تقترب الولايات المتحدة والصين من إتمام اتفاق تجاري شامل قبيل القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، والمقرر عقدها في ماليزيا خلال الأسبوع الجاري، في خطوة يُنظر إليها على أنها قد تمهد لمرحلة جديدة من الاستقرار في العلاقات الاقتصادية بين القوتين الأكبر في العالم بعد سنوات من التوتر المتصاعد.
وقال الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير إن الجانبين توصلا خلال جولة المباحثات في كوالالمبور إلى "تفاهم شبه نهائي" بشأن العديد من القضايا الخلافية، مشيراً إلى أن الوفدين الأميركي والصيني يعكفان على وضع اللمسات الأخيرة قبل عرض الاتفاق على الزعيمين خلال القمة المنتظرة.
وأوضح غرير في تصريحاته للصحفيين أن المحادثات التي استمرت يومين شملت ملفات متعددة أبرزها تمديد الهدنة التجارية بين البلدين، والتعامل مع المعادن النادرة التي تسيطر الصين على إنتاج الجزء الأكبر منها، فضلاً عن الرسوم الجمركية المتبادلة وملفات تصدير التكنولوجيا والسلع الزراعية. وأضاف: "نقترب من المرحلة التي يمكننا فيها تقديم صيغة نهائية جاهزة لقادة البلدين لمراجعتها والتوقيع عليها".
ورغم التفاؤل الأمريكي، التزم الجانب الصيني الصمت بشأن تفاصيل المفاوضات، إلا أن مصادر قريبة من الوفد الصيني الذي ترأسه نائب رئيس الوزراء خه ليفينغ، أكدت أن بكين تسعى للتوصل إلى "اتفاق متوازن" يضمن المصالح المشتركة ويعالج مخاوفها من القيود الأمريكية المفروضة على صادرات التكنولوجيا المتقدمة.
ووصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى ماليزيا صباح الأحد في مستهل جولة آسيوية تشمل اليابان وكوريا الجنوبية، وكان في استقباله رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم. ومن المقرر أن يلتقي ترمب خلال القمة عدداً من قادة آسيا والمحيط الهادئ على هامش منتدى "أبيك"، في حين سيُعقد اللقاء الثنائي مع الرئيس الصيني يوم الخميس المقبل.
وقال ترمب في تصريحات للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية "إير فورس ون": "نحن نعمل على اتفاق شامل للغاية مع الصين. أعتقد أن الوقت مناسب الآن لإنهاء مرحلة التوترات التجارية وفتح صفحة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل والمكاسب المشتركة".
ومن المتوقع أن تتناول القمة قضايا جيوسياسية حساسة إلى جانب الملفات الاقتصادية، وعلى رأسها الوضع في مضيق تايوان. وبحسب مصادر أمريكية، فقد طلب الرئيس الصيني من واشنطن أن تعلن رسمياً معارضتها لاستقلال تايوان، وهو ما يُعد مطلباً محورياً بالنسبة لبكين، بينما أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن إدارة ترمب "لن تتخلى عن دعمها الثابت لتايوان في إطار أي اتفاق مع الصين".
ويرى محللون أن الاتفاق المرتقب قد يمثل انفراجة كبيرة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لكنه يظل رهيناً بتفاهمات دقيقة حول القضايا الاستراتيجية، خاصة في ظل استمرار المنافسة التكنولوجية بين واشنطن وبكين واشتداد التوترات في بحر الصين الجنوبي. ومع ذلك، تبقى قمة ترمب–شي في ماليزيا محطة مفصلية قد تعيد رسم خريطة التوازن التجاري في آسيا والعالم.


















0 تعليق