لم يستسغ أطباء القطاع العام بالمغرب تحميل أعطاب المنظومة الصحية للأشخاص العاملين فيها، في ظل غياب سياسة وطنية تنهي زمن الحلول الترقيعية وتحدّ من هشاشة القطاع التي تم التنبيه إليها ودق ناقوس الخطر بخصوصها منذ سنوات.
وعبّر أطباء القطاع العام، المنضوون تحت لواء النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، في ظل حركة الاحتجاجات التي تعرفها البلاد وترفع فيها شعارات من أجل إصلاح الصحة، عن رفضهم تعليق أعطاب المنظومة عليهم و”كأنّ من يشتغل في أقسى الظروف وأفقر الوسائل هو سبب الأزمة لا أوّل ضحاياها”.
وسجلت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، في بيان لها، أن مرتكزات النظام الصحي المغربي “بُنيت على أسسٍ هشّة، افتقرت إلى الأهداف الاجتماعية وشروط المساواة الدستورية”، مبرزة أن “طبيب القطاع العام ظل يسدّ الفراغات مقابل غياب كامل لتثمين العنصر البشري بالقطاع الصحي العمومي”.
وأكدت النقابة المذكورة أن البلاد في حاجة إلى “منظومة صحية مواطِنة، يكون فيها المواطن متساويا في الخدمات، سواء بالقطاع العام أو الخاص، ويكون فيها الطبيب يشتغل بكرامة ويقدّم الخدمات الصحية للمواطن في ظروف جيدة، عكس الوضع الحالي، حيث يجد نفسه مُضطر إلى أداء مهامه في وضعٍ يفتقر للشروط العلمية والمعايير الطبية.
وشددت الهيئة النقابية نفسها على أن إصلاح القطاع ينطلق أساسا من “إيجاد حلٍّ حقيقيّ لإشكالية التمويل المستدام للصحة العمومية، بداية بمراجعة التعريفة المرجعية ومساواتها بين العام والخاص دون أية زيادة على المواطن، لإنهاء اختلالات التسعير وضمان استمرارية الخدمة العمومية”، وكذا “وضعُ خطِّ النهاية للرهان على القطاع الخاص، وتقويةٌ حقيقية للمستشفيات العمومي”.
كما أكدت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام على الحرص على وجود وظيفة صحية عمومية بضمانات حقيقية من خلال حفظ حقوق الوظيفة العمومية، ومساطر شفافة للتكليف ومقر العمل والتوقيت والحركية، وتنصيص صريح على المسؤولية الطبية والامتياز القضائي.
وأوضح الدكتور المنتظر العلوي، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، أن هؤلاء الأطباء “يرفضون أن يكون هناك إجحاف في حقهم، بالرغم من كوننا قمنا بدق ناقوس الخطر حول المنظومة والوضعية التي آلت لها؛ وبالتالي لا نتحمل المسؤولية كمهنيين، على اعتبار أن المنظومة يلزمها موارد بشرية وكذا تجهيزات طبية، وقد حذرنا من ذلك سابقا”.
وسجل العلوي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنهم كمهنيين “ضد الحلول الترقيعية؛ فنحن نريد سياسة صادقة ووطنية لوضع اليد في اليد من أجل الإصلاح الذي لن يكون سوى بالعقلنة وليس بالترقيع”.
الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام لفت الانتباه إلى أن الأطباء وموظفي القطاع العام يشتغلون في ظروف تفتقر إلى الوسائل؛ “وبالتالي نحن ضد شحن المواطن والتيارات ضدهم وتحميلهم أكثر مما يثقون”، مشددا على وجوب “تقوية المستشفيات العمومية والحفاظ على مكتسبات القطاع العام وعدم الرهان على القطاع الخاص”.
كما دعا المتحدث عينه إلى ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية؛ من خلال الزيادة في الأجور لحث الأطباء على الاشتغال في القطاع العام، مؤكدا على أهمية وضع مخطط طويل الأمد تشتغل عليه الحكومات المتعاقبة بدلا من سياسات حكومية تتغير مع تغير الوزراء والحكومات.
وطالبت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام أيضا، من أجل إصلاح القطاع، بتحفيز الطبيب ماديا ومعنويا لمواجهة ظواهر الاستقالات وترك الوظيفة والهجرة والعزوف المتصاعد عن الوظيفة العمومية؛ بداية بالالتزام بالاتفاقات السابقة، مع تجويدها.
0 تعليق