في خضمّ تطورات دبلوماسية متسارعة نحو إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء المغربية، ومع اقتراب جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة للتصويت على تمديد ولاية بعثة “المينورسو”، وتزامنا مع الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء، أدلى مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، بتصريحات لافتة أكد فيها بوضوح موقف الإدارة الأمريكية من سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مشددا على أن “الوقت حان لإمكانية الوصول إلى حلّ إيجابي ودائم لهذه القضية”.
وقال بولس في حوار مع قناة “الشرق” جوابا على سؤال حول استعداد أمريكا لافتتاح قنصلية في الصحراء المغربية خلال الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “بكل تأكيد، فهذه الصحراء هي صحراء مغربية. كما نعلم جميعا، فإن الرئيس ترامب قد أكد بوضوح اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، وشدّد على ضرورة التوصل إلى حلّ دائم لهذا النزاع”.
وتابع مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط: “أعتقد أن خطاب جلالة الملك محمد السادس الأخير كان واضحا جدا؛ إذ تطرّق فيه إلى هذا الموضوع الحيوي، كما تناول الجانب المتعلق بالجزائر، سواء في ما يخص العلاقة مع الشعب الجزائري أو مع الجزائر كدولة وحكومة”.
وأشاد بالخطاب الملكي قائلا: “لقد كان تصريح جلالة الملك تصريحا تاريخيا، أكّد من خلاله عزمه على العمل من أجل إيجاد حلّ نهائي لقضية الصحراء يكون مرضيّا لجميع الأفارقة، لأن المطلوب هو حلّ دائم وشامل”.
وأشار بولس، في السياق ذاته، إلى أهمية المرحلة الأممية المقبلة، موردا: “نحن نعلم أن هناك استحقاقا مهما خلال الأسبوعين المقبلين، حيث سيجتمع مجلس الأمن الدولي للتصويت على تجديد ولاية البعثة الأممية ومناقشة المسائل المتصلة بها، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية. ونحن نعوّل كثيرا على حكمة جلالة الملك ونبله، وعلى الموقف التاريخي الذي عبّر عنه، وكذلك على التعاون مع جميع الدول الإفريقية، بما في ذلك الجزائر، التي تربطنا بها علاقات ممتازة. وقد قمتُ مؤخرا بزيارة إلى الجزائر، وكان لقائي مع فخامة الرئيس لقاء مثمرا للغاية، خاصة في ما يتعلق بهذا الملف”.
كما كشف عن انفتاح جزائري على إيجاد تسوية سلمية تعيد الدفء إلى العلاقات المغاربية، قائلا: “إن الجزائر بدورها ترغب في إيجاد حلّ جذري ونهائي لهذه القضية، كما تُبدي استعدادا لتحسين العلاقات مع المغرب وجيرانه. وهم يرحبون بإعادة بناء جسور الثقة مع الشعب المغربي، ومع جلالة الملك، والحكومة، والدولة المغربية. ففي النهاية، البلدان شعبان شقيقان وجاران يجمعهما تاريخ مشترك وعدد كبير من القيم والمصالح المتداخلة”.
وتابع موضحا أن النزاع الذي دام عقودا بلغ اليوم منعطفا حاسما يستدعي طي صفحته نهائيا: “ومن الجدير بالذكر أن هذا النزاع، خلال أيام قليلة، سيُكمل خمسين سنة من عمره، ولذلك حان الوقت فعلا لوضع حدّ نهائي له”.
وزاد بولس: “نحن نودّ أن نتوجه بالشكر إلى شركائنا الأوروبيين الذين نعمل معهم عن قرب، وعلى رأسهم فرنسا، إلى جانب المملكة المتحدة وإسبانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى. إننا متفائلون اليوم أكثر من أي وقت مضى بإمكانية الوصول إلى حلّ إيجابي ودائم لهذه القضية”.
بهذا الموقف، جددت الولايات المتحدة الأمريكية، عبر أحد كبار مستشاري البيت الأبيض، التأكيد على تمسكها باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، في انسجام مع المرسوم الرئاسي الصادر عن الرئيس ترامب سنة 2020، ومع الدينامية الدولية الداعمة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ويُنتظر أن تُلقي هذه التصريحات بظلالها على نقاشات مجلس الأمن المقبلة، في وقت تتكاثف فيه الاتصالات الدبلوماسية بين الرباط والعواصم المؤثرة، وسط تفاؤل متزايد بإمكانية التوصل إلى حلّ سياسي توافقي ينهي واحدا من أقدم النزاعات في القارة الإفريقية.
0 تعليق