يستعد المخرج والممثل المغربي زهير آيت بنجدي لخوض جولة وطنية جديدة بمسرحية تحمل عنوان “عرس فالضس”، سيجوب بها عددا من المدن المغربية، في إطار المشاريع المسرحية المدعمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة برسم سنة 2025.
يأتي هذا العمل ليكرس حضور المسرح الكوميدي الاجتماعي على الساحة الوطنية، من خلال رؤية إخراجية تمزج بين السخرية الذكية والطرح الواقعي لقضايا المجتمع.
تدور أحداث المسرحية، حسب المعطيات التي تتوفر عليها هسبريس، حول قصة اجتماعية بطابع كوميدي، تسلط الضوء على علاقة زوجين ينتميان إلى طبقتين مختلفتين: حليمة، طبيبة بيطرية من عائلة ثرية مهووسة بالمظاهر، وحليم، شاب بسيط محدود التعليم وعاطل عن العمل. ورغم رفض أسرتها لهذا الزواج، تصر حليمة على الارتباط بحليم، لكن سرعان ما تبرز الفوارق الطبقية بينهما لتضع العلاقة على المحك. وبعد عامين من الزواج، تقرر الزوجة إقامة عرس جديد “يليق بمقامها”، محاولة بذلك تعويض بساطة زفافها الأول، فيوافق الزوج على ذلك، مسلما التنظيم لصديقه جواد الملقب بـ“ولد النكافة”، الذي يقدم نفسه كخبير في كل شيء من دون أن يملك أي كفاءة حقيقية.
وتتحول أجواء الفرح إلى سلسلة من المواقف الساخرة والمحرجة بسبب فوضى التنظيم وتدخل شخصيات غريبة، أبرزها “الجوكير الفني” الذي يفترض أن يحيي الحفل، لكنه لا يجيد الغناء أصلا، لتبدأ سلسلة من المفارقات العبثية التي تتصاعد حين تدخل العروس في مرحلة المخاض ويستدعى “طبيب” يتضح لاحقا أنه مجرد دجال.
في ختام الأحداث، يتبين أن كل ما جرى لم يكن سوى تمثيلية داخل العرض نفسه، قبل أن يفاجأ الزوج بتوقيعه على عقد طلاق بدون علمه، لتتزوج حليمة من جواد وسط مشهد ختامي ساخر يكشف عبثية المظاهر والصراع الطبقي في قالب فكاهي لاذع.
المسرحية من تأليف نهيلة نايت بيهي، وإخراج وتمثيل زهير أيت بنجدي، بمشاركة كل من زينب علجي، رضى بنعيم، وأمين التاليدي، وقد استفادت من دعم مالي قدره 50 ألف درهم ضمن الدورة الأولى لسنة 2025 الخاصة بدعم المشاريع الثقافية والفنية.
يقدم زهير آيت بنجدي من خلال “عرس فالضس” قراءة اجتماعية ساخرة للعلاقات الزوجية الحديثة وضغوط المظاهر التي تحول الحياة المشتركة إلى منافسة سطحية، مع التطرق إلى ظاهرة العنف النفسي ضد الرجال في العلاقات، من زاوية إنسانية وكوميدية في الآن ذاته.
ويعتمد العمل على التفاعل المباشر مع الجمهور، الذي يشكل جزءا من العرض وشريكا في تطوير الأحداث لحظة بلحظة، مما يمنح التجربة المسرحية طابعا حيويا يقربها من روح “المسرح الحي”.
أما من الناحية الفنية، فقد حرص المخرج على المزج بين الكوميديا، الارتجال، والنص المكتوب الذي يتيح للممثلين مساحة للتعبير والإبداع الآني، بينما تم بناء التصور الموسيقي على تفاعل متناغم بين الإيقاعات المغربية التقليدية والمؤثرات الصوتية الحديثة، في تناغم يواكب الإيقاع الدرامي المتقلب بين الفرح والفوضى.
وتستخدم الموسيقى كعنصر سردي يسهم في تصعيد التوتر الدرامي وإضفاء أجواء احتفالية تحاكي طقوس الأعراس المغربية بروح ساخرة.
ويؤكد زهير آيت بنجدي من خلال هذا العمل رغبته في تطوير رؤية مسرحية مغربية معاصرة تنهل من الواقع اليومي للمغاربة، وتقدّم نقدا اجتماعيا في قالب من الترفيه الهادف، يعيد إلى المسرح روح الكوميديا التي تجمع بين الإضحاك والتفكير، وتعيد للجمهور شغفه بالفرجة المسرحية الأصيلة.
0 تعليق