العقوبات الأخيرة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على روسيا، نقلت الحرب في أوكرانيا من ميادين القتال إلى ميدان الطاقة.
فمع تباطؤ المعارك بسبب الشتاء، باتت موسكو وكييف تراهنان على ضرب أصول الطاقة لكسر الجمود العسكري وإعادة توجيه الضغط نحو الاقتصاد.
النفط.. شريان الحياة الروسي تحت الحصار
تشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن العقوبات الأميركية والأوروبية الأخيرة استهدفت صناعة النفط الروسية، التي تمثل المصدر الرئيسي لتمويل الحرب.
وتشمل العقوبات إدراج أكبر شركتين روسيتين، لوك أويل (Lukoil) وروس نفط (Rosneft)، في القائمة السوداء، في خطوة تهدف إلى تجفيف منابع تمويل الكرملين.
ويقول محللون إن هذه الخطوة تقطع وصول موسكو إلى النظام المالي العالمي، مع تهديد صريح بفرض عقوبات على أي جهة تواصل شراء النفط الروسي.
أوكرانيا تهاجم من الجو.. وروسيا ترد على الأرض
في المقابل، تعمل كييف على ما تسميه "العقوبات طويلة المدى" من خلال شن هجمات بطائرات مسيّرة على المصافي الروسية.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 20% من قدرات التكرير الروسية تضررت أو دُمرت حتى الشهر الماضي.
أما روسيا، فتواصل استهداف البنية التحتية للطاقة الأوكرانية، وخاصة الكهرباء والغاز، في محاولة لإضعاف صمود الشعب الأوكراني مع اقتراب الشتاء.
واشنطن تضغط لوقف النار عبر الاقتصاد
قال الدبلوماسي السابق في الاتحاد الأوروبي بالازس جارابيك إن العقوبات الأميركية التي فرضها ترامب على قطاع النفط الروسي جاءت رداً على حملة موسكو ضد شبكة الكهرباء الأوكرانية، مشيراً إلى أن واشنطن تستخدم الاقتصاد كأداة ضغط لإجبار الكرملين على التفكير في هدنة محدودة.
التحايل الروسي على العقوبات
ورغم شدة العقوبات التي فرضها ترامب، تؤكد الصحيفة أن روسيا أظهرت قدرة ملحوظة على الصمود بفضل دعم شركاء مثل الصين والهند، الذين واصلوا شراء النفط بأسعار مخفّضة، إضافة إلى لجوء موسكو إلى قنوات مالية غير رسمية للتهرب من القيود الغربية.
النفط والغاز.. مفتاح إعادة بناء القوة القتالية
يرى الباحث البريطاني جاك واتلينغ أن مفتاح قدرة روسيا على إعادة بناء قواتها العسكرية يكمن في الأموال المتدفقة من قطاع الطاقة.
ويقول: "المال هو العنصر الحاسم لإعادة تسليح الجيش الروسي، وتمويل العمليات العسكرية على المدى الطويل."
تراجع مرتقب في الإنفاق العسكري الروسي
بحسب تقديرات خبراء الاقتصاد، فإن تراجع العائدات النفطية سيجبر موسكو على تقليص إنفاقها العسكري العام المقبل، في أول انخفاض منذ اندلاع الحرب.
ويحذر محللون من أن استمرار العقوبات والضربات الأوكرانية على المصافي قد يؤدي إلى اختناق مالي تدريجي يعيد رسم موازين الحرب.
جبهة الطاقة.. ساحة الصراع المقبلة
مع استمرار الضغوط الاقتصادية والعسكرية، يرى مراقبون أن الحرب الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة تتركز حول التحكم في موارد الطاقة، لا في الأراضي.
وبينما تراهن واشنطن على العقوبات لخنق آلة الحرب الروسية، تراهن موسكو على البرد والغاز لكسر عزيمة الغرب.
وهكذا، يبدو أن الشتاء المقبل لن يحدد فقط مصير أوكرانيا، بل شكل النظام الدولي الجديد في جبهة الطاقة العالمية.















0 تعليق