإذاعة والتليفزيون قبل وجود الكمبيوتر وتقسيماته الحديثة، بالإضافة إلى لقاءات أخوية بين الإعلاميين. كانت البداية بفندق ماريوت بالزمالك، ثم عندما افتتحت مدينة الإنتاج الإعلامي بمنطقة مدينة أكتوبر انتقل المهرجان السنوي إلى تلك المدينة الرائدة المتميزة؛ فكانت فرصة للإطلاع على الأعمال الدرامية التي كانت تنتج في مدينة الإنتاج بكفاءة ومقدرة وعلم وإبداع أثرت شاشاتنا العربية بتلك المسلسلات والتمثيليات التي شارك فيها كبار الكتاب والمخرجون والممثلون وكل عناصر الإنتاج المبدعة.
كان مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون المكان المناسب لتجمع المبدعين العرب في مختلف المجالات، وكيف لا يكون ذلك ومصـر قلعة الإبداع والفن والثقافة والعلم. كان من يفوز في مهرجان القاهرة بمثابة شهادة رسمية للتفوق في الإبداع، وأحمد الله جلت قدرته أن فازت في أحد الأعوام مملكة البحرين بثلاث عشرة جائزة إبداعية في مجالي الإذاعة والتليفزيون وبينهم جائزتين في الدراما الإذاعية والتليفزيونية.
وكانت فرحة كبيرة لنا ذهبنا إلى منطقة الحسين بعد ختام المهرجان وإعلان النتائج لنحتفل بهذا الإنجاز في مقهى الكاتب الكبير المبدع المرحوم نجيب محفوظ في منطقة الحسين، وشاركنا الأخوة المصريون والعرب بهذه الفرحة التي تنم عن تكاتف وتآزر المبدعين العرب وكان لي شرف أن أكون عضواً في اللجنة العليا لمهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون مع زملائي المسؤولين المصريين وبعض الأخوة العرب. إن الحرص على إقامة هذا المهرجان سنوياً لا يقل أهمية عن إقامة مهرجان القاهرة للكتاب الذي نفخر كأمة عربية بهذا الإنجاز المشرف الذي نعتز به كون المهرجان استطاع أن يثير الاهتمام وأن تحتضن بلادنا العربية مهرجانات للكتاب مماثلة؛ فهناك مهرجان مملكة البحرين للكتاب ومهرجان المملكة العربية السعودية الشقيقة ومهرجان دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في الشارقة وأبوظبي ودبي، كما نحيي المهرجانات المماثلة في مختلف دولنا العربية فهذا المهرجان هو رمز الثقافة والإبداع والحرص على مكانة بلادنا العربية بما تملك من ذخائر نعتز بها ونفخر، فهي تبقى في الوجدان، ومع التقنية الحديثة تضاف إلى أهمية مثل هذه المهرجانات.
ولا ننسى مهرجان اتحادات الدول العربية الذي يقام بمدينة تونس مقر الاتحاد بالإضافة إلى مهرجان الخليج للإذاعة والتليفزيون الذي يقام كل سنتين بمملكة البحرين.
إن القاهرة بما تحمله من ذكريات وطنية وقومية وإنتصارات وريادة في مجال الثقافة والعلم والتعليم والإعلام تظل نبراساً للكثير من الإبداعات، وأبناء بلادنا العربية يشعرون بأن مصر هي وطنهم الثاني، وعندما كان لي شرف تمثيل بلادي مملكة البحرين بمكرمة ملكية سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم بأن أكون سفيراً لمملكة البحرين في جمهورية مصر العربية وسفير غير مقيم بجمهورية السودان والمندوب الدائم لمملكة البحرين لدى جامعة الدول العربية شعرت بالمسؤولية الملقاة على عاتقي كون ما يربط مملكة البحرين بجمهورية مصر العربية ومن وشائج علاقات في مختلف المجالات ومواقف مشرفة نعتز بها ونفخر بأن من واجبي أن يكون عملي يتناسب مع ما يربط البلدين من وشائج وصلات تاريخية راسخة، وإذا كنا نحن الجيل الذي تعلم دروس في مدارسنا الابتدائية والإعدادية الثانوية على المناهج الدراسية المصرية وتعلمنا على أيدي أساتذة ومربين مصريين فليس بغريب أن نتعلق بمصر الحضارة والتاريخ والثقافة والعلم ونزور مصر في كل المناسبات ونلقى من الأشقاء المصريين كل الترحيب، فإني أتساءل كيف للأحفاد أن يتعلقوا بمصر ويفرحوا بزيارة القاهرة كلما أتيحت لهم الفرصة، وبالتأكيد هذا يعني أن الأصالة والتميز والإحساس بالحب والترحيب يخلق توارثاً لا غنى لنا عنه.
فهنيئاً لمصر ورئيسها وحكومتها وشعبها هذا الحب المتوارث جيلاً عن جيل.
أودع مصر، وكما يقال دائماً نودعكم على أمل اللقاء بكم في أقرب وقت وفرصة ممكنة فالأماكن بأهلها وارتباطنا كأبناء الأمة العربية موصول بمصر وأهلها، ونشعر بأننا في بيتنا، تجمعنا الأواصر التاريخية والعلاقات الأخوية التي لا تحدها حدود، بل هي راسخة في الوجدان والعقل والقلب.
الله يكتب لنا العمر فنزور مصر وأهلها الذين تركوا في نفوسنا ولا يزالون الأثر الطيب والعشرة الإنسانية الراقية، حفظ الله أمتنا وأدام علينا الأمن والاستقرار والدعة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
0 تعليق