ألقت أجهزة الأمن بالجيزة القبض على ربة منزل؛ لاتهامها بترك رضيعها داخل دورة مياه بأحد المولات الشهيرة بمدينة السادس من أكتوبر، قبل أن تلوذ بالفرار، وتمت إحالتها إلى النيابة للتحقيق.
تفاصيل الواقعة
تعود البداية إلى بلاغ تلقاه اللواء محمد مجدي أبو شميلة، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، من اللواء هاني شعراوي، نائب مدير الإدارة العامة للمباحث، يفيد بالعثور على طفل حديث الولادة داخل إحدى دورات المياه بمول شهير بمنطقة أكتوبر.
وعلى الفور، انتقل إلى موقع البلاغ العميد أحمد نجم، رئيس قطاع أكتوبر، والمقدم محمد راغب، رئيس مباحث قسم أول أكتوبر، يرافقهما فريق من رجال الأمن. وبالفحص تبين أن الرضيع يبلغ من العمر نحو ثلاثة أيام فقط، وكان ملفوفًا ببطانية وما زال مربوطًا بالحبل السري، في مشهد مؤلم هزّ قلوب المتواجدين.
التحريات تكشف الحقيقة
وجّه العقيد إسلام المهدواي، مفتش مباحث أكتوبر، بسرعة تشكيل فريق بحث لفحص كاميرات المراقبة داخل المول وخارجه، واستخدام التقنيات الحديثة لتتبع الجناة.
وتمكنت التحريات من تحديد هوية الأم المتهمة، وتبيّن أنها ربة منزل تبلغ من العمر 33 عامًا.
وبضبطها ومواجهتها، اعترفت بارتكاب الواقعة، وأقرت بأن الطفل نتاج علاقة غير شرعية مع أحد الأشخاص تعرفت عليه في الشارع، وأنها تركته داخل دورة المياه خوفًا من الفضيحة، قبل أن تهرب من المكان.
إجراءات قانونية
تم تحرير محضر بالواقعة، وأُحيلت المتهمة إلى النيابة العامة التي تولت التحقيق، وقررت تشريح الجثمان الطبي للطفل للتأكد من سلامته واستكمال الإجراءات القانونية.
كما أمرت النيابة بفحص الحالة النفسية والاجتماعية للأم، تمهيدًا لاتخاذ ما يلزم من تدابير قانونية وإنسانية تجاه الواقعة.
العقوبة القانونية.. جريمة تخلي وإهمال يعاقب عليها القانون
أثارت واقعة ترك ربة منزل رضيعها داخل دورة مياه بمول شهير بمدينة السادس من أكتوبر حالة من الجدل والتعاطف في الشارع المصري، بعد أن اعترفت المتهمة بأنها أنجبت الطفل من علاقة غير شرعية وخافت من الفضيحة، فقررت التخلص منه بطريقة صادمة.
ورغم أن الدوافع قد تبدو نفسية أو اجتماعية، إلا أن القانون المصري يتعامل مع هذه الأفعال بحزم شديد، نظرًا لما تشكله من خطر على حياة الأطفال وكرامة الإنسان.
أولًا: التكييف القانوني للجريمة
تندرج الواقعة تحت بند جريمة “تعريض طفل للخطر أو الإهمال الجسيم”، المنصوص عليها في المادة 96 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، والتي تنص على أن: "يُعد الطفل معرضًا للخطر إذا تم التخلي عنه، أو تعريض حياته أو صحته أو أخلاقه للخطر، ويعاقب المسؤول عن ذلك بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وقد تصل إلى 5 سنوات."
كما قد تُكيف الواقعة قانونيًا باعتبارها “جريمة شروع في القتل” إذا ثبت أن الأم تركت الطفل في مكان يمكن أن يؤدي إلى وفاته، طبقًا للمادة 45 و46 و234 من قانون العقوبات المصري، التي تنص على أن الشروع في القتل يعاقب عليه بالسجن المشدد من 3 إلى 15 سنة.
ثانيًا: عنصر النية والعقوبة المخففة
من جانب آخر، ينظر القضاء المصري في مثل هذه القضايا إلى النية والظروف الاجتماعية والنفسية للمتهمة. فإذا ثبت أن التخلي عن الطفل لم يكن بقصد قتله أو إزهاق روحه، وإنما بدافع الخوف أو الاضطراب النفسي المؤقت، فإن العقوبة تكون حبسًا من سنة إلى ثلاث سنوات بتهمة الإهمال الجسيم وتعريض حياة طفل للخطر.
أما إذا تبين أن الطفل تعرض لأذى بدني أو توفي نتيجة الإهمال، فإن العقوبة قد تصل إلى السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
ثالثًا: مسؤولية الدولة والمجتمع
ينص قانون الطفل المصري على أن النيابة العامة والأسرة والجهات الاجتماعية تتحمل مسؤولية حماية الطفل المهمل، ويجوز إيداع الرضيع في إحدى دور الرعاية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لحين البت في وضعه القانوني.
القضية تسلط الضوء على البعد الإنساني والاجتماعي في جرائم التخلي عن الأطفال، وتؤكد الحاجة إلى تعزيز الوعي والدعم النفسي والاجتماعي للنساء المعرضات للضغوط قبل أن تتحول أزمتهن إلى جريمة يعاقب عليها القانون.
ففي النهاية، يبقى الطفل هو الضحية الأولى في مثل هذه المآسي، ويظل القانون المصري حازمًا في حماية حقه في الحياة والرعاية.
0 تعليق