نظمت الجمعية المغربية للعدول، يوم السبت 18 أكتوبر 2025، بمدينة القنيطرة، مائدةً مستديرة تحت عنوان: "الهيئة الوطنية للعدول: أزمة التدبير وتدبير الأزمة"، بحضور نخبة من العدول والفاعلين المهنيين، ومجموعة من أعضاء الجمعية المغربية للعدول الشباب. وقد شكّل اللقاء مناسبة لتشخيص واقع الهيئة الوطنية للعدول، وتبادل وجهات النظر حول سبل تطوير الأداء المهني وترسيخ مبادئ الحكامة والشفافية في تدبير الشأن المهني.
وفي هذا الصدد،أكد الأستاذ عبد الحق الريفي، رئيس الجمعية المغربية للعدول، أن تنظيم هذه المائدة يأتي في إطار الانفتاح الذي دأبت عليه الجمعية منذ تأسيسها على مختلف فعاليات الهيئة الوطنية، مشيراً إلى أن اللقاء يدخل ضمن سلسلة من الأنشطة التواصلية التي تنظمها الجمعية بمختلف الولايات، بهدف إثراء النقاش وتعميق الحوار حول القضايا المهنية الراهنة.
وأوضح الريفي أن الجمعية المغربية للعدول تضع ضمن أولوياتها دعم كل المبادرات التي تصب في مصلحة العدول ومهنة العدل، مشدداً على أن النقاش الصريح والمسؤول يشكل مدخلاً أساسياً لأي إصلاح مهني .
وفي السياق ذاته، تناول العدل وعضو المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة عبد اللطيف الحبوسي، خلال مداخلته، موضوع "الهيئة الوطنية للعدول: أزمة التدبير وتدبير الأزمة، الواقع وآفاق المستقبل"، مبرزاً أن حديثه ركز على تحليل مخرجات رئيس الهيئة الوطنية وآثارها على المؤسسة العدلية. وأوضح أن هذه المخرجات، ولا سيما تلك ذات الطابع الإعلامي، كان لها أثر سلبي على صورة الهيئة وعلى العدول بصفة عامة، خصوصاً حينما تكون غير مدروسة وتفتقر إلى التقدير الواعي لوقعها على الرأي العام.
وأكد الحبوسي أن أي خروج إعلامي أو تصريح رسمي باسم الهيئة يجب أن يكون محسوباً بدقة، لأن أي فلتة في الخطاب يمكن أن تُستغل ضد المهنة وتؤثر على مصداقية العدول، كما قد تكرّس صوراً نمطية سلبية في الوعي الجمعي للمجتمع. وشدد على ضرورة أن يتحلى الخطاب المهني بالحكمة والتوازن، وأن يراعي المصالح العليا للمهنة وهيبتها أمام الرأي العام.
أما الأستاذ سعيد الصروخ، رئيس لجنة العلاقات الخارجية والتواصل بالهيئة الوطنية للعدول، وعضو مؤسس في الجمعية المغربية للعدول الشباب، فقد أبرز أن المائدة المستديرة المنظمة من طرف الجمعية المغربية للعدول الشباب جاءت لتجسيد إرادة العدول الشباب في ترجمة النقاشات المهنية الدائرة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المجالس الخاصة إلى حوار مؤسساتي منظم، يتسم بالمنهجية والموضوعية.
وأوضح الصروخ أن اللقاء شهد مشاركة عدول من مختلف المواقع والجهات، ومن أجيال متعددة داخل المهنة، مما أضفى على النقاش طابعاً غنياً ومتعدد الزوايا، وساهم في تعميق الوعي الجماعي بضرورة إصلاح الهيئة الوطنية وفق رؤية ديمقراطية تشاركية.
وأشار إلى أن كل من يمتلك وعياً مهنياً سليماً وثقافة تنظيمية ديمقراطية ويؤمن بالتعدد والمساءلة لا يمكن إلا أن يرحب بمثل هذه المبادرات، التي تُعدّ مؤشراً على حيوية الجسم المهني، معتبراً أن النقاش لا ينبغي أن يُزعج إلا من يفتقر إلى روح الديمقراطية والقدرة على تقبل الاختلاف.
وأكد الصروخ كذلك أن الجمعية المغربية للعدول الشباب، منذ تأسيسها، اضطلعت بدور محوري داخل المشهد المهني باعتبارها قوة اقتراحية ساهمت في تنشيط الحوار الداخلي حول قضايا المهنة، وتقديم مقترحات بناءة تسعى إلى تقويم الاختلالات وتعزيز الأداء المؤسسي.
وأشار إلى أن الجمعية حرصت دائماً على تمكين العدول والعدولات من متابعة المستجدات المهنية والقانونية، وتقريب وجهات النظر بين مختلف مكونات المهنة، سواء على مستوى القاعدة أو الأجهزة التمثيلية، مع العمل على ربط جسور التواصل بين الأجيال المهنية المختلفة.
وأوضح أن اللقاء عرف تدخلات متعددة قدّمت قراءات نقدية بناءة لأداء الهيئة الوطنية وأساليب تدبيرها، حيث شدد المشاركون على أن النقد المهني ليس هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة ضرورية لتقويم العمل وتطويره، مؤكداً أن المؤسسات لا تتطور إلا من خلال ترسيخ ثقافة النقد والمساءلة كجزء من تقاليدها التنظيمية.
من جانبه، أوضح إدريس الطرالي، عضو مؤسس للجمعية المغربية للعدول الشباب، أن الاجتماع انطلق بكلمة ترحيبية بالحضور، قبل الانتقال إلى مناقشة المحاور الجوهرية المرتبطة بالحوكمة والشفافية داخل الهيئة الوطنية للعدول. وأكد الطرالي أن النقاش ركز على أهمية جعل التدبير المهني قائماً على مبادئ الحوكمة الرشيدة، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، باعتبارها مبادئ دستورية أساسية تضمن التسيير السليم والعقلاني للمؤسسة المهنية.
كما تم التشديد على أن رئيس الهيئة الوطنية للعدول يتحمل مسؤولية محورية في ضمان احترام هذه المبادئ، وفي تكريس ثقافة المساءلة داخل أجهزة الهيئة، حتى تكون نموذجاً في التدبير المؤسسي المسؤول.
وأضاف الطرالي أن المائدة المستديرة عرفت حضور مناضلين وعدول ومسؤولين حاليين وسابقين، ناقشوا بكل موضوعية وجرأة مكامن الخلل التي تعاني منها الهيئة الوطنية، وقدموا اقتراحات عملية تهم الإصلاح الداخلي والارتقاء بالممارسة المهنية إلى مستوى تطلعات العدول.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن الجمعية المغربية للعدول الشباب ما تزال وفية لنهجها القائم على توضيح الصورة الحقيقية للواقع المهني، وتعزيز التفاعل البنّاء بين العدول وهيئتهم الوطنية، في إطار السعي الدائم إلى الإصلاح والتطوير والتجاوب مع انتظارات المهنيين.
كما شدد المشاركون على ضرورة استمرار مثل هذه المبادرات الحوارية، باعتبارها رافعة أساسية لترسيخ ثقافة مؤسساتية ديمقراطية داخل المهنة، وضمان إشراك جميع الفاعلين في صناعة القرار المهني بما يخدم مستقبل العدالة التوثيقية في المغرب.
تستعد مدينة خريبكة لاحتضان انطلاقة مشروع “معا من أجل ريادة سياسية نسائية” – “نعم تُقرّرن”، الذي يروم تعزيز حضور النساء في مراكز القرار المحلي وتشجيع مشاركتهن في تدبير الشأن العام، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تمكين المرأة المغربية وضمان تمثيلية منصفة في مختلف الهيئات المنتخبة.
ويأتي هذا المشروع الذي تشرف على تنفيذه منظمة الطلائع – أطفال المغرب، فرع خريبكة، بدعم من صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء – وزارة الداخلية، كخطوة نوعية لترسيخ ثقافة المساواة وتعزيز الريادة النسائية داخل الفضاء العمومي.
وسيتم الإعلان الرسمي عن انطلاق المشروع خلال حفل الافتتاح الذي سينظم يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 على الساعة الرابعة بعد الزوال بفضاء غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة بني ملال خنيفرة –ملحقة خريبكة.
وسيعرف اللقاء مشاركة مجموعة من الأسماء النسائية المتميزة، من بينهن:
حنان غزيل، راضية بركات، إيجة بومزيل، فاطمة الزهراء خلفادير، ونجاة يخميم، إلى جانب حضور فاعلين محليين وممثلي الجماعات الترابية والهيئات المنتخبة ووسائل الإعلام.
وسيتولى تسيير اللقاء الأستاذ نبيل متقال، رئيس منظمة الطلائع – أطفال المغرب بخريبكة، حيث سيتم عرض أهداف المشروع، مراحله المقبلة، وأنشطته المبرمجة، متبوعا بنقاش مفتوح لإغناء التصورات وتبادل التجارب.
ويرتقب أن يشكل هذا الحدث محطة متميزة في مسار دعم الريادة النسائية المحلية، وترسيخ قيم المشاركة والمواطنة الفاعلة، بما يسهم في تعزيز التنمية المجالية والعدالة الاجتماعية عبر تمكين النساء من المساهمة في صناعة القرار العمومي.
0 تعليق