ليه البنوك المركزية الكبرى بتشتري كميات ضخمة من الدهب؟ وليه العالم كله بقى بيخزّن دهب كأنه بيخزن أمان؟ هو إيه اللي بيحصل؟ وليه بنسمع إن دول كبيرة زي الصين وروسيا بيشتروا دهب بكميات مش طبيعيةا؟ هل ده جزء من خطة اقتصادية؟ ولا استعداد لصدمة مالية جاية؟ ولا ببساطة الناس فقدت الثقة في الدولار؟ وهل ده السبب اللي خلى أسعار الدهب توصل لأرقام مجنونة السنة دي؟
فيه حقيقة لازم نقولها بوضوح… الدهب دلوقتي مش مجرد معدن غالي، ده بقى سلاح اقتصادي حقيقي، وسيلة دفاع بتستخدمها الدول عشان تحمي نفسها من التقلبات المالية والحروب الاقتصادية اللي بقت بتحكم العالم.
خلينا نبدأ من الصين اللي بقت حرفيًا أكبر مشترٍ للدهب في العالم خلال السنين الأخيرة. البنك المركزي الصيني بيشتري دهب كل شهر تقريبًا، وسجّل مشتريات قياسية السنة دي زادت عن 225 طن دهب من أول 2025 بس.
الصين مش بتخزّن دهب لمجرد التفاخر.. هي بتبني “درع ذهبي” ضد الدولار الأمريكي وضد أي عقوبات ممكن تتفرض عليها زي ما حصل مع روسيا.

أما روسيا فقِصتها مع الدهب معروفة من وقت الحرب في أوكرانيا.. بعد ما اتجمّد جزء كبير من احتياطياتها الدولارية واليورو بسبب العقوبات الغربية، قررت روسيا تعتمد على الدهب كملاذ آمن، وزودت احتياطياتها منه بشكل ضخم جدًا، لدرجة إن البنك المركزي الروسي بقى يحتفظ بأكتر من 2400 طن دهب، وده بيخليها ضمن أكبر خمس دول في العالم عندها احتياطي دهب. بمعنى تاني… الدهب رجع يبقى “عملة البنوك المركزية الجديدة”، لأنه أصل من غير مخاطرة، مالوش جنسية، ماينفعش دولة تفرض عليه عقوبات، ولا ممكن تنهار قيمته فجأة زي العملات الورقية.
لكن هل ده السبب اللي خلى أسعار الدهب تولّع كده؟
الإجابة آه وبقوة كمان.. الطلب الكبير من البنوك المركزية بقى يشكّل أكتر من ربع الطلب العالمي على الدهب، وده رفع الأسعار لمستويات تاريخية، لدرجة إن سعر الأونصة وصل لحدود 4 الاف دولار في بعض فترات 2025، وده أعلى رقم في تاريخ المعدن الأصفر. كمان، التوترات الجيوسياسية الكتيرة — من حرب أوكرانيا، لتوترات الصين وتايوان، وحتى الصراع في الشرق الأوسط — كل ده بيخلي المستثمرين والبنوك نفسها تهرب ناحية الأمان… ناحية الدهب.
الدهب كمان ليه أهمية كبيرة جدًا في احتياطي الدول، لأنه ببساطة صمام الأمان الاقتصادي. الدول بتحافظ بيه على استقرار عملتها، ولو حصلت أزمة في العملات الأجنبية أو هبوط حاد في قيمة الدولار، الدهب بيبقى الضمان الحقيقي اللي يحافظ على القيمة. وكمان بيُستخدم كأداة توازن داخل الاحتياطي النقدي، يعني لما أسعار العملات تتقلب، الدهب بيحافظ على جزء من القوة الشرائية للدولة. علشان كده البنوك المركزية دايمًا بتنوّع احتياطياتها بين عملات وسندات ودهب.
وبما إن العالم كله داخل على مرحلة مليانة غموض اقتصادي، كل دولة بتحاول تأمّن نفسها بطريقتها، بس الواضح جدًا إن الدهب هو اللي كسب الرهان. فكر فيها كده… لما تلاقي الصين وروسيا والهند وتركيا وبعض دول الخليج بيشتروا دهب بالشهور، يبقى الرسالة واضحة: العالم مبقاش واثق في العملات زي زمان، الثقة راحت ناحية الأصل الحقيقي اللي ما بيتطبعش… الدهب.
بس السؤال اللي لسه محدش عارف جوابه: هل الاتجاه ده هيكمّل بنفس القوة؟ ولا ممكن الأسعار تهدى لو البنوك المركزية قررت توقف الشراء؟ اللي أكيد لحد دلوقتي إن الدهب بقى نجم المشهد المالي العالمي، وكل جرام بيتخزّن جوه خزنة بنك مركزي بيحكي قصة دولة بتحاول تحمي اقتصادها من اللي جاي.
0 تعليق