في ظل النقاش الواسع الذي أثاره مشروع القانون رقم 71.24 بتغيير وتتميم مدونة التجارة، والذي يهدف إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم للشيكات والكمبيالات وإدخال تعديلات جوهرية على المنظومة التشريعية المرتبطة بمجال المال والأعمال، تبرز مجموعة من التساؤلات حول أسباب هذا التعديل، وأبعاده، وآثاره المنتظرة على الواقعين الاقتصادي والجنائي في المغرب.
في هذا الحوار، يسلّط هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، الضوء على أهم مستجدات مشروع القانون، وأبعاده الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، والرسائل التي يحملها في سياق تطوير السياسة الجنائية المغربية وتكريس العدالة التصالحية.
أكد هشام ملاطي أن مشروع القانون لا يرفع التجريم عن جرائم الشيكات كما قد يعتقد البعض، بل جاء باعتماد مقاربة ثالثة وسطى توازن بين منطق الردع والحفاظ على الثقة في المعاملات التجارية من جهة، ومبدأ المرونة والعدالة التصالحية من جهة أخرى. فالقانون الجديد يُبقي على الطابع الزجري للشيك كأداة أداء ذات قوة إلزامية؛ لكنه في الوقت نفسه يفتح المجال أمام التسوية والصلح، من خلال تمكين الأطراف من تصحيح وضعياتهم وتدارك الإخلال قبل أو أثناء سريان المتابعة. وبذلك، يسعى المشرّع إلى تقليص اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية دون المساس بمصداقية الشيك أو هيبته القانونية، في إطار سياسة جنائية حديثة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للمخالفات المالية.
نص الحوار:
ما الذي دفع وزارة العدل إلى اقتراح تعديل أحكام القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، وإعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للشيك والمعاملات التجارية؟
يأتي مشروع القانون الذي تقدمت به وزارة العدل لتعديل أحكام القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة من أجل تطوير المنظومة التشريعية ذات الصلة بمجال المال والأعمال، خاصة أن مدونة التجارة صدرت منذ ما يقارب ثلاثة عقود من الزمن؛ وهي مدة عرفت تطورا كبيرا في المعاملات التجارية والمالية، كما تطورت معها وسائل الأداء، وظهرت مجموعة من الإشكالات على مستوى الممارسة، ما جعل الحاجة ملحة إلى تطوير السياسة الجنائية في مجال حماية المال والأعمال، ومواكبة هذه التحولات في مجال الخدمات والمعاملات التجارية.
كشفت الممارسة عن مجموعة من الإشكالات والإكراهات، سواء في ما يتعلق بحماية الأطراف، سواء تعلق الأمر بالساحب أو بالمستفيد، أو بحماية النظام العام المالي والاقتصادي. لذلك، جاءت هذه التعديلات مبنية على دراسات مسبقة وتشخيصية للإشكالات المطروحة، خاصة أنه على مستوى المنظومة المقارنة في دول أخرى طورت مقاربات لتدبير العديد من المواضيع ذات الصلة بوسائل الأداء، كما هو الحال بالنسبة للشيك، نجد أن بعض التشريعات رفعت التجريم عن جرائم الشيك؛ في حين أن أخرى ما زالت تحافظ على الطابع التجريمي المحض، وهناك تشريعات انتهجت نهجا وسطا يروم إيجاد مقاربات تحافظ على الشيك كوسيلة من وسائل الأداء، مع إضفاء مرونة وعدالة تصالحية في التعامل به.
ما هي المستجدات التي جاء بها مشروع القانون رقم 71.24 بتغيير وتتميم مدونة التجارة، خاصة فيما يهم التعامل بالشيكات والكمبيالات؟
مشروع القانون جاء بعدد من المستجدات، سواء فيما يتعلق بالشيك أو الكمبيالة أو بعض وسائل الأداء الأخرى؛ وذلك من أجل مواكبة التحولات التي يعرفها مجال المال والأعمال والخدمات التجارية.
وقد هدفت التعديلات إلى إذكاء العدالة التصالحية في التعامل بهذا النوع من الوسائل، وإعطاء البنوك أدوارا إضافية في هذا الإطار.
فيما يتعلق بالشيك، فقد عرف المشروع تعديلات جوهرية، إذ تبنّى مقاربة ثالثة تحافظ على التجريم؛ لكنها توفر في الوقت ذاته آليات لتكريس العدالة التصالحية.
أولا، على مستوى التجريم، تم رفع التجريم عن جرائم الشيكات التي تكون مرتبطة بالأزواج أو بين الأصول والفروع إلى حدود الدرجة الأولى؛ وذلك مراعاة للجانب الإنساني، إذ لا يعقل أن تتحول علاقات أسرية أو زوجية إلى مآسٍ بسبب قضايا الشيك.
ثانيا، على مستوى العقوبة، كان القانون السابق يعتمد عقوبة موحدة رغم اختلاف صور الأفعال الجرمية. أما المشروع الحالي، فعمل على خلق نوع من التناسب بين العقوبة وطبيعة الفعل المرتكب؛ فالعقوبة المتعلقة بعدم توفير مؤونة الشيك ليست هي نفسها الخاصة بتزييف الشيك أو تزويره. كما تمت مراجعة العقوبات السجنية، إذ خُففت من مدة تتراوح بين سنة واحدة وخمس سنوات إلى ما بين واحدة سنة وثلاث سنوات، مع تحديد العقوبات وفق طبيعة كل فعل.
كما كرس المشروع العدالة التصالحية من خلال التنصيص على أنه في حالة وقوع صلح أو تنازل أو أداء مبلغ الشيك، تترتب آثار فورية على الملف، حيث إذا أدى الشخص قيمة الشيك أثناء البحث التمهيدي، يتم حفظ الملف، وإذا تم الأداء أو الصلح بعد تحريك المتابعة، تسقط الدعوى العمومية.
أما المستجد المهم فيتمثل في أن الصلح أو التنازل أو الأداء حتى بعد صدور حكم نهائي أصبح يُوقف تنفيذ العقوبة؛ وهو أمر جديد في التشريع الجنائي المغربي، إذ لم يكن هذا الأثر قائما إلا في حالتي الخيانة الزوجية وإهمال الأسرة فيما يتعلق بالنفقة.. وبالتالي، فإن الصلح أو التنازل أو الأداء يترتب عنه إخراج الشخص من السجن ولو أن الحكم صدر وأصبح مكتسب لقوة الشيء المقضي به.
وبالنسبة لتكريس العدالة التصالحية ضبط المشرع هذه الآلية بنظام محدد، حيث اشترط أن يرافق الأداء أو الصلح أو التنازل أداء غرامة تصالحية جزافية قدرها 2 في المائة من مبلغ الشيك لفائدة الدولة، من أجل إنهاء الملف في إطار العدالة التصالحية.
هل صحيح أنه تم رفع التجريم عن الشيكات التي تكون قيمتها في حدود مبالغ معينة؟
هذا غير صحيح، إذ يظل الشيك خاضعا للتجريم مهما كانت قيمته، إلا إذا تم الصلح أو الأداء أو التنازل. مشروع القانون جاء فقط لتكريس العدالة التصالحية، للأشخاص الذين قد يؤدون مبلغ الشيك أو يتصالحون بشأنه. أما غير ذلك كل من قدم شيكا مهما كانت قيمته، ولم يتصالح بشأنه يبقى خاضعا للقواعد المسطرية الجاري بها العمل.
أيضا القانون حاول أن يأتي بحلول لبعض المشاكل التي كانت مطروحة، إذ في حال تقديم شكايات، كانت النيابات العامة بعد إجراء الأبحاث تقدم الأشخاص في حالة اعتقال إذا لم يحصلوا على صلح بالنسبة للمعاملة.
وبالتالي من بين المستجدات المهمة أيضا، أن المشروع نص على منح الساحب مهلة 30 يوما لأداء قيمة الشيك أو الحصول على صلح أو تنازل، قبل تقديمه أمام النيابة العامة. ويمكن للنيابة العامة، بموافقة المستفيد، منح مهلة إضافية.
ولمنع حالات الإفلات أو الفرار، خول القانون للنيابة العامة صلاحية اتخاذ تدابير المراقبة القضائية أثناء منح المهلة؛ مثل سحب جواز السفر، أو إغلاق الحدود، أو فرض التردد على مراكز الأمن، أو استعمال السوار الإلكتروني، وهي تدابير كانت سابقا من صلاحيات قاضي التحقيق فقط.
ما هي المستجدات فيما يهم الغرامات المرتبطة بالإنذارات؟
كما تم تعديل المادة 314 من مدونة التجارة لتشجيع الأداء وتسوية الوضعيات، إذ تم تخفيض الغرامات المستحقة عند الإنذارات المتتالية من 5 في المائة في حالة الإنذار الأول و10 في المائة في حالة الثاني، و20 في المائة في حالة الثالث إلى 0.5 في المائة و1 في المائة و1.5 في المائة على التوالي، مع تحديد حد أدنى وحد أقصى لمبلغ الغرامة التي يمكن فرضها.
هذه التعديلات جاءت استجابة لواقع مقلق كان يؤرق السياسة الجنائية الوطنية وكل المتدخلين في المنظومة المالية، وهو واقع أظهرته التقارير؛ من بينها تقرير بنك المغرب لسنة 2024، الذي سجل أن حوالي 30.1 مليون عملية بالشيك بقيمة 1319 مليار درهم، مقابل 105.7 ملايين عملية بالكفالة بقيمة 5.75 مليار درهم، ما يدل على الإقبال الكبير على التعامل بالشيك.
كما أظهرت المعطيات أن المحاكم تعرف عددا كبيرا من الشكايات المرتبطة بالشيك، لوحظ أنه بالنسبة لعوارض الأداء المرتبطة بالشيك وصلت إلى 972 ألفا و230 عارضا، وتجاوزت عدد الشكايات 180 ألف شكاية، وأن هناك نسبا مرتفعة من الاعتقالات والمتابعات بسبب جرائم الشيك.
لهذا، أصبح من الضروري مراجعة المنظومة القانونية المنظمة للشيك. وقد اختار المشرع نهجا تدريجيا لا يرفع التجريم بشكل كامل؛ بل يكرس العدالة التصالحية كمرحلة أولى في أفق الوصول إلى مقاربة جديدة في المستقبل.
كما عمل المشروع على تعزيز دور البنوك في تتبع وتنفيذ العمليات المرتبطة بالشيك والكمبيالة، خاصة فيما يتعلق بتسليم الكمبيالات أو الإطلاع على عوارض الأداء أو سحب الكمبيالات عند الاقتضاء؛ وذلك من أجل ترسيخ الثقة والمصداقية بين المتعاملين في المجالين التجاري والمالي.
تضمّن مشروع القانون أيضا تعديلات مرتبطة بالكمبيالة، تهدف إلى إضفاء مزيد من المصداقية عليها، وتشجيع التعامل بها، خاصة من خلال تعزيز دور البنك سواء في مرحلة تسليم الكمبيالات أو عند الاطلاع على عوارض الأداء المتعلقة بالساحب. كما شملت التعديلات بعض المقتضيات الخاصة بالمرحلة اللاحقة، والمتعلقة بسحب الكمبيالات أو اتخاذ تدابير إضافية أخرى.
وقد سعى المشروع إلى إرساء مقاربة جديدة لمعالجة الإشكالات العملية المطروحة، وتحقيق مرونة أكبر في التدبير من خلال إدراج مجموعة من القواعد القانونية المستحدثة، بما يعزز الثقة بين المتعاملين ويوفر حماية متوازنة للطرفين، سواء تعلق الأمر بالساحب أو بالمستفيد.
هل بات من الممكن الاستفادة من العقوبات البديلة في قضايا جرائم الشيكات؟
التعديلات التي جاء بها مشروع القانون انصبت على مدونة التجارة. وبطبيعة الحال، فإن مدونة التجارة تتضمن مقتضيات زجرية وإجرائية؛ ولكن هناك مقتضيات أخرى توجد في قوانين أخرى. وقد يطرح تساؤل حول مدى إمكانية تطبيقها فيما يتعلق بجرائم الشيك؛ فمثلا داخل قانون المسطرة الجنائية توجد آليات كالصلح، إذ يمكن للنيابة العامة أن تقترح على ساحب الشيك والمستفيد منه إجراء صلح في إطار ما يسمى بالصلح الاتفاقي أو الصلح المقترح. كما يمكن للطرفين، أثناء مثولهما أمام النيابة العامة، أن يبديا رغبتهما في إجراء صلح. وبالتالي، فإن مقتضيات قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالصلح والوساطة في الصلح يمكن أن تطبق على جرائم الشيك تماشيا مع المقتضيات الواردة في هذا المشروع.
أما بالنسبة للعقوبات البديلة، فإذا رجعنا إلى القانون المنظم لها فسنجد أنه لا يستثني جرائم الشيك من الاستفادة من العقوبات البديلة، لأن القانون وضع شروطا مرتبطة بوصف الجريمة؛ من بينها أن تكون جنحة، وألا يتجاوز حدها الأقصى في العقوبة المحكوم بها خمس سنوات، وألا يكون الشخص في حالة عود. كما نص القانون على جرائم مستثناة من العقوبات البديلة، ولم تكن جرائم الشيك من بينها. وبالتالي، فهذه الفئة يمكن أن تصدر في حقها عقوبات بديلة.
غير أنه ينبغي الإشارة إلى أن تطبيق العقوبات البديلة يخضع للسلطة التقديرية للقاضي؛ فلا يمكن تصور مثلا أن شخصا قدم شيكا بدون مؤونة ثم يُحكم عليه بعقوبة العمل من أجل المنفعة العامة أو بالتكوين أو بالتمدرس، لأن هناك ضوابط، إذ يعتمد القاضي في هذا المجال على آلية التفريد، بحيث تتناسب العقوبة مع خطورة الفعل.
لذلك، لا يمكن أن يستفيد من العقوبة البديلة كل من سحب شيكا بدون مؤونة؛ لأن الاستفادة تخضع، كما قلت، لمنطق التفريد القضائي المعتمد في هذا الإطار. ومن ثم، فإن مشروع تعديل مدونة التجارة وجد حلا آخر لتدبير جرائم الشيك.. بمعنى أن الشخص إذا أدى المبلغ أو تم الصلح أو التنازل، فإن القاضي سينطق بسقوط الدعوى العمومية، ولا يمكن له أن يصدر حكما بالإدانة؛ لأن الصلح أو الأداء يترتب عنه وجوبا سقوط الدعوى العمومية وما يترتب عنها من آثار. وبالتالي، فإن مشروع تعديل مدونة التجارة جاء بقواعد جديدة تختلف عمّا هو معمول به في مجال العقوبات البديلة.
تشير الأرقام إلى أن هناك أكثر من 76 ألف متابعة و52 ألف معتقل في قضايا الشيكات، خلال السنة الماضية. فهل من المتوقع أن ينخفض هذا العدد مع دخول القانون الجديد حيز التنفيذ؟
بطبيعة الحال، هناك تفاؤل بخصوص تأثير مستجدات مشروع مدونة التجارة على وضعية الساكنة السجنية، سواء تعلق الأمر بالمعتقلين احتياطيا أو المحكومين بعقوبات سالبة للحرية في قضايا الشيك؛ لأن الصلح أصبح مفتوحا ويمنح مهلا للأطراف.
فكل شخص موضوع رهن الاعتقال الاحتياطي يمكنه، إذا حصل على صلح أو تنازل أو قام بالأداء، أن يستفيد من وقف القضية. وحتى بالنسبة للأشخاص الذين لم تسعفهم الظروف أو الإمكانيات في الحصول على صلح أو تنازل قبل المحاكمة وتمكنوا من ذلك بعد صدور الحكم، فسيترتب عنه وقف تنفيذ العقوبة.
ومن المتوقع أن يسهم هذا النظام في تقليص عدد حالات الاعتقال وتنفيذ العقوبات السالبة للحرية في قضايا الشيك؛ لأن منح المهلة قبل قرار النيابة العامة، وكذلك إمكانية وقف الملف طيلة مراحل التقاضي، سواء أمام المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف، كلها عناصر تشجع على تسوية الوضعيات.
كما أن الأشخاص الذين يقضون عقوبات قد تصل إلى ثلاث أو خمس سنوات، إذا تمكنوا من تسوية وضعيتهم خلال فترة العقوبة، فسيكون الأداء أو الصلح سببا مباشرا في إطلاق سراحهم؛ وهو ما يشكل حافزا قويا على التسوية.
إضافة إلى ذلك، فقد خفّف المشروع من بعض الأعباء التي كانت تثقل كاهل الأشخاص، مثل الغرامات الإضافية التي كانت تصل إلى 25 في المائة من قيمة الشيك؛ وهو ما كان يشكل عبئا ثقيلا، خاصة عندما تكون مبالغ الشيكات كبيرة. فعلى سبيل المثال، إذا بلغت قيمة الشيك مليار سنتيم، فإن أداء غرامة بنسبة 25 في المائة يمثل عبئا كبيرا. لذلك، حاول المشرع، من خلال هذا المشروع، وضع قواعد تشجع على الصلح وتسوية الوضعيات، سواء عبر منح مهَل زمنية كافية أو عبر تخفيف الغرامات.
ومن ثم، فإن المستجدات القانونية الجديدة يمكن أن تشجع، فعلا، على تسوية الوضعيات؛ وهو ما ستكون له انعكاسات إيجابية على الوضعية الجنائية داخل المؤسسات السجنية.
ما الرسائل الأساسية التي يحملها مشروع تعديل مدونة التجارة؟
الرسالة التي يمكن توجيهها بخصوص هذا المشروع هي أن القانون لم يأتِ لمساعدة الأشخاص على الإفلات من العقاب أو من الإجراءات والمساطر القانونية؛ بل جاء بأبعاد متعددة، أولا أبعاد إنسانية تروم تجنب المآسي الأسرية الناتجة عن تجريم قضايا الشيك بين الأزواج أو الأقارب، لما لذلك من آثار سلبية على الأطفال وعلى استمرار الروابط الأسرية. فالقانون أخرج هذه الفئة من دائرة التجريم والعقاب، مع الإبقاء على إمكانية اللجوء إلى المساطر المدنية لتسوية الخلافات.
هناك أبعاد اجتماعية تراعي الأزمات الاقتصادية وفترات الركود التي قد يمر بها الأفراد، وتفتح المجال أمام العدالة التصالحية وتمنح مهلا لتسوية الوضعيات. كما تتيح بقاء الشخص في حالة سراح من أجل تمكينه من البحث عن حلول لوضعيته، لأن وجوده في حالة اعتقال قد يعيق قدرته على التسوية. ثم أبعاد اقتصادية تحافظ على تجريم الشيك بغض النظر عن قيمته؛ لكنها تكرّس العدالة التصالحية للحفاظ على الثقة والمصداقية في المعاملات التجارية والمالية، وتحد من اللجوء المفرط إلى الأداء النقدي. كما عززت الإجراءات التي تحمي وسائل الأداء وتشجع على استخدامها.
القانون الجديد يحمل رسائل متعددة؛ أبرزها السعي إلى تقليص عدد القضايا المرتبطة بالشيك المعروضة أمام المحاكم، والتخفيف من حالات الاعتقال والعقوبات السالبة للحرية داخل المؤسسات السجنية.
نتمنى أن تمر مسطرة المصادقة التشريعية في أقرب الآجال وأن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ؛ لأن السياسة الجنائية، سواء في ما يتعلق بترشيد الاعتقال أو بإعادة النظر في الوضع العقابي أو بحماية المال والأعمال، تحتاج إلى مثل هذه التعديلات لمواجهة الإشكالات وتحقيق التوازن بين الردع والإنصاف.
" frameborder="0">
0 تعليق