شهدت سوق السيارات المصرية خلال عام 2025 حالة من الانتعاش الواضح بعد سنوات من الركود والاضطرابات، لتبدأ مرحلة جديدة من التعافي التدريجي مدفوعة بتحسن المؤشرات الاقتصادية، واستقرار سعر الصرف، وعودة حركة الاستيراد والتجميع المحلي بوتيرة أقوى، وهذا التحسن يأتي بعد فترة وصفت من قبل التجار بأنها الأصعب في تاريخ القطاع، نتيجة أزمة الدولار وارتفاع معدلات التضخم وتراجع المعروض بشكل غير مسبوق.
وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، مرت سوق السيارات في مصر بظروف قاسية، أدت إلى شح المعروض وتوقف شبه كامل لعمليات الاستيراد، ما تسبب في ارتفاعات قياسية لـ أسعار السيارت في مصر وتباطؤ كبير في المبيعات، إلا أن عام 2025 حمل تحولا لافتا، حيث عادت المؤشرات إلى التحسن مع انحسار الأزمات السابقة، وبدء عودة التوازن بين العرض والطلب داخل السوق.
تراجع أسعار السيارات في مصر 23% في 2025
سجلت أسعار السيارات الجديدة في مصر تراجعا سنويا بنحو 23.3% خلال الربع الثالث من عام 2025، أي في الفترة من يوليو حتى سبتمبر، وفقًا لبيانات ميدانية حديثه نشرها الشرق بلومبرج، حيث شمل الانخفاض نحو 80 طرازا من مختلف العلامات التجارية، تراوح مقدار التراجع في أسعارها بين 20 ألف جنيه و350 ألف جنيه، في مؤشر واضح على انفراجة حقيقية في السوق بعد موجة الارتفاعات الحادة التي شهدتها الأعوام الماضية.

ويرى التجار - بحسب تقرير الشرق بلومبرج - أن هذا التراجع يعود إلى حزمة من العوامل مجتمعة، في مقدمتها التوسع في عمليات التجميع المحلي التي زادت من حجم المعروض في السوق، إلى جانب تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وانخفاض أسعار الفائدة، فضلا عن تباطؤ نسبي في الطلب الشرائي مقارنة بما قبل أزمة العملة الأجنبية.
وتضمنت قائمة الطرازات التي شملتها التخفيضات علامات متعددة منها: جيلي، وهيونداي، ورينو، وستروين، وشيفروليه، وجيتور، وشيري، وميتسوبيشي، وسيات، ودونغ فينغ، وبايك، وبيجو، وأوبل، ونيسان، وذلك بحسب القوائم السعرية الرسمية الصادرة عن وكلاء العلامات التجارية في السوق المحلية.
أسباب تراجع أسعار السيارات في مصر
من جانبه، قال علاء السبع، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن التحسن الحالي في أداء سوق السيارات يرجع إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحفزة، أبرزها استقرار سعر العملة المحلية أمام الدولار، والذي لم يشهد تذبذبات حادة كما كان الحال في الأعوام السابقة.
وأشار السبع، في تصريحات للعربية بزنس، إلى أن هذا الاستقرار مكن الوكلاء والمستوردين من توفير العملة الأجنبية اللازمة لفتح الاعتمادات ونماذج 4 الخاصة بالاستيراد، سواء للسيارات المستوردة بالكامل أو لمكونات الإنتاج الخاصة بالمركبات المجمعة محليًا، لافتا إلى أن دخول شركات جديدة للسوق خلال العام أسهم في خلق منافسة حقيقية بين العلامات التجارية، ما انعكس مباشرة على الأسعار وساهم في جذب شرائح جديدة من المستهلكين كانت قد انسحبت من السوق في فترات سابقة بسبب ارتفاع الأسعار.

وأضاف السبع أن خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي كان له دور مؤثر في تنشيط قرارات الشراء، مشيرًا إلى أن المستهلكين الذين كانوا مترددين في الإقدام على الشراء خلال الفترة الماضية بدأوا يشعرون بالاستقرار ويتخذون قرارات فعلية بالعودة للسوق.
تضاعف حجم مبيعات السيارات في مصر
ورغم هذا التعافي الملحوظ، يؤكد السبع أن السوق لا تزال دون مستويات المبيعات التي كانت تسجلها قبل عام 2020، حين بلغت مبيعات سيارات الركوب الرسمية نحو 300 ألف سيارة سنويًا، بجانب ما يقرب من 40 ألف سيارة بالاستيراد الشخصي.
وأضاف أن عام 2024 شهد بيع ما بين 140 و145 ألف سيارة ركوب، بينما تشير التوقعات الأولية لعام 2025 إلى إمكانية وصول المبيعات إلى نحو 200 ألف سيارة، أي بزيادة تقترب من 50% مقارنة بالعام السابق، معتبرًا ذلك مؤشرًا قويًا على عودة الثقة التدريجية في السوق المحلية.
كم ستتراجع أسعار السيارات في مصر؟
وفيما يتعلق بتوقعات الأسعار خلال الفترة المقبلة، أوضح السبع أن موجة التراجع الكبرى قد تمت بالفعل، ومن المرجح أن تكون الانخفاضات المقبلة محدودة نسبيا، لا تتجاوز في المتوسط ما بين 1% إلى 3% فقط.

وأشار إلى أن الجزء الأكبر من التخفيضات تحقق خلال النصف الأول من العام، خاصة بعد تحسن سعر الجنيه وتراجع الفائدة، ما خلق تخفيضات حقيقية وصلت إلى 100 و200 ألف جنيه في بعض الموديلات.
التخفيضات الحالية في أسعار السيارات لم تكن الأولى من نوعها خلال العام، إذ شهد النصف الأول من 2025 تراجعًا في أسعار نحو 25 علامة تجارية بنسبة وصلت إلى 15%، شملت طرازات متعددة بأسعار انخفضت ما بين 30 ألفًا و400 ألف جنيه، الأمر الذي مهد الطريق لانتعاش المبيعات واستعادة السوق جزءًا من عافيتها المفقودة.
قفزة بنسبة 83% في مبيعات السيارات خلال 7 أشهر
وفي تطور يعكس حجم التعافي الفعلي، قفزت مبيعات السيارات في مصر - وفقا لتقرير مجلس معلومات سوق السيارات (أميك) ـ بنسبة 83% خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، لتتجاوز 90 ألف سيارة، مقارنةً بأكثر من 49 ألف سيارة خلال الفترة نفسها من عام 2024.
وتعد هذه القفزة تأكيدا على عودة النشاط والحيوية إلى واحد من أكثر القطاعات تأثرًا بالأزمة الاقتصادية خلال السنوات الماضية، خصوصًا مع استمرار شركات السيارات في تقديم عروض سعرية وتسهيلات تمويلية للمستهلكين.

وبينما تواصل سوق السيارات المصرية مسارها نحو الاستقرار، يبقى التحدي الأكبر في ضمان استدامة التحسن الحالي وتعزيز قدرات السوق على مواجهة أي تقلبات مستقبلية في أسعار الصرف أو تكاليف الإنتاج، في ظل التوجه المتزايد نحو التوسع في التصنيع المحلي وجذب المزيد من الاستثمارات إلى هذا القطاع الحيوي.
0 تعليق