بيعملوا منه الطوب والورق والخشب والموبيليا. وبدل ما كنا بنحرقه بقى مصدر دخل لشباب كتير دلوقتي.
قش الرز الكنز اللي الكل دلوقتي بيجري عليه عشان يكسب منه، لكن ازاي القش اتحول لمشروع للفلاح والشباب وازاي الدولة ساهمت في تطوير المنظومة، يلا بينا وانت تعرف الحكاية من اولها.
يمكن أكتر مشهد كان بيخوف المصريين من سنين طويلة، هو السحابة السودة اللي كانت بتغطي السما كل سنة وقت حصاد الأرز... ريحة دخان خانقة، وكله بسبب حاجة بسيطة جدًا اسمها “قش الأرز”.
زمان الفلاح كان بيحرق القش عشان يتخلص منه بسرعة، لأن المساحات الزراعية صغيرة ومش عايز يتكلف، لكن اللي محدش كان شايفه إن الحرق ده كان بيقتل فينا حتة حتة... بيدمر الهوا اللي بنتنفسه، والتربة اللي بنزرع فيها، وبيسبب كوارث بيئية كلفت الدولة ملايين.

لكن المشهد ده اتقلب ١٨٠ درجة لما بدأت فكرة إعادة تدوير قش الأرز تنتشر في مصر. الفكرة اللي حولت “الكابوس اللي كان في السما” لثروة تحت رجلينا.
الدولة والناس اشتغلوا إيد واحدة علشان يخلوا كل قشة ليها تمن وقيمة. النهارده، بدل ما بيتحرق، القش بيتجمع ويتكبس ويتباع، ويتحوّل لمصدر رزق لآلاف الشباب في الريف.
تخيّلي إن القش اللي كنا بنولع فيه، بقى بيتحول لعلف للحيوانات بعد ما بيضاف له شوية مواد زي اليوريا أو الأمونيا، أو حتى بذر الشعير عليه فيطلع علف أخضر للمواشي. وناس تانية بقت تستخدمه في إنتاج السماد العضوي، اللي بيخلّي الأرض خصبة من غير كيماويات ولا تلوث. يعني القش اللي كان بيبوّظ التربة زمان، النهارده بقى هو اللي بيصلحها.
وكمان في ناس دخلت المجال الصناعي وبدأت تستخدم قش الأرز في حاجات ما كناش نحلم بيها... بيتعمل منه خشب مضغوط وأثاث وموبيليا، وكمان طوب للبناء! ده غير مصانع الورق اللي بقت تشتري القش بكميات كبيرة، ومزارع الدواجن اللي بقت تستخدمه كفرشة لأرضية المزرعة بدل النشارة، عشان بيمتص الرطوبة وبيقلل المشاكل.
وفيه مشاريع طلعت من الفكرة دي بتنتج البيوجاز – يعني طاقة من المخلفات – وكمان ناس بدأت تزرع عليه عيش الغراب كمصدر غذاء مربح وسهل.
تخيل كده كام فرصة شغل اتخلقت من ورا القش ده شباب بيجمعوه، وناس تانيه بيكبسوه، وآخرين بيبيعوه أو بيصنعوا منه منتجات. الفلاح نفسه بقى مستفيد، بدل ما كان بيحرق ويتغرم، النهارده بيكسب من كل كيلو قش بيبيعه. والدولة كمان كسبت، لأن بدل ما كانت بتحارب التلوث، بقت بتحارب الفقر.
كمان، وزارة الزراعة والبيئة دخلوا بقوة في المنظومة دي... بقوا يتابعوا المزارعين في المحافظات اللي بيزرعوا أرز، ويراقبوا أي حد لسه بيحرق قش بالأقمار الصناعية! يعني اللي كان بيستخبى زمان، النهارده بقى مكشوف.
وبيعملوا كمان حملات توعية، بيشرحوا فيها للمزارعين إزاي يستفيدوا من القش بدل ما يتخلصوا منه. واللي أجمل من كده إنهم وفروا ماكينات فرم وتكبيس القش في القرى نفسها، يعني المشروع بقى قريب من الناس ومتاح لكل حد.
المنظومة دي ما خلقتش بس بيئة أنضف، لأ دي فتحت باب رزق واسع، وساهمت في تحقيق زراعة طبيعية أكتر، وكمان خفّضت استيراد الأعلاف والأسمدة. وده كله من حاجة كنا بنرميها زمان على إنها “قمامة”.
اللي حصل مع قش الأرز مثال حقيقي على إزاي فكرة بسيطة ممكن تغيّر واقع بلد. مصر قدرت تحوّل أزمة كانت بتهدد حياة الناس لفرصة بتفيدهم كل يوم.













0 تعليق