في كل مرة يزور فيها المستخدم موقعًا إلكترونيًا، تظهر نافذة منبثقة تطلب منه "قبول جميع ملفات تعريف الارتباط" أو "رفضها". وبالرغم من أن العديد من المستخدمين يضغطون على "قبول" لتجاوز النافذة بسرعة، إلا أن هذه الخطوة البسيطة قد تكون أكثر تأثيرًا مما يبدو، نظرًا لما تمثّله ملفات تعريف الارتباط (Cookies) من دور محوري في تجربة التصفح وحماية أو اختراق الخصوصية.
ما هي ملفات تعريف الارتباط أو الـ "Cookies" ؟
تعمل الملفات الصغيرة المعروفة بملفات تعريف الارتباط أو "Cookies" علي تسهّيل تجربة التصفح، وذلك من خلال تذكر بيانات تسجيل الدخول، أو حفظ عناصر سلة التسوق، أو الاحتفاظ بتفضيلات اللغة، مما يجعل استخدام المواقع أكثر سلاسة وراحة.
وفي المقابل، تُمكن هذه الملفات كلاً من المعلنين والجهات الخارجية من تتبع نشاطك عبر مواقع متعددة وأجهزة مختلفة، وذلك من خلال بناء ملفات تعريف مفصلة حول عاداتك وتفضيلاتك الرقمية.
ولذلك، يتوجب علي مستخدمي الإنترنت إدراك كيفية عمل ملفات تعريف الارتباط والمخاطر المرتبطة بها، لاتخاذ قرارات خصوصية واعية على الإنترنت.
تختلف ملفات تعريف الارتباط في مدتها وهدفها؛ فبعضها مؤقت ويختفي عند إغلاق المتصفح، بينما يبقى البعض الآخر لأسابيع أو أشهر، ما يسمح للمواقع بتقديم تجربة أكثر تخصيصًا.
ماذا يحدث عند الضغط علي “قبول الكل”؟
عند الضغط علي خيار "قبول الكل"، يُتاح للمستخدم الاستفادة من الميزات المخصصة والتصفح السلس، وفي ذات الوقت، يفتح هذا الخيار الباب أمام المعلنين والجهات الخارجية، خاصة المُخترقين، من ناحيتين، سواء لتتبع سلوكك الشخصي لأغراض إعلانية، أو حتى لفك كلمات السر الخاصة بك، بل وحتى حساباتك الشخصية والبنكية، يمكن اختراقها من خلال تلك الملفات الارتباطية، إذا لم تكن مؤمنة بالشكل الكامل.
وحينما تقوم برفض معظم ملفات تعريف الارتباط، مع الاحتفاظ بالأساسية منها فقط، يحسّن الخصوصية لكنه قد يقيد وظائف الموقع، مما يجعل التصفح أقل سلاسة في بعض الحالات.
انتشار ظاهرة "إرهاق الموافقة"
مع تكرار ظهور نوافذ ملفات تعريف الارتباط على غالبية المواقع، يعاني كثير من المستخدمين من ما يسمى بـ "إرهاق الموافقة"، حيث يضغط البعض بشكل تلقائي على "قبول الكل" دون قراءة التفاصيل أو مراجعة ما سيتم مشاركته من بيانات، وذلك حفاظًا على سرعة التصفح وراحة الاستخدام.
تتبع المستخدمين بطرق متعددة
ولا تقتصر أساليب تتبع المستخدمين على ملفات تعريف الارتباط فحسب، بل تشمل أيضًا تقنيات أخرى، مثل:
- برمجيات تسجيل النقرات.
- تتبع حركة مؤشر الفأرة.
- بصمة المتصفح (Browser Fingerprinting)، وهي طريقة تستخدم خصائص الجهاز ونوع المتصفح لتحديد هوية المستخدم حتى دون استخدام ملفات الارتباط.
هل الكوكيز ضارة دائمًا؟
بحسب خبراء في أمن المعلومات، ملفات تعريف الارتباط ليست ضارة بطبيعتها، بل هي أدوات ضرورية لتحسين التفاعل مع المواقع. لكن المشكلة تكمن في الكمّ الهائل من البيانات التي يتم جمعها خلف الكواليس، واستخدامها دون علم أو موافقة واضحة من المستخدم، مما يخلق حالة من عدم التوازن بين الراحة والخصوصية.
خطوات نحو تصفح آمن ومتوازن
ينصح الخبراء باتباع خطوات بسيطة لكنها فعالة لتعزيز الأمان الرقمي، دون التضحية بتجربة التصفح، منها:
- قبول ملفات تعريف الارتباط الضرورية فقط، ورفض التتبع غير الأساسي.
- استخدام أدوات متقدمة لحظر ملفات الارتباط من الأطراف الخارجية (Third-party Cookies).
- مراجعة إعدادات الخصوصية في المتصفح بشكل دوري.
- تثبيت إضافات الحماية التي تمنع التتبع الخفي.
- تحميل واستخدام متصفحات تضع الخصوصية في مقدمة أولوياتها.
كما يمكن الاستفادة من أدوات مثل "وضع التصفح الخاص"، وأدوات مسح الكوكيز بعد كل جلسة، إضافة إلى متابعة أحدث أخبار الخصوصية للتعرف على حقوق المستخدم الرقمية.
0 تعليق