الأغلبية البرلمانية ترتدي "جُبة المعارضة" وترفض الصمت أمام الحكومة - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أثارت الطريقة الحادة في تقديم الأسئلة من لدن نواب ينتمون إلى الأغلبية البرلمانية لوزراء الحكومة، في أول جلسة للأسئلة الشفهية بعد افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة من عمر الولاية الانتدابية، تساؤلات حول مدى استمرار برلمانيي الأغلبية في دعم الحكومة إلى آخر يوم في عمرها.

وبدا هذا الأمر واضحا للعيان، خصوصا مع ما صدر عن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، ردا على برلمانيتين تنتميان إلى الأغلبية بقوله: “يبدو أني الوحيد من بقي في الأغلبية، كلشي في المعارضة”.

الأغلبية ترفض الصمت

رفض أحمد التويزي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، الحديث عن إمكانية تخلي الأغلبية البرلمانية عن دعم الحكومة، معتبرا أن توجيه النقد إلى الوزراء لا يعني التراجع عن التموقع في الأغلبية.

وسجل التويزي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك ميثاقا ينظم الأغلبية، وسيكون عبثا التخلي عن ذلك”.

وأضاف العضو البارز في “البام”، أحد الأحزاب الثلاثة المكونة للتحالف الحكومي الحالي، أن “قرار المشاركة في الحكومة كان بناء على موافقة المجالس الوطنية لهاته الأحزاب؛ بالتالي التخلي عن ذلك يلزم منه العودة إليها لاتخاذ القرار. لهذا، فإن الأغلبية ستبقى أغلبية”، لافتا إلى أن انتقاد الحكومة يدخل ضمن صميم عمل النواب البرلمانيين باعتبارهم جهازا رقابيا على الحكومة.

في هذا السياق، تابع المتحدث عينه: “ولو أننا نقوم بالتصويت على ما تأتي به الحكومة، فلا وجود لمانع أن ينتقد برلماني وزيرا من حزبه أو غيره لأنه يقوم بدوره”، مبرزا أن “الوزير الذي سيتذمر من انتقادات البرلماني فهذا شأنه، والأغلبية ما ساكتاش، حيث تنتقد وتقدم بدائل”.

وشدد المسؤول الحزبي على أن “ما يجب أن تفهمه الحكومة، وهو ما قلناه في اجتماعاتنا معها، أنها هي جهاز تنفيذي تقدم مشاريع قوانين للمصادقة عليها، ودور البرلمان واضح من خلال المراقبة ثم تقييم السياسات العمومية. وهذه ثقافة يجب أن نبنيها، حيث إن الحكومة جهاز تنفيذي تحت رقابة البرلمان”.

وبدد رئيس فريق “البام” بمجلس النواب المخاوف من تفكك الأغلبية في السنة الأخيرة من عمر الحكومة، حيث قال “الأغلبية ستبقى مجتمعة، والنقد سيكون وسنرفع صوتنا في كل ما نراه مخالفا لنا، ونحن مقبلون على مشروع قانون المالية سنرى هل فيه تجاوب مع مطالب الشباب ويقدم إجابات واضحة حول التعليم والصحة ومحاربة الفساد والتشغيل، وسنقول كلمتنا حينها”.

انعكاس الضغط

رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، قال إن الدخول البرلماني الجديد يثير سؤالا جوهريا حول مدى استعداد برلمانيي الأغلبية للاستمرار في نهج الدعم اللامشروط للحكومة، خصوصًا في سياق يتسم بتصاعد الحراك الشبابي وتنامي الوعي النقدي تجاه أداء الفاعلين السياسيين.

وأفاد لرزق، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الشباب أصبحوا اليوم يشكلون قوة ضغط اجتماعي ورقمي حقيقية، واستطاعوا إعادة ترتيب أولويات النقاش العام من الانتماء الحزبي إلى مساءلة النتائج والالتزامات.

هذا التحول، وفق الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري والعلوم السياسية سالف الذكر، “ينعكس على سلوك نواب الأغلبية أنفسهم، الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة الانضباط الحزبي وبين سندان الرأي العام؛ ما يدفعهم إلى تبني خطاب أكثر تمايزا واستقلالية داخل الفضاء البرلماني”.

وشدد لزرق على أنه في ظل هذا الوضع “يصبح دعم الحكومة مشروطا بقدرتها على الاستجابة للمطالب الاجتماعية وتحقيق نجاعة ملموسة في السياسات العمومية؛ بينما يتراجع منطق التحالف الصامت لصالح توازن جديد بين الولاء المؤسساتي والمساءلة الديمقراطية، في ظل رقابة اجتماعية متنامية تقودها أجيال جديدة ترفض الصمت وتطالب بالفعل السياسي المسؤول”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق