شكلت التطورات المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي في علاقتها بالحوسبة والكمّ (“كوانتوم” Quantum)، أبرز محاور النقاش في فعاليات “جيتكس غلوبال 2025″، المستمرة إلى غاية الـ 17 من أكتوبر الجاري؛ إذ استقطبت هذه القضايا التي ترسُم واقع ومستقبل العالم التقني اهتمام عدد كبير من الخبراء وشركات التكنولوجيا المشاركة.
رؤى استراتيجية
استعرضت الجلسات الحوارية رؤى استراتيجية من مسؤولين عالميين بارزين حول كيفية مواكبة هذه التحولات. وفي هذا السياق، دعا جيم كيلر، الرئيس التنفيذي لشركة “تينستورنت”، إلى “تبني نهج الذكاء الاصطناعي السيادي”، مشددا على أهمية “بناء بنى تحتية حَوْسبية مستقلة عبر الاعتماد على “المصادر المفتوحة” (Open Sources).
ومن على المنصة الرئيسية للمعرض العالمي قال كيلر: “المصدر المفتوح ليس مجرد طريق للابتكار، بل هو وسيلة لامتلاك مصيرك بنفسك. تخيّل عالما تمتلك فيه المِلكية الفكرية للذكاء الاصطناعي وتقنيات المعالجات مع برمجيات مفتوحة المصدر؛ عندها ستتمكن من إنشاء عالم يمكن فيه لأي شخص بناء حلول بالذكاء الاصطناعي”.
من جانبها، قدمت آنا باولا أسّيس، الرئيسة المديرة العامة لأسواق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والأسواق النامية في شركة “IBM”، رؤى حول التفاعل بين نماذج الذكاء الاصطناعي و”هندسات الكوانتوم”، موضحة أن “التحدي يكمن في كيفية نشر الذكاء الاصطناعي بطريقة مفهومة وذات جدوى اقتصادية (…) ومع هندسة الكمّ يمكننا تنفيذ الكثير من العمليات بشكل متوازٍ في اللحظة نفسها، ما يتيح للمبتكرين إيجاد حلول اليوم كان سيستغرق إنجازها سنوات على حاسوب تقليدي”.
تحديات الاستدامة والنمو
لم تخلُ النقاشات من منظور مالي واضح، خاصة مع ما أثاره بول ل. بالانديان، الرئيس التنفيذي الشريك العام في “أوليري فينتشرز”، من تحديات “بناء مراكز البيانات الضخمة”، مشددا على أن “قطاع مراكز البيانات هو أساسا قطاع طاقة”، قبل أن ينبه إلى “النقص الهائل في إمدادات الطاقة، خاصة في أمريكا الشمالية”.
ورغم “الحماس الكبير” للذكاء الاصطناعي، أقام المتحدث فارقا بين “الضجيج والقيمة” في الذكاء الاصطناعي؛ لأننا-بحسبه-“ما زلنا في المراحل الأولى من مسيرة تمتد لخمسة عقود”، وأن ما يوصف بـ”الفقاعة هو مجرد إفراط في الحماس والتقييمات المبالغ فيها للشركات الناشئة، لكن الاتجاه الضخم في توليد الطاقة أو البيانات لن يختفي”، بتعبيره.
“أخلاقيات الذكاء” في الإبداع
في شق من النقاشات الحوارية، التي تابعتها هسبريس، أثار إيليا سيتون، الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند كلاود”، مستقبل الموسيقى في عصر الذكاء الاصطناعي، داعيا إلى “تحقيق التوازن بين الإبداع والشفافية”.
وقال سيتون: “الذكاء الاصطناعي والموسيقى قضية ثقة وشفافية. أحد التحديات الكبرى هو ما إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي قد درّبت نماذجها على إبداع بشري وملكية فكرية بدون موافقة”، عادّا “التعرف على المحتوى والكشف عن الذكاء الاصطناعي ووَسْم المحتوى عناصرَ أساسية لبناء هذه الثقة واحترام الإبداع”.
ابتكارات متنوعة
تواصلت عروض وسلسلة الابتكارات من بعض الشركات العارضة باسطة للزوار والمهتمين “أحدث ابتكاراتها في مجالات الحوسبة والبيانات والذكاء الاصطناعي”.
في أحدث الصيحات العالمية لـ”التخزين السحابي” عُرضت حلولٌ تهم “تحليلات البيانات المعززة بالذكاء الاصطناعي، وهندسات سحابية مستدامة مصممة خصيصا لمنطقة الشرق الأوسط”؛ فيما كشفت إحدى الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي التطبيقي عن حزمة من الحلول تهدف إلى تحويل قطاعات متنوعة.
وعرفت الدورة الـ45 من “جيتكس غلوبال” تقديم حلول الجيل الجديد مثل “Morpheus Enterprise” و”VME” لـ”أتْمتة السحابة الهجينة الذكية”، بالإضافة إلى منصة “Sovereign AI Factory” التي “تساعد الحكومات والمؤسسات على نشر بنيات ذكاء اصطناعي موثوقة محليا”.
وحسبما أفاد به المنظمون، فقد استُعرضَت، خلال الفعاليات، “أدوات قوية للمُطورين توفر إمكان تحكم كامل باستخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسة، مع التركيز على خصوصية البيانات والإنتاجية”، مع عرض تشكيلات من “الروبوتات الصناعية والعسكرية والبشرية”، بما في ذلك “الروبوت البشري A2 القادر على تعلم مهارات معقدة مثل الإجراءات الجراحية، و”مَركبة ذاتية القيادة” صُممت لعمليات الشرطة والسلامة العامة، مزودة بمستشعرات متقدمة ورصد مدعوم بالذكاء الاصطناعي.
0 تعليق