افتتحت مؤشرات الأسهم الأوروبية، اليوم الجمعة، تداولاتها على أداء متباين، مع تسجيل أسهم شركات الدفاع الأوروبية تراجعًا ملحوظًا، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق ضغوطًا على قطاع المعادن النادرة وسط توقعات بتباطؤ الطلب العالمي على المواد الاستراتيجية.
وجاءت تحركات السوق الأوروبية في أعقاب إعلان اتفاق سلام في غزة، مما قلل من المخاوف الجيوسياسية في المنطقة وأدى إلى انخفاض الطلب على أسهم شركات الدفاع. وأكد محللون أن أي مؤشرات على تهدئة النزاعات عادة ما تؤثر سلبًا على أسهم الشركات المرتبطة بالأسلحة والدفاع، نظرًا لانخفاض التوقعات بشأن الإنفاق العسكري المستقبلي في أوروبا والشرق الأوسط.
وأشار التقرير الصادر عن مؤسسات مالية أوروبية إلى أن تراجع أسهم الدفاع تراوحت بين 2% و5% في أسواق باريس ولندن وفرانكفورت، مع تراجع أسهم شركات مثل “تاليس” الفرنسية و“BAE Systems” البريطانية ومجموعة ليونارد الألمانية. وأوضح الخبراء أن المستثمرين يتجهون إلى إعادة توزيع محافظهم الاستثمارية بعيدًا عن أسهم الدفاع، متجهين إلى القطاعات الأقل تأثرًا بالتوترات الجيوسياسية، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والخدمات المالية.
إلى جانب تراجع أسهم الدفاع، شهدت أسواق المعادن النادرة ضغوطًا متزايدة نتيجة المخاوف بشأن العرض والطلب، خاصة بعد إعلان بعض الدول الكبرى عن قيود جديدة على تصدير المواد الخام الأساسية المستخدمة في صناعة الإلكترونيات والسيارات الكهربائية والطائرات. وأوضح خبراء السوق أن هذه القيود قد تؤثر على شركات صناعة البطاريات والمكونات الإلكترونية، وهو ما انعكس على أسعار أسهمها في البورصات الأوروبية، لاسيما في ألمانيا وهولندا وفرنسا.
وفي سياق متصل، شهدت القطاعات الصناعية الأوروبية أداءً متباينًا، حيث سجلت أسهم شركات التكنولوجيا والطاقة المتجددة ارتفاعًا طفيفًا، مدعومة بمؤشرات على استمرار الطلب العالمي على الابتكار وحلول الطاقة النظيفة، في مقابل استمرار ضغوط على أسهم القطاع المالي نتيجة مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الأوروبي.
وأكد محللو الأسواق أن المستثمرين الأوروبيين يراقبون عن كثب التطورات السياسية في الشرق الأوسط، خاصة بعد توقيع اتفاق السلام في غزة، مشيرين إلى أن الاستقرار السياسي والجيوسياسي يقلل من الحاجة إلى الإنفاق الدفاعي، ويزيد من جاذبية الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المدنية، مثل البنية التحتية والخدمات اللوجستية والطاقة النظيفة.
كما تطرق الخبراء إلى تأثير أزمة المعادن النادرة على سلاسل الإمداد الصناعية الأوروبية، مؤكدين أن استقرار الأسعار والتوزيع العادل للموارد الاستراتيجية سيكون عاملًا رئيسيًا لدعم الصناعات التحويلية والتكنولوجيا المتقدمة. وفي ضوء ذلك، يُتوقع أن تستمر الأسواق الأوروبية في حالة من التقلب النسبي خلال الأسابيع المقبلة، مع مراقبة التطورات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية عن كثب.
وفي ختام الجلسة، شدد المحللون على أهمية التنويع الاستثماري، مؤكدين أن المستثمرين الأوروبيين يسعون إلى تقليل المخاطر عبر توزيع استثماراتهم على قطاعات متعددة بعيدًا عن أسهم الدفاع والموارد المحدودة، مع التركيز على القطاعات التي توفر عوائد مستقرة ومستقبلية، مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والخدمات المالية المستدامة.
0 تعليق