إيتمار بن غفير.. من أصول عراقية إلى صدارة اليمين المتطرف في إسرائيل - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مشهد سياسي إسرائيلي يتجه بقوة نحو اليمين، يبرز اسم إيتمار بن غفير كواحد من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في العقدين الأخيرين. فالرجل الذي كان يُنظر إليه قبل سنوات قليلة باعتباره “ناشطًا متطرفًا ومتهورًا”، أصبح اليوم الوزير الثالث من حيث النفوذ في حكومة بنيامين نتنياهو، ويمسك بملفات الأمن القومي والشرطة وحرس الحدود ومصلحة السجون، بميزانية تفوق 6 مليارات دولار وتحت إدارته نحو 60 ألف موظف، بحسب صحيفة Jerusalem Post وموقع Times of Israel.

جذور عراقية وبدايات متطرفة

وُلد بن غفير في القدس عام 1976 لعائلة يهودية من أصول عراقية وكردية، بحسب ما ورد في BBC العربية وThe Guardian.

526.jpg
وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن جفير 

والده من سلالة يهودية عاشت قرونًا في العراق، ووالدته كانت ناشطة في حركة “إتسل” المسلحة التي قاومت الانتداب البريطاني. ومنذ مراهقته، أبدى ميولاً قومية متشددة، وانخرط في حزب “موليدت” اليميني المتطرف، قبل أن يتأثر بشكل مباشر بأفكار الحاخام مائير كاهانا، مؤسس حركة “كاخ” التي حُظرت رسميًا في إسرائيل والولايات المتحدة وصُنفت كـمنظمة إرهابية.

من أتباع "كاخ" إلى ساحة السياسة

تاريخ بن غفير السياسي بدأ من الهامش. فقد رُفض انضمامه للجيش الإسرائيلي بسبب أفكاره المتطرفة، وواجه لاحقًا أكثر من 50 تحقيقًا قضائيًا، وأُدين في 8 قضايا تتعلق بـ"التحريض على الكراهية" و"دعم الإرهاب"، وفق BBC وHaaretz.

أحد أشهر أفعاله حين كان ناشطًا شابًا هو سرقة شعار سيارة رئيس الوزراء إسحق رابين قبيل اغتياله عام 1995، إذ قال علنًا: “مثلما وصلنا إلى الشعار، يمكننا الوصول إلى رابين”، في تلميح خطير أدانته به وسائل الإعلام الإسرائيلية.

ومع ذلك، ظل بن غفير على هامش السياسة حتى عام 2021، حين اندلعت صدامات عنيفة بين العرب واليهود في المدن المختلطة. ظهر حينها في الصفوف الأولى، متحديًا الشرطة، ومتهمًا الحكومة بـ“فقدان السيطرة”، ليبدأ اسمه في الصعود بقوة داخل المعسكر اليميني.

قفزة سياسية غير مسبوقة

في انتخابات عام 2022، حقق حزبه “عوتسما يهوديت” (القوة اليهودية)، الذي تحالف مع حزب “الصهيونية الدينية”، قفزة هائلة من 20 ألف إلى أكثر من 420 ألف صوت، ليصبح ثالث أكبر كتلة في الكنيست، وفقًا لتقرير Times of Israel.

منذ ذلك الحين، أصبح بن غفير صانع ملوك حقيقي داخل ائتلاف نتنياهو، يفرض رؤيته المتشددة على القرارات الأمنية، ويدعو صراحة إلى احتلال قطاع غزة بالكامل و"تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين"، بحسب The Guardian.

بن غفير بين الأيديولوجيا والدين

بن غفير يؤمن بما يسميه “السيادة اليهودية الكاملة على أرض إسرائيل”، ويرفض تمامًا فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة. كما عُرف بعدائه الشديد للعرب، وكرهه لما يصفه بـ"اليهود المنبطحين" الذين يدعون للتعايش أو التسوية.

تقول الباحثة ليوني فلايشمان، أستاذة السياسة الدولية في جامعة لندن، في تصريح لـBBC:“إن أيديولوجية بن غفير ليست مجرد سياسة، بل عقيدة دينية–قومية متجذرة، يرى فيها نفسه حارسًا للهوية اليهودية، لا سياسيًا عاديًا”.

من شارع الشيخ جراح إلى باحات الأقصى

لم يتردد بن غفير في اقتحام حي الشيخ جراح عام 2021 وسط توترات القدس، ورفع شعارات تحريضية ضد الفلسطينيين. كما قاد اقتحامات متكررة لباحات المسجد الأقصى، كان آخرها في أكتوبر 2025، وهو ما اعتبرته Al Jazeera English وReuters “تصعيدًا خطيرًا” يذكّر بزيارة أرييل شارون للموقع ذاته عام 2000، والتي أشعلت الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

عقوبات دولية وعزلة متزايدة

في يونيو 2024، فرضت كل من أستراليا وكندا والمملكة المتحدة ونيوزيلندا والنرويج عقوبات على بن غفير ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بسبب “التحريض المستمر على العنف ضد الفلسطينيين”، بحسب BBC News وThe Guardian.

كما منعت هولندا وسلوفينيا دخوله إلى أراضيهما، في خطوة غير مسبوقة ضد وزير إسرائيلي أثناء توليه منصبه.

محاولة لتلميع الصورة؟

رغم تاريخه الصدامي، حاول بن غفير في السنوات الأخيرة أن يبدو أكثر “اعتدالاً” أمام الجمهور، فصرّح بأنه لن يعارض المثليين إذا كان أحد أبنائه منهم، لكنه تمسك برفض الزواج المدني وأي تغيير في الطابع الديني للدولة.

غير أن محللين في The Guardian وCarnegie Middle East Center يرون أن تلك التصريحات “تكتيكية”، تهدف لتوسيع قاعدته الشعبية استعدادًا لمرحلة ما بعد نتنياهو.

بن غفير.. من الهامش إلى مركز القرار

من مراهق متطرف يُمنع من الخدمة العسكرية، إلى وزير للأمن القومي يمتلك واحدة من أكبر الحقائب في الحكومة الإسرائيلية، يجسد إيتمار بن غفير تحول المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتشدد.

فبين أيديولوجيا دينية متطرفة ونفوذ سياسي غير مسبوق، يقف هذا الوزير اليوم رمزًا لتحول خطير في بنية السلطة الإسرائيلية، حيث تتداخل العقيدة مع السياسة، ويُعاد تعريف الأمن القومي وفق منظور عقائدي ضيق، قد يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق