في إنجاز نوعي يعزز مكانة الصناعة المصرية في مجالات الملاحة والإنشاءات البحرية، نجحت هيئة قناة السويس في تحقيق خطوة تاريخية تمثلت في تصدير أول قاطرتين بحريتين إلى الخارج، لتدخل القناة رسميا ولأول مرة سوق تصدير منتجات الملاحة البحرية، في مؤشر قوي على نجاح استراتيجية التوطين الصناعي والتحول نحو اقتصاد الإنتاج والتصدير.

تأتي هذه الخطوة بعد أن شهد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، توقيع عقد اتفاق بين مصنع مصر لبناء القاطرات التابع لشركة قناة السويس للقوارب الحديثة، ومجموعة NERI الإيطالية، لتصدير قاطرتين بقوة شد 90 طنًا من إنتاج المصنع المصري، على أن يتم تسليمهما خلال الربع الأول من عام 2026.

إنجاز صناعي جديد يعزز تنويع الإيرادات

يعد هذا التعاقد خطوة استراتيجية ضمن مساعي الهيئة لتنويع مصادر الإيرادات، خصوصًا بعد الصدمة التي تعرضت لها قناة السويس بفقدان نحو 9 مليارات دولار من رسوم عبور السفن على مدار العامين الماضيين نتيجة التوترات الجيوسياسية العالمية.

ويعكس هذا النجاح ثمرة استراتيجية الصناعة والتوجه للتصدير التي نفذها مصنع القاطرات التابع لشركة القناة للقوارب الحديثة خلال فترة لم تتجاوز 18 شهرا فقط، ليحقق بذلك هدفا استراتيجيا طالما سعت إليه الهيئة: الانتقال من مرحلة الخدمة إلى مرحلة الإنتاج والتصدير.

توقيع مصري - إيطالي يعيد الثقة

وفي هذا الإطار تم توقيع العقد في مبنى الإرشاد بالإسماعيلية، بحضور الفريق أشرف عطوة نائب رئيس الهيئة وعدد من القيادات التنفيذية، ومثّل الجانب المصري في التوقيع المهندس مصطفى الدجيشي، الرئيس التنفيذي لشركة قناة السويس للقوارب الحديثة، بينما وقع من الجانب الإيطالي Piero NERI رئيس مجموعة NERI، وينص الاتفاق على أن مصنع مصر لبناء القاطرات سيقوم بتوريد القاطرتين المزودتين بنظام دفع متطور من نوع ASD (Azimuth Stern Drive)، وهو ما يرفع من كفاءتهما التشغيلية في مهام السحب والمناورة داخل الموانئ.

مصنع القاطرات عبارة عن كيان يتبع شركة قناة السويس للقوارب الحديثة، وهي كيان مشترك بين هيئة قناة السويس وشركة ترسانة جنوب البحر الأحمر، ضمن توجه الدولة لتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الصناعات الاستراتيجية.

توجيهات القيادة السياسية: توطين الصناعة البحرية

تأتي الاتفاقية تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتوطين الصناعات البحرية المتقدمة، بما يمكن مصر من دخول أسواق التصدير بمنتجات تحمل شعار "صنع في مصر" بمعايير عالمية.

وفي هذا الإطار، أكد الفريق أسامة ربيع أن هذا التعاقد يمثل شهادة ثقة دولية في كفاءة وقدرات الصناعة البحرية المصرية، ويجسد رؤية الهيئة في رفع شعار "صنع في مصر" بمعايير الجودة العالمية. 

وأشار إلى أن هذه الخطوة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التصدير البحري، وتعيد الريادة التاريخية للترسانات الوطنية، مؤكدًا أن اسم قناة السويس وحده يمثل ضمانة للثقة والالتزام أمام أي شريك عالمي.

وأضاف ربيع أن المصنع تمكن خلال عام ونصف فقط من تحقيق هدف استراتيجي كبير بتصنيع منتجات قادرة على المنافسة عالميا، موضحا أن الشراكة مع القطاع الخاص أثبتت نجاحها في تحويل الأفكار إلى إنجازات واقعية.

مواصفات القاطرتين.. طراز عالمي ومهام متعددة

من جانبه، قال المهندس مصطفى الدجيشي الرئيس التنفيذي لشركة قناة السويس للقوارب الحديثة، إن القاطرتين من طراز Rastar 3200-W، وهو طراز عالمي عالي الأداء يستخدم في الموانئ والقنوات البحرية ومهام الإنقاذ والتراكي.

وأوضح أن المصنع يواصل في الوقت نفسه تنفيذ مشروع قاطرات “عزم” الجديدة لصالح قناة السويس، إلى جانب بناء 12 سفينة صيد أعالي بحار مجهزة بأحدث تقنيات التجميد والتخزين، في إطار خطة شاملة لتوسيع قاعدة الإنتاج البحري المصري.

شراكة مصرية – إيطالية تنطلق نحو المستقبل

بدوره، عبر Piero NERI رئيس مجموعة NERI الإيطالية، عن سعادته بالتعاون مع هيئة قناة السويس، مؤكدا أن القاطرتين تمثلان الخطوة الأولى في مسار شراكة طويلة الأمد بين الجانبين، معربا عن تطلعه لمزيد من المشروعات المشتركة خلال السنوات المقبلة.

بهذه الخطوة، تتحول قناة السويس من ممر عالمي للتجارة فقط إلى منصة تصديرية للصناعات البحرية المصرية، ما يعزز من مكانة مصر كمركز متكامل لصناعة السفن والقاطرات ويؤكد قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.