أثار الرفع من ميزانية قطاع الصحة ضمن مشروع قانون مالية 2026، لتصل إلى 42,4 مليار درهم، بزيادة قدرها 9,8 مليارات درهم مقارنة بالسنة الماضية، تفاعلا واسعا داخل الأوساط النقابية الصحية، التي رحبت بالمجهود المالي الجديد، لكنها شددت على ضرورة أن ينعكس هذا الرفع إيجابا على تحسين أوضاع الموارد البشرية وتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، معتبرة أن الأثر الواقعي يبقى المعيار الأهم لقياس نجاعة أي زيادة مالية.
في هذا السياق، قال مصطفى جعا، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة، إن الرفع من ميزانية وزارة الصحة إلى حوالي 42 مليار درهم “خطوة مهمة جدا”، غير أنه أكد ضمن تصريح لهسبريس أن “الأهم هو ترجمة هذه الأرقام إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع”.
وأوضح جعا أن المواطنين “لا يزالون لا يلمسون تغييرا حقيقيا في المنظومة الصحية رغم الزيادات المتتالية في الميزانية خلال السنوات الماضية”، مبرزا أن “الاستثمار الفعلي يجب أن يتجه نحو نقطتين أساسيتين: تحفيز الموارد البشرية، والعمل على تأهيل مراكز القرب التي تمثل الحلقة الأولى في لقاء المواطن بالمرفق الصحي، مثل أقسام المستعجلات والمراكز الصحية”.
وأضاف النقابي ذاته أن مشروع قانون مالية 2026 يتضمن رفعا لعدد المناصب المالية المخصصة لوزارة الصحة إلى 8000 منصب، بعدما كانت 6500 منصب في السنة السابقة، لكنه شدد على أن “هذا الرقم يظل غير كافٍ بالنظر إلى العدد الكبير من خريجي معاهد التمريض، وإلى النقص الحاصل في الأطباء وباقي التخصصات”.
وأشار إلى أن القطاع يعرف سنويا مغادرة ما يقارب 1400 إطار صحي للتقاعد، ما يعني أن جزءا كبيرا من المناصب الجديدة “يُستعمل فقط لتعويض المتقاعدين، دون أن يساهم فعليا في تقليص الخصاص الهيكلي”.
وختم جعا بالتأكيد على أن “الرفع من الميزانية ينبغي أن يترافق مع تنزيل فعلي للاتفاقيات الخاصة بالموارد البشرية، وتحسين التعويضات، وتفعيل الأجر المتغير، لأن تحفيز الكفاءات هو المدخل الأساسي لإنجاح أي إصلاح صحي”.
من جانبه، اعتبر عبد الرحمان لعميري، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية بجهة الدار البيضاء-سطات، أن الزيادة في ميزانية وزارة الصحة “خطوة إيجابية سيكون لها أثر ملموس على المدى المتوسط”، مبرزا أن هذا الرفع “سيمكن الوزارة من تأهيل المؤسسات الصحية التي تعاني من مشاكل في البنيات التحتية، وتوظيف موارد بشرية جديدة لتغطية الخصاص المسجل في عدد من الجهات”.
وأوضح لعميري، ضمن تصريح لهسبريس، أن “جزءا كبيرا من الاحتجاجات التي عرفها القطاع في السنوات الماضية كان مرتبطا بالنقص الحاد في الموارد البشرية”، معتبرا أن “الرفع من المناصب المالية يتيح إمكانية توزيع أفضل للكفاءات وتحقيق نوع من العدالة المجالية في الخدمات الصحية”.
ونبه إلى أنه “رغم الأثر الإيجابي لهذه الزيادات، إلا أن حلّ أزمة الموارد البشرية لن يتحقق بشكل نهائي بهذه الوتيرة”، مشددا على ضرورة “الاستمرار في الرفع التدريجي من عدد المناصب المالية، وتخصيص برامج لتكوين وتحفيز الأطر، حتى لا تبقى الزيادات مجرد أرقام مالية بدون أثر ميداني”.
0 تعليق