جيسيكا عبيد: فرص لتخزين الكهرباء في السعودية والإمارات.. ومشروع المغرب يواجه 3 عقبات (حوار 2/2) - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ترى مستشارة السياسات العامة للكهرباء، الشريكة المؤسسة في شركة نيو إنرجي كونسلت، المهندسة جيسيكا عبيد، أن منطقة الخليج العربي وعددًا من دول شمال أفريقيا تملك فرصًا ذهبية للاستفادة من الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية.

وتتمتع دول الخليج وشمال أفريقيا بمعدلات إشعاع شمسي مرتفعة للغاية، من شأنها الاستفادة من توليد الطاقة الشمسية بقدرات عالية، على مساحات صحراوية شاسعة.

وفي الجزاء الثاني من حوارها مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أوضحت جيسيكا عبيد أن تخزين الكهرباء يكتسب زخمًا في كل من السعودية والإمارات.

وفي الوقت ذاته، أشارت إلى أن الاستثمار العربي في مجال التخزين ما يزال أقل بكثير مما هو مطلوب لمواكبة الطلب المتسارع على الكهرباء في المنطقة، والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة.

ويمتد الحديث مع المهندسة جيسيكا إلى مشروعات تصدير الكهرباء المقترحة إلى أوروبا، خاصةً المشروع الأخير الذي أعلنه المغرب للربط مع ألمانيا، مرورًا بسواحل 5 دول أوروبية.

وللاطّلاع على الجزء الأول من الحوار، وتفاصيل الحديث عن قطاع الكهرباء بعدد من الدول العربية، يُرجى الضغط (هنا)

وإلى نص الحوار:

صدرت مؤخرًا عدّة دراسات حول مدى ملاءمة البيئة الصحراوية لمشروعات الطاقة الشمسية.. ما رؤيتكم لمدى استفادة دول الخليج العربي وشمال أفريقيا من هذه الميزة؟

منطقتا الخليج وشمال أفريقيا تقعان في قلب الحدود العالمية للطاقة الشمسية، حيث تتمتعان ببعض أعلى مستويات الإشعاع في العالم، ومساحات شاسعة من الأراضي منخفضة التكلفة.

والإمكانات المادية واضحة: يتجاوز الإشعاع الطبيعي المباشر لشبه الجزيرة العربية 2200 كيلوواط ساعة/متر مربع سنويًا، في حين إن كثافة الطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى يمكن -من الناحية النظرية- أن تلبي أضعاف الطلب الحالي على الكهرباء في أفريقيا.

ومع ذلك، فإن أكبر أصول هاتين المنطقتين لا تتمثل في توافر الموارد والأراضي فقط، بل في قدرتها على تطوير مشروعات قابلة للتمويل وتوفير وصول سريع إلى الشبكة أيضًا.

معظم دول الخليج أبدت استعدادًا مؤسسيًا وماليًا لتطوير بعض أكبر مشروعات الطاقة المتجددة في العالم بأسعار منخفضة قياسية، مدفوعة بالعديد من المزايا، مثل:

  1. اتفاقيات شراء طاقة طويلة الأجل وقوية.
  2. دعم سيادي.
  3. شروط تمويل مواتية.
  4. انخفاض تكاليف الأراضي.
  5. تخطيط وتكامل مناسبين للشبكة.

وفي الوقت نفسه، تواجه منطقة شمال أفريقيا -على الرغم من استفادتها بالتساوي من الموارد الوفيرة- تقدمًا غير متكافئ.

فالمغرب يواصل ريادته من خلال استمرار واضح للسياسات والشراكات بين القطاعين العام والخاص، بينما تتقدم الجزائر وتونس بوتيرة أبطأ بسبب التعقيدات التنظيمية وتحديات أخرى، ونشهد تعاونًا إقليميًا للتخفيف من بعض التحديات.

في حين تستغل دول الخليج رؤوس أموالها وخبراتها لتطوير توليد وتخزين الطاقة المتجددة في جميع أنحاء شمال أفريقيا، محولةً الصحاري إلى ممرّات للطاقة الخضراء.

ما رؤيتكم لجهود الدول العربية في مجال كفاءة استهلاك الطاقة، إلى جانب الاستثمارات في تحديث الشبكة؟

الدول العربية حققت تقدمًا متفاوتًا في كفاءة الطاقة وتحديث الشبكات، إلّا أن وتيرة التغيير وعمقه ما يزالان مقيّدَين بالحواجز الهيكلية والمؤسسية والمالية في معظم البلدان.

على الجانب الإيجابي، اعتمد العديد من دول الخليج برامج كفاءة مستهدفة في المباني العامة، وإنارة الشوارع، والمرافق الحكومية.

ونفّذت المملكة العربية السعودية تدابير صارمة لكفاءة الطاقة، لا سيما في 3 قطاعات: الصناعة، والبناء، والنقل البري، مما أدى إلى انخفاض استهلاك النفط محليًا، ما يعكس تحولًا من الاستثمار في جانب العرض إلى سياسات إدارة الطلب.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت المنطقة استثمارًا متزايدًا في تقنيات الشبكات الذكية، وأنظمة المراقبة والتحكم الرقمية، بهدف تقليل الخسائر الفنية، وتمكين استجابة الطلب لمواءمة العرض المتغير بشكل أفضل.

ومع ذلك، ما تزال التحديات قائمة، لا سيما في ضوء استمرار دعم الكهرباء، مما يؤدي إلى هدر استهلاكها.

العديد من الدول العربية -خاصة (مصر والجزائر والمغرب وليبيا وتونس)- أعلن مشروعات لتصدير الكهرباء إلى أوروبا.. أيًّا من هذه المشروعات ترون أنها قد تصل إلى قرار الاستثمار النهائي؟

معظم الدول تسعى حاليًا إلى تصدير الكهرباء إلى أوروبا، إلّا أن هذا المسار محفوف بالتحديات.

فهذه المشروعات تتطلب تمويلًا بمليارات الدولارات في شبكات التيار المستمر عالي الجهد، في ظل شحّ رأس المال العالمي وارتفاع ضغوط الدين المحلي.

وبالنسبة لهذه الدول، باتت الموازنة بين طموحات التصدير والواقع المحلي أكثر حساسية، فالقيود المزمنة على الإمدادات، وارتفاع الطلب على الكهرباء، وحساسية الجمهور تجاه رفع التعرفة داخل هذه الدول، تزيد من ردود فعل المواطنين السلبية، وتطرح تساؤلًا حول ما إذا كان تصدير الطاقة يُنظر إليه بأنه تحويل للطاقة الشحيحة من المواطنين نحو الأسواق الخارجية.

وهنا، يجب معالجة هذه المخاطر، لأنها قد تصبح عوامل مزعزعة للاستقرار.

على سبيل المثال، يواجه مشروع الربط الكهربائي التونسي "إلميد" مع إيطاليا العديد من التنازلات، ورغم أنه يتمتع بتمويل متعدد الأطراف وجدوى فنية، لكنه ما يزال يعتمد على تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل، وضمان إسهام عائدات التصدير بشكل واضح في المرونة المحلية.

في جميع أنحاء المنطقة، لا يقتصر التحدي على جمع رأس المال فحسب، بل يشمل أيضًا ضمان ألّا تطغى الإستراتيجيات الموجهة نحو التصدير على الحاجة الملحّة إلى التنويع المحلي، وكفاءة الطاقة، والوصول العادل.

ومن ثم، فإن الوعد بأن تصبح أوروبا ممرًا للطاقة النظيفة يحتاج إلى موازنة دقيقة بالتقدم المُحرَز في التنوع والقدرة على تحمُّل التكاليف في الداخل.

بعد أشهر قليلة من انهيار مشروع المغرب لتصدير الكهرباء إلى بريطانيا، أُعلِنَ قبل أيام مقترح لربط ضخم مع ألمانيا، وخطوط تمرّ بسواحل 5 دول.. هل ترون أن مشروعًا بهذا الحجم يمكنه النجاح، أم يفشل مثل سابقه؟

لكي ينجح مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وألمانيا، سيحتاج إلى حل عدّة مشكلات:

  • جمع مليارات الدولارات من التمويل، من خلال ضمانات واتفاقيات شراء في أوروبا.
  • يُعدّ التفاوض على التصاريح، والحقوق البحرية، والوصول إلى الشبكة، والأمن عبر ولايات قضائية وطنية متعددة، أمرًا بالغ الأهمية.
  • يجب إدارة التوازن المحلي: قد يقاوم المغاربة إذا شعروا أن الصادرات تأتي على حساب الموثوقية المحلية، أو القدرة على تحمُّل التكاليف، أو المزيد من التأخير في عملية التحول بمجال الطاقة.

باختصار، المشروع سيواجه خطر الانهيار في حالة عدم توفير 4 ضمانات، وهي:

  1. التمويل الكبير.
  2. الالتزام السياسي الواضح.
  3. تقاسم المخاطر.
  4. إستراتيجية تنفيذ تدريجية.

هذا يقودنا إلى الحديث عن الطاقة المتجددة، وأنها "طاقة متقطعة، تخضع لظروف الطقس".. بناءً على ذلك، هل ترون أنها طاقة موثوقة مقارنة بالنفط والغاز؟

في نهاية المطاف، الاستثمارات في الطاقة المتجددة بجميع أنحاء المنطقة تندرج ضمن الاعتبارات الاقتصادية والأمنية: فهي تُقلّل من الاعتماد المحلي على الوقود الأحفوري، مما يُتيح تصدير الهيدروكربونات في الاقتصادات المُنتجة، ويُقلل من فواتير الاستيراد للمستوردين الصافين.

علاوة على ذلك، ليست جميع مصادر الطاقة المتجددة متغيرة، فتُوفر الطاقة الحرارية الأرضية وبعض أنظمة الطاقة الكهرومائية كهرباء قابلة للتوزيع على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

حتى الطاقة المتجددة المتغيرة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، يُمكن أن تُوفر طاقة ثابتة عند دمجها مع أنظمة تخزين الكهرباء.

وتُسجل المنطقة العربية بعض أدنى تعرفات الطاقة المتجددة على الإطلاق، وحتى مع تكلفة أنظمة تخزين البطاريات، ستظل فعّالة من حيث التكلفة، وتتمتع بميزة نسبية مقارنةً بالعديد من المصادر الأخرى.

لذلك، يُعدّ انقطاع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سمة تقنية يُمكن التحكم فيها.

وتُمكّن التطورات في رقمنة الشبكات، وتخزين الطاقة، وإدارة جانب الطلب، والربط البيني، من تكامل أفضل لأنظمة الطاقة المتجددة.

جدير بالذكر أيضًا أن توليد الكهرباء باستعمال الوقود الأحفوري يعتمد في معظمه على الدعم المتبادل داخل المنطقة، مما يؤدي إلى عجز مالي وضغوط على ميزانيات الدول، ويخضع للتقلبات والاضطرابات.

ما تقييمكم لحجم انتشار بطاريات تخزين الكهرباء في الوطن العربي حتى الآن؟ وهل التكلفة المرتفعة ما زالت عائقًا؟

أنظمة تخزين الكهرباء تكتسب زخمًا في المنطقة، لكنها ما تزال محدودة.

الدول الرائدة في هذا المجال هي دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

بالنسبة لجانب التكلفة، فهي لم تكن عائقًا كبيرًا، حيث كانت التكلفة الثابتة للتخزين في انخفاض مطّرد.

ومع ذلك، فإن لوائح السوق، ونموذج المشتري الوحيد، والدعم، وهيكل تمويل المشاريع المعقد، خلقت عوائق أمام النشر الشامل لأنظمة تخزين الكهرباء.

ما المطلوب الآن لمزيد من انتشار التخزين؟

نشر التخزين يتطلب آليات سوق مناسبة، مثل مدفوعات السعة، وخدمات الشبكة المساعدة، لتكون قابلة للتمويل.

ومع ذلك، في جميع أنحاء المنطقة، فإن خدمات الشبكة في الغالب غير محددة كميًا وغير نقدية.

ويتطلب تجاوز هذا، طرح المزيد من مصادر الطاقة المتجددة بالإضافة إلى التخزين، بحيث تُدمَج تكلفة التخزين في اتفاقيات الطاقة المتجددة.

مرة أخرى، تخزين الكهرباء حل واعد وتنافسي بشكل متزايد، ومع ذلك، يجب مراعاة إصلاحات السوق والهياكل المالية لتمكين التوسع في هذه المشروعات.

هل الاستثمار العربي في مشروعات التخزين كافٍ، رغم الارتفاع السنوي في الطلب على الكهرباء؟

ما يزال الاستثمار العربي في مجال التخزين أقل بكثير مما هو مطلوب لمواكبة الطلب المتسارع على الكهرباء في المنطقة والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة.

وبينما يدمج العديد من دول الخليج التخزين في إستراتيجياته للطاقة النظيفة، ما يزال النشر بطيئًا، لكنه ضروري لتحقيق استقرار الشبكات التي يهيمن عليها الآن توليد الطاقة الشمسية المتغير.

وفي معظم الحالات، يظل التخزين مكونًا جانبيًا في مناقصات الطاقة المتجددة بدلًا من أن يكون ركيزة أساسية لتخطيط الشبكة.

ويُبرز هذا النطاق المحدود الحاجة إلى تصنيف أنظمة تخزين الطاقة أصولًا حيوية، ودمج أهداف النشر عبر البلدان، على غرار أهداف الطاقة المتجددة لتمكين مرونة النظام.

ما هي أهم تقنيات تخزين الكهرباء التي تناسب البيئة العربية؟

عالميًا، ما يزال تخزين الطاقة الكهرومائية المضخوخة هو الأكثر نضجًا وتنافسية من حيث التكلفة، والأكبر من حيث انتشار أنظمة تخزين الكهرباء.

ومع ذلك، تكتسب أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات زخمًا بفضل قابليتها للتوسع، وتعدُّد وحداتها، وإمكان نشرها السريع، وتنعكس اتجاهات مماثلة في المنطقة العربية.

تكتسب البطاريات حصة سوقية في المنطقة لسهولة نشرها، وتحمُّلها درجات الحرارة القصوى، وتكاملها مع الشبكات التي تهيمن عليها الطاقة الشمسية، ومواءمتها مع واقع الموارد والبنية التحتية المحلية.

وتُشكّل بطاريات أيونات الليثيوم الجزء الأكبر من أنظمة تخزين الطاقة الجديدة والمخطط لها، إلّا أن أداءها يتراجع في البيئات عالية الحرارة، مما يدفع شركات المرافق والمطورين في الخليج إلى الاستثمار في أنظمة إدارة الحرارة واستكشاف البدائل.

دولة الإمارات كانت رائدة في تركيب البطاريات على نطاق الشبكة الكهربائية في مراحلها المبكرة باستعمال بطاريات الصوديوم والكبريت (NaS)، التي تتحمل درجات حرارة محيطة أعلى وتوفّر أوقات تفريغ أطول، وهي مثالية لتخفيض استهلاك الطاقة في أوقات الذروة المسائية.

وعمومًا، لا يوجد حل واحد يناسب جميع السياقات العربية، إذ إن خصائص الموقع والخدمات المتوقعة مهمة.

ومن الناحية المثالية، سيكون الجمع بين أنظمة البطاريات مع أنظمة تخزين الطاقة الكهرومائية أو الهيدروجينية أو الحرارية طويلة الأمد، عاملًا أساسًا في بناء القدرة على التكيف في المناخات التي تتزايد فيها درجات الحرارة وذروات الطلب.

نرشح لكم..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق