اقرأ في هذا المقال
- طاقة الرياح البحرية ركيزة في خطط أوروبا بشأن الطاقة المتجددة
- تقل أسعار توربينات الرياح الصينية عن نظيراتها الأوروبية والأميركية
- مقاومة الهيمنة الصينية على طاقة الرياح مسألة مكلفة
- تُعد بريطانيا البلد الأوروبي الوحيد الذي يحقق تقدمًا في طاقة الرياح
- ينبغي على البلدان الأوروبية تطوير سلاسل إمدادات محلية في طاقة الرياح
يقف قطاع طاقة الرياح البحرية في أوروبا عند مفترق طرق نتيجة الهيمنة الصينية على سلاسل إمدادات الصناعة النظيفة عالميًا، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وتمثّل طاقة الرياح البحرية ركيزة رئيسة في خطط الاتحاد الأوروبي الطموحة لمضاعفة حصته من المصادر المتجددة، غير أن التحديات العديدة، بما في ذلك المنافسة الشرسة من المُصنّعين الصينيين وتوصيلات الشبكة والتكاليف المرتفعة واختناق سلسلة الإمدادات، قد تعرقل التقدم السريع المطلوب لتحقيق هذا الهدف.
وتقل أسعار توربينات الرياح الصينية بنحو 20% عن نظيراتها المُصنّعة في أوروبا وأميركا، وفق تقديرات بلومبرغ نيو إنرجي فايننس (BloombergNEF)، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وخفّضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو طاقة الرياح البحرية على مدى السنوات الـ5 المقبلة بنسبة 25% إلى 140 غيغاواط، بسبب تحديات التكلفة والتغييرات السياسية في الولايات المتحدة.
مخاوف متزايدة
تزداد مخاوف الحكومات الأوروبية الساعية إلى التوسع في طاقة الرياح البحرية إزاء الشركات الصينية التي تتنامى حصتها في الصناعة، وفق مقال للكاتب المتخصص في شؤون الطاقة في "رويترز"، رون بوسو.
ويرى كاتب المقال أن مقاومة الهيمنة الصينية على طاقة الرياح البحرية ستكون مسألة مكلفة وستستغرق وقتًا طويلًا.
غير أنه أشار إلى أن الضغوط السياسية ومخاوف الأمن القومي ربما لا تعطي المنطقة سوى خيارات محدودة في هذا الخصوص.
ويرى أن طاقة الرياح البحرية هي حجر الزاوية بالنسبة إلى إستراتيجية الطاقة النظيفة التي تتبناها دول شمال أوروبا؛ إذ إنها تقدم بديلًا موثوقًا للبلدان التي تنخفض فيها موارد الرياح والشمس، ولكنها تكافح من أجل خفض انبعاثات غازات الدفيئة وتقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري.
وتابع بوسو: "منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، خفّضت أوروبا مشترياتها من النفط والغاز الروسيَّيْن بصورة حادة، غير أنها استبدلت به واردات الغاز المسال الأميركية؛ ما يعني أنها استبدلت اعتمادًا بآخر".
وواصل: "ومع ذلك تعتمد تقنية طاقة الرياح على قوة أجنبية، نظرًا إلى الدور المحوري الذي تؤديه الصين في سلسلة إمدادات طاقة الرياح بدءًا من مغناطيسات المعادن النادرة إلى التوربينات والشفرات".
واستطرد في حديثه قائلًا: "الدور الصيني في ذلك القطاع صار مصدرًا للجدل الساخن بين الحكومات الأوروبية والصناعة".
بريطانيا بقعة مضيئة
تبرز بريطانيا البلد الأوروبي الوحيد الذي يمضي على خطى ثابتة في قطاع طاقة الرياح البحرية؛ إذ تستهدف مضاعفة سعتها 3 مرات بحلول عام 2030 إلى ما يتراوح من 43 و50 غيغاواط، من نحو 15 غيغاواط حاليًا، وفق كاتب المقال.
واستشهد بشركة "مينغ يانغ سمارت إنرجي" Ming Yang Smart Energy الصينية المصنعة لتوربينات الرياح التي أعلنت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري خططًا لاستثمار ما يصل إلى ملياري دولار في مصنع بإسكتلندا.
ويأتي إعلان "مينغ يانغ سمارت إنرجي" خططها بعد شهر من إبرام شركة أوكتوبس إنرجي (Octopus Energy) –وهي أكبر مورد للكهرباء في بريطانيا- اتفاقية مع الأولى لاستكشاف فرص تطوير سعة طاقة رياح قدرها 6 غيغاواط.
وقالت "مينغ يانغ" في إعلانها إن منشأة تصنيع التوربينات الواقعة في قرية أرديرسير ما تزال بحاجة إلى موافقة الحكومة البريطانية.
وقت عصيب
يواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قرارًا صعبًا؛ إذ إن الموافقة على صفقة طاقة الرياح الكبيرة تلك ينبغي أن تدعم طموحات الطاقة الخضراء للحكومة.
ويأمل ستارمر في أن تسهم الصفقة بتعميق العلاقات التجارية مع بكين، غير أنها قد تلقى معارضة من قِبل التيارات المحلية المؤيدة للاستقلال عن القوى الخارجية في قطاع الطاقة.
في الوقت نفسه، طالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الدول بتجنّب التعامل التجاري مع الصين مع تفاقم التوترات التجارية بين أكبر اقتصادَيْن في العالم.
مراجعة أوروبية
لا تُعد بريطانيا البلد الوحيد الذي يعيد التفكير في دور الصين بصناعة الرياح لديه، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ففي العام الماضي أطلقت المفوضية الأوروبية مراجعةً بشأن مصنعي التوربينات الصينيين استجابةً لمخاوف الصناعة من أن تهدد الواردات رخيصة التكلفة القدرة التنافسية للشركات الأوروبية.
وفي أغسطس/آب الماضي ألغت شركة لوكسكارا (Luxcara) الألمانية، المتخصصة في إدارة الأصول، اتفاقية مع "مينغ يانغ سمارت إنرجي" لتوريد التوربينات إلى مزرعة الرياح المملوكة للأولى في الجزء التابع لألمانيا في بحر الشمال.
وقال كاتب المقال إن حماس المستثمرين في قطاع طاقة الرياح البحرية الذي كان يُنظَر إليه على أنه نموذج لتحول الطاقة، قد تراجع في السنوات الأخيرة نتيجة التكاليف المرتفعة وعدم اليقين التنظيمي.
وما فاقم الأوضاع، والكلام للكاتب، هو عداء ترمب الصريح لتوربينات الرياح؛ ما نتج عنه تأجيل مشروعات رياح ضخمة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا وتايوان وكوريا الجنوبية.
ويبيّن الرسم البياني الآتي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- القدرة التراكمية لطاقة الرياح في أوروبا خلال المدة من عام 2014 إلى عام 2024:

حلول متاحة
لخفض اعتمادها على الصين في قطاع الرياح البحرية يمكن للحكومات الأوروبية أن تستحدث سياسات وتقدم تحفيزات لتشجيع تطوير سلاسل إمدادات محلية، لا سيما بالنسبة إلى المكونات المتطورة مثل التوربينات وتقنيات البرمجة.
لكن يرى الكاتب أن هذا سيستغرق الكثير من الوقت، موضحًا أن مصنعي التوربينات الغربيين ما يزالون بحاجة إلى الوصول للمعادن النادرة والمغناطيسات المصنعة منها، التي ما تزال خاضعة لهيمنة الصين.
وتابع: "من الممكن أن يتراجع اعتماد أوروبا على الصين في طاقة الرياح البحرية إذا نجحت الحكومات الغربية في تطوير سلاسل إمدادات في صناعة المعادن النادرة، لكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها".
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن طاقة الرياح ربما تساعد في النهاية أوروبا في تطوير طاقة نظيفة آمنة وميسورة التكلفة، غير أن هيمنة بكين حاليًا على تلك الصناعة تعني أن طريق أوروبا نحو هذا الهدف لن يكون مفروشًا بالورود أبدًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
1.طاقة الرياح البحرية في أوروبا مأزومة بسبب الصين من رويترز.









0 تعليق