الابتكار المالى والفرصة الاستراتيجية لمصر - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كلما كانت الحكاية تبدأ دائما بقصد النجاح والتميز لمصر، كلما لاقت نجاحا وتميزا فعليا، فعلى سبيل المثال سنجد مصر تتميز في ملف استخدام أدوات التمويل الغير تقليدى فى ظل التطور الذي يشهده العالم كمرحلة غير مسبوقة فى هذا الشأن، ليكون لنا نصيب الأسد من النجاح القائم على الجهود وليس الصدفة فى التحول لمركز إقليمي للتمويل المستدام والمبتكر من خلال أدوات جديدة مثل السندات الخضراء وشهادات الكربون والتوريق، ربما لأننا تميزنا على أرض الواقع ودخلنا فعليا فى منافسة مع أسواق كبرى مثل أمريكا وشرق آسيا وأوروبا مما جعل مصر قبلة للعديد من المستثمرين والشركات وجعلنا دائما فى الصدارة كمركزا إقليميا بالفعل فى التمويل المبتكر والمستدام الذي يدعمنا أيضا كدولة صديقة للبيئة وجاذبة للاستثمارات..

الابتكار المالى يبرز كرافعة أساسية لإعادة صياغة خريطة الإستثمار..

وحول هذا الشأن قالت الدكتورة" شيماء وجيه" أستاذ الاقتصاد ومدير إدارة الجودة ببنك "QNB"  أن العالم اليوم يشهد مرحلة غير مسبوقة من التطور في استخدام أدوات التمويل الغير تقليدي، حيث لم يعد التمويل التقليدي قادرا وحده على تلبية احتياجات الاقتصادات في ظل التحديات العالمية المتصاعدة،  وفي إطار هذا السياق يبرز الابتكار المالي كرافعة أساسية لإعادة صياغة خريطة الاستثمار عالميا ومحليا، وتتصدر أدوات التوريق والسندات الخضراء هذا التحول.

التوريق من أداة تمويلية إلى آلية استراتيجية لإدارة المخاطر..

وأضافت أن التوريق الذي يقوم على تحويل التدفقات النقدية المستقبلية إلى أوراق مالية قابلة للتداول قد تطور بالفعل من كونه مجرد وسيلة لتوفير السيولة للشركات إلى كونه أداة استراتيجية لإدارة المخاطر وتنويع مصادر التمويل، فبالنسبة للسوق المصري شهدت السنوات الأخيرة توسعا ملحوظا في استخدام التوريق، وبدأت تستخدمه العديد من الشركات كشركات التطوير العقاري والتمويل الاستهلاكي التي اعتمدت عليه لزيادة معدلات النمو دون إثقال ميزانيتها وايضا استخدمته البنوك وصناديق الاستثمار والتي وجدت فيه أداة لتعظيم العائد وتنويع المحافظ الاستثمارية والجدير بالذكر هنا أن الدولة دعمت من جانبها توريق الحقوق المالية المستقبلية عبر تعديلات تشريعية عززت مرونة السوق وزادت من جاذبيته و بذلك أصبح التوريق أحد أهم القنوات لتدوير الأصول غير السائلة وتحويلها إلى أداة استثمارية وهو ما يدعم عمق السوق المالية ويزيد من كفاءتها.

السندات الخضراء.. التمويل من أجل خدمة الاستدامة..

وتابعت الدكتورة "شيماء وجيه" فى حديثها مع السوق العربية أنه مع صعود أجندة التنمية المستدامة والالتزامات المناخية العالمية لم تعد أسواق المال بمعزل عن التوجهات البيئية فظهرت السندات الخضراء كأداة تمويلية مخصصة للمشروعات ذات الأثر البيئي الإيجابي مثل الطاقة المتجددة والنقل المستدام و البنية التحتية الخضراء وتتجاوز أهمية هذه السندات البعد التمويلي إلى كونها أداة لإعادة توجيه رأس المال نحو استثمارات مسؤولة تتماشى مع معايير البيئة والمجتمع والحوكمة الرشيدة وهو ما أصبح معيارا رئيسيا لتصنيف الأسواق عالميا والجدير بالذكر هنا أن مصر أصدرت أول سندات خضراء سيادية عام 2020 وهذا الإصدار كان بمثابة شهادة ثقة من المؤسسات الدولية ورسالة بأن السوق المصرية قادرة على الدخول إلى قطاع التمويل المستدام، كما بدأت شركات القطاع الخاص بالفعل في دراسة خطوات مشابهة مما فتح المجال أمام طفرة في تمويل مشروعات البنية التحتية المستدامة.

أثر الابتكار المالي على خريطة الاستثمار..

وأوضحت "شيماء وجيه" أن صعود التوريق والسندات الخضراء لا يمثل مجرد إضافة أدوات جديدة للسوق، بل يعكس تحولا هيكليا في فلسفة الاستثمار من حيث تنويع الأدوات حيث يتم الانتقال من الاعتماد شبه الكامل على التمويل المصرفي إلى خلق بدائل سوقية مرنة و ايضا جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من خلال الأدوات المبتكرة التي تعد أكثر جاذبية للمؤسسات وصناديق الاستثمار العالمية التي تبحث عن أسواق واعدة ذات أدوات متنوعة و رفع كفاءة تخصيص الموارد من خلال توجيه السيولة نحو قطاعات إنتاجية أو تنموية، وتعزيز الشفافية والحوكمة حيث ان اصدارات التوريق والسندات الخضراء تخضع لمعايير إفصاح دقيقة، مما يرفع جودة البيانات في السوق.

التحديات أمام مصر والأسواق الناشئة..

ونوهت أنه رغم المكاسب الكبيرة، إلا أن هناك تحديات جوهرية يجب التعامل معها بواقعية فيما يخص التشريعات والرقابة حيث مازالت هناك حاجة ملحة إلى أطر مرنة تواكب سرعة الابتكار دون الإضرار بحماية المستثمر وهناك ضرورة ملحة لزيادة وعي المستثمر المحلي حيث ما زال بحاجة إلى تعزيز ثقافة الاستثمار في الأدوات غير التقليدية و ايضا ضرورة مراعاة التصنيف الائتماني والسمعة، حيث ان إصدارات السندات الخضراء تحتاج إلى معايير اعتماد دولية صارمة لضمان جاذبيتها و فيما يخص البنية التكنولوجية فإن التحول الرقمي في سوق المال أصبح ضرورة لتقليل تكلفة الإصدار والتداول وزيادة كفاءة السوق.

الفرصة الاستراتيجية لمصر..

كما أكدت الدكتورة "شيماء وجيه" أن تعزيز التوسع في التوريق والسندات الخضراء يمنح مصر فرصة لتكون مركزا إقليميا للتمويل المبتكر، لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها الطلب المتنامي على أدوات تمويلية بديلة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة والعمل على تطبيق محاور رؤية مصر 2030 التي تضع الاستدامة والنمو الأخضر في صلب أهدافها، وايضا الموقع الجغرافي والاقتصادي الذي يؤهل مصر لتكون حلقة وصل بين أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.و اخيرا فان الابتكار المالي لم يعد خيارا تكميليا بل أصبح ركيزة أساسية لإعادة رسم ملامح الاستثمار في مصر والمنطقة، وصعود أدوات مالية جديدة غير تقليدية مثل التوريق والسندات الخضراء يعكس اتجاها عالميا لا يمكن تجاهله، حيث يتلاقى فيه التمويل مع التنمية المستدامة وإدارة المخاطر مع خلق القيمة، وإذا استطاعت البورصة المصرية تعزيز بنيتها المؤسسية والتشريعية ورفع وعي المستثمرين فإنها لن تكتفي بأن تكون ساحة لتداول الأدوات التقليدية بل ستتحول إلى مركز ابتكار مالي يربط بين الاستثمار الفعال والمسؤولية المجتمعية بما يعيد صياغة مكانتها على الخريطة الإقليمية والعالمية.

سمير رؤوف..تغير المناخ ساعد على إنتاج منتج جديد يساعد على تحسين البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية..

فى سياق متصل قال "سمير رؤوف" خبير أسواق المال، أن تغير المناخ والبيئة ساعد الاقتصاد على إنتاج منتج جديد يساعد على تحسين البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية، مثل السندات الخضراء والمشروعات الخضراء مثل المونوريل، وتضمن وزارة المالية هنا المشروعات الحكوميه، ويتم طرح تلك السندات من خلال البورصة والمنتج الآخر هو شهادات الكربون والصادرة عن سوق الكربون الطوعي وهو نظام مالي للأفراد والمؤسسات والشركات شراء وبيع أرصدة كربون طواعية لتعويض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة. وتدعم هذه الأرصدة مشاريع العمل المناخي الهادفة إلى تقليل أو إزالة انبعاثات الكربون من الغلاف الجوي، وتكمن آلية عمل سوق الكربون الطوعي تمكين الشركات من تعزيز جهود الحد من آثار التغير المناخي خارج سلسلة القيمة الخاصة بها، من خلال الاستثمار طواعية في أرصدة الكربون عالية النزاهة. وهي تعتبر فرصة للشركات لتحمل المسؤولية عن الانبعاثات التي يصعب خفضها.

توليد الائتمانات يتم من خلال الأنشطة التى تحد من ثانى أكسيد الكربون..

وأضاف "رؤوف" أن كل رصيد كربوني يمثل طنا واحدا من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من الغازات الدفيئة الأخرى التي تم خفضها أو إزالتها من الغلاف الجوي. ويتم توليد الائتمانات من خلال المشاريع أو الأنشطة التي تحد من ثاني أكسيد الكربون، مثل مبادرات كفاءة الطاقة أو الطاقة المتجددة، وأنه يمكن للأفراد والشركات والمؤسسات التي تسعى إلى تقليل بصمتها الكربونية أو تعويضها، شراء أرصدة الكربون. ويوجه شراء هذه الأرصدة رؤوس الأموال اللازمة لمشاريع الحد من آثار التغير المناخي.

تميز مصر كمركز إقليمي مدعوما بنجاح البنوك المصرية فى ملف التوريق يعزز من كونها دولة صديقة للبيئة..

وأوضح رؤوف أن التوريق هو تحويل أطنان الكربون الى شهادات كربونية، ومن المتعارف عليه أن طن الكربون يساوي شهادة كربون واحدة، وتتميز مصر أنها سوق لبيع شهادات الكربون، ، كما تتميز البنوك المصرية فى ملف التوريق، وهو مايعزز دور مصر كمركز إقليمي للتمويل المبتكر والمستدام، ويعزز تحول مصر أيضا كدولة صديقة للبيئة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق