التكنولوجيا الأجنبية والأمية الرقمية تتحديان الذكاء الاصطناعي في المملكة - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عدّ الباحث والخبير الفرنسي في شؤون العالم العربي بيير بوسيل أنه في طريق المغرب نحو تطوير الذكاء الاصطناعي كتكنولوجيا محورية، وتعزيز تموقعه في هذا المجال، يبرز تحدي “ثغرة هيكلية قائمة”، تتمثل في اعتماد النظام الرقمي الوطني بشكل كبير على “التكنولوجيا الأجنبية”، مع الاعتماد على خوارزميات ذكاء الآلة المطورة في الخارج، مشيرا كذلك إلى عائق انتشار الأمية الرقمية، خاصة بالمناطق الريفية.

وأوضح بوسيل، في تقرير قارب “تحدي الذكاء الاصطناعي بالمغرب”، نشر على موقع الشركة المتخصصة في الأبحاث “Geopolitical Intelligence Service”، أن أجندة السيادة الرقمية المغربية تستند إلى ثلاث ركائز أساسية، هي: تطوير بنية تحتية وطنية للحوسبة السحابية، وتوسيع مراكز البيانات، وتصميم آليات دعم مخصصة للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، مردفا بأنه “يؤمل أن يحدث هذا تحولا وطنيا يفضي في نهاية المطاف إلى الاكتفاء الذاتي رقميا”.

الاعتماد على الخارج

استدرك المصدر نفسه بأنه “مازالت هناك ثغرة هيكلية قائمة”، موضحا أنه “كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى في المنطقة مازال النظام الرقمي المغربي يعتمد بشكل كبير على المكونات التكنولوجية الأجنبية؛ بما في ذلك الخوادم والبرمجيات وبروتوكولات الأمان والشهادات والبنية التحتية السحابية”.

وأضاف الخبير ذاته أن هذه العناصر “تُستورد أو تُشغّل أو تُصنّع إلى حد كبير من قِبل جهات خاضعة لسلطات قضائية أجنبية، فيما تتطلب معالجة البيانات الحساسة، سواءً كانت إدارية أو اقتصادية أو شخصية، أنظمة خارجية لا تُقدّم سوى ضمانات محدودة في ما يتعلق بالسرية أو الرقابة المؤسسية”.

“تحد مماثل”، وفق الباحث الفرنسي، ينطبق على الاعتماد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي المطوّرة من الخارج، موردا أن “هذه الأنظمة التي غالبا ما تصممها شركات تقنية متعددة الجنسيات تشتغل كصناديق سوداء مبهمة، لا تملك الدول المستخدمة لها أي سيطرة على تصميمها، ولا يمكن ضمان بقاء البيانات المعالجة في هذا الصدد تحت الرقابة الوطنية”.

أكثر من ذلك ينبّه المقال إلى أن هذه الخوارزميات عادة ما يتم تدريبها على مجموعات بيانات تعكس سياقات اجتماعية وقانونية مختلفة عن السياقات المغربية؛ “ما قد يؤدي إلى تفسيرات خاطئة أو تحيُّز تشغيلي أو نتائج تمييزية”.

الأمية الرقمية

كما يلفت المقال ذاته إلى تحد آخر يطرح أمام المغرب في ما يتعلّق بتحقيق أهدافه وطموحاته الرقمية، وضمنها المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي، إذ إن “حوالي 40 في المائة من الناس غير قادرين على استخدام الهواتف الذكية أو الإنترنت أو تطبيقات الموبايل، بسبب الأمية الرقمية أو نقص البنية التحتية”.

ويؤكد المصدر ذاته قدرة المغرب على بناء منظومة ذكاء اصطناعي “تفيد البلاد بأكملها”؛ وليس فقط “مراكز في مدن مثل الدار البيضاء وطنجة ومراكش”، موضحا أن “الذكاء الآلي بإمكانه أن يسهم في الدفع بعجلة التنمية الجهوية، من خلال الاستفادة من المواهب في المناطق الداخلية الفقيرة”.

وفي هذا الصدد أشار الخبير إلى أن معهد “The Jazari”، في جهة كلميم واد نون، يسعى إلى “توظيف الذكاء الاصطناعي كمحرك للتنمية”؛ بحيث يركّز على “قطاعات رئيسية، كالزراعة الذكية، والصحة الرقمية، والطاقة المتجددة، والسياحة المستدامة، بالإضافة إلى الموارد البحرية”.

واستدرك الباحث بأنه “لا يمكن لهذه المبادرات وحدها أن تُغيّر المسار التكنولوجي للمغرب، لكنها تُرسل إشارةً مهمة”، حيث “تُظهر انتقالًا من المراقبة السلبية إلى المشاركة الفاعلة في التحول الرقمي العالمي، بما في ذلك في مناطق تأخرت طويلًا؛ كما تكشف عن التحديات المقبلة: من المرجح أن يكون دمج الذكاء الاصطناعي بطيئًا وغير متكافئ وصعب”.

وفي ظل هذا يخلص المقال إلى أن السيناريو الأكثر احتمالا هو نجاح المغرب في تنفيذ الإصلاحات الرقمية، ولاسيما من خلال توسيع ونشر برامج التكوين والتدريب في الذكاء الاصطناعي في عدة مناطق، ودعم الابتكار من خلال حوافز للشركات الناشئة المحلية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق