يستعد المخرج والممثل المغربي ياسين أحجام لتقديم عمله المسرحي الجديد “إكستازيا” لأول مرة على خشبة مسرح فرنسي، في تجربة فنية تحمل الكثير من الرهانات الجمالية والفكرية.
وسيحتضن العرض مهرجان “ليالي الشرق وما وراءه” الذي تنظمه مدينة ديجون الفرنسية، حيث سيعرض أحجام رفقة فرقته مسرحية “إكستازيا” يوم 26 نونبر المقبل بقاعة “لو سيدر – فضاء الثقافات واللقاءات”، في خطوة تسعى إلى تعزيز الحوار بين الثقافات المتوسطية والأوروبية، والانفتاح على الفنون في سياق يكرس قيم التبادل والتعايش الإنساني.
المسرحية، التي كتب نصها وأخرجها ياسين أحجام، تجمع بين اللغة الشعرية المكثفة والتجريب في الأداء الجسدي والموسيقى الحية، في بناء درامي متشابك يلامس أسئلة الإنسان الكبرى عن الحرية، والحب، والهوية، والمعاناة.
وتعتمد هذه القطعة على إيقاع شعري خاص، كما أوضحت بطلتها قدس جندول، في تصريح لجريدة هسبريس، مضيفة أن العمل “يمتد إلى الغوص في الأحاسيس الداخلية للشخصيات وتعرية ما بها من تناقضات ورغبات ومسارات، ضمن أسلوب جديد للأداء يمزج بين المشاعر الداخلية وحركة الجسد، بتناغم مع الموسيقى الحية التي ترافق الممثلين على الخشبة بشكل فوري مباغت للمتلقي”.
وأضافت جندول أن هذا الأسلوب يمنح الجمهور تجربة تفاعلية مباشرة، إذ يتحول العرض إلى رحلة حسية وذهنية يعيشها الممثلون والمتفرجون في آن واحد، مشيرة إلى أن العمل يستند إلى أساطير ومرجعيات ميثولوجية عالمية وتاريخية، من بينها أسطورة “ليليث” التي تستحضر كرمز لـ تحرر المرأة واستقلاليتها في الفكر الحديث، إلى جانب شخصية آدم التي تعكس رحلة الإنسان في الأرض ومعاناته الأبدية.
وتؤدي قدس جندول دور “ليليث”، وهي رسامة وامرأة مستقلة تختلف نظرتها إلى الحياة عن المألوف في المجتمع، متزوجة من أستاذ للفلسفة يعاني من الاكتئاب الحاد والهلوسة الزائدة، وقد وقع في فخ الإدمان. وتجد البطلة نفسها ممزقة بين رغبتها في الحب والحياة وبين واقع قاسٍ يجرها إلى مواجهة أسئلة الوجود والجنون والحرية، في علاقة إنسانية معقدة تختزل التوتر بين العقل والرغبة، والانهيار والبحث عن الخلاص.
ووفق رؤية ياسين أحجام لا تقدم “إكستازيا” مجرد قصة عن شخصيات مأزومة، بل تجربة مسرحية شعرية تتجاوز الخطاب السردي التقليدي نحو مسرح بصري وموسيقي يقوم على الانفعال اللحظي، ويدعو المتلقي إلى المشاركة في تفكيك الرموز والأساطير التي تحيط بالعرض.
ويؤكد أحجام، من خلال هذا المشروع، استمرار رهانه على المسرح كمساحة للتفكير والتجريب الفني، وعلى اللغة الجمالية كجسر للتواصل بين الثقافات، في وقت يسعى الفن المغربي إلى ترسيخ حضوره في المشهد المسرحي الدولي.
0 تعليق