مع تسارع خطوات الإصلاح الاقتصادي في مصر خلال الأشهر الأخيرة، وقرارات البنك المركزي لضبط السياسة النقدية بخفض جديد في أسعار الفائدة بنسبة 1%، بالتزامن مع تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري لتثير هذه التطورات تساؤلات واسعة بين المواطنين حول هل يعني خفض الفائدة وتراجع الدولار أن الأسعار ستنخفض أخيرًا؟ أم أن موجة الغلاء ستستمر؟
ضغوط تضخمية قادمة
تقول نشوى صالح، خبيرة التمويل الدولية وزميل الجمعية الملكية لأعضاء مجالس الإدارة بإنجلترا، في تصريحات لقناة "الشرق"، إن قرار البنك المركزي الأخير جاء "بحرص واضح"، لأن الفترة المقبلة ستشهد موجة جديدة من الضغوط على الأسعار، ما يستدعي الإبقاء على سياسة نقدية متوازنة.
وتوضح صالح أن هناك عدة عوامل ستدفع نحو ارتفاع التضخم خلال الربع الأخير من العام، في مقدمتها تعديل قانون الإيجارات القديمة، والذي سيؤثر على نحو 12% من مكونات التضخم في مصر، إضافة إلى الزيادة المرتقبة في أسعار المحروقات.
وأضافت: "لا نزال نرى تداعيات السياسات الاقتصادية العالمية، خاصة تلك التي اتخذتها الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية والتجارة الدولية، وكل هذه التطورات تضغط على مؤشرات الأسعار".
وتتوقع خبيرة التمويل أن معدلات التضخم في مصر قد ترتفع بما يتراوح بين 4% و6% خلال الفترة المقبلة نتيجة لتلك العوامل المتشابكة، مؤكدة أن "المركزي لم يكن أمامه مساحة كبيرة للتحرك بخفض أكبر للفائدة دون المخاطرة بزيادة التضخم".
تراجع القطاع الخاص رغم الاستثمارات
وفي تعليقها على تراجع مؤشر مديري المشتريات في مصر للشهر السابع على التوالي، أوضحت صالح أن استمرار انكماش النشاط في القطاع الخاص غير النفطي يعكس وجود مشاكل هيكلية تتجاوز حدود القطاع نفسه.
وقالت: "معظم الصفقات والاستثمارات التي سمعنا عنها مؤخرًا تتركز في القطاع العقاري، وهو قطاع ذو تأثير محدود مقارنة بالقطاعات الإنتاجية، ولذلك لم نرَ تحسنًا واضحًا في المؤشرات الاقتصادية الأخرى".
الخصخصة والمصداقية الاقتصادية
وشددت صالح على أن تحسين ثقة القطاع الخاص والمستثمرين يتطلب الوفاء بالوعود الحكومية المتعلقة بخطة الخصخصة والتروحات، موضحة أن الحكومة كانت تستهدف نحو 3 مليارات دولار من الطروحات في البورصة، لكنها لم تحقق سوى حوالي 600 مليون دولار فقط حتى الآن.
وأضافت أن تنفيذ هذه الخطط بشكل جاد وشفاف هو ما سيعيد الثقة للأسواق، ويحفز النشاط الاقتصادي الحقيقي بعيدًا عن القطاعات محدودة الأثر.
0 تعليق