أعلنت النيابة العامة الاتحادية، اليوم على هامش مشاركتها في أسبوع جيتكس العالمي 2025، عن إطلاق الورقة البيضاء لقمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025 بالتعاون مع مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة "ATRC"، ومركز ترندز للبحوث والاستشارات كإصدار وطني يوثّق مخرجات القمة التي عُقدت في أبو ظبي برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة.
وتُعد الورقة خلاصة فكرية رصينة تضم أكثر من ستين مساهمة من 25 دولة، تقدم رؤية تحليلية معمقة حول التحديات والفرص التي يفرضها التحول التكنولوجي العالمي، وانعكاساته على منظومات العدالة والتشريع والحوكمة والمجتمع، مؤكدة مكانة الإمارات كمحور عالمي للحوار حول أخلاقيات وحوكمة التكنولوجيا.
وتسلط الورقة الضوء على ست قطاعات رئيسية تشمل العدالة، الصحة، التعليم، الاقتصاد، التشريع، والصناعة، إلى جانب أبرز التقنيات المحركة للتحول مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والميتافيرس والروبوتات والحوسبة الكمومية والتقنيات الحيوية. كما تطرح إطارًا عمليًا للحوكمة والأخلاقيات وإدارة المخاطر مدعومًا بنماذج دولية وأدوات قياس قابلة للتطبيق المؤسسي.
وأكد معالي المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للإتحاد، أن إطلاق الورقة البيضاء خطوة استراتيجية في مسيرة دولة الإمارات نحو ترسيخ منظومة رقمية مستدامة تقوم على القيم والشفافية وسيادة القانون.
وأوضح معاليه أن هذا الإصدار يعكس رؤية النيابة العامة والتزامها بدعم الحوار العالمي حول حوكمة التقنيات الناشئة، ويؤكد الدور الريادي للإمارات في تقديم نموذج متوازن يجمع بين الابتكار والتشريع، ويضمن أن تبقى الإنسانية والحقوق في صميم التحول الرقمي.
وتجسد مشاركة النيابة العامة الاتحادية في "جيتكس غلوبال 2025” هذا العام رؤيتها الطموحة لبناء منظومة عدالة رقمية متكاملة، من خلال باقة من المشاريع والمبادرات التحولية التي تعيد رسم ملامح العمل القضائي في عصر الذكاء الاصطناعي.
وتشمل المشاركة، عرض المساعد الافتراضي لوكيل النيابة ومشروع رقمنة التشريعات ومركز الترجمة الذكي "بيان"، إلى جانب استعراض استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2025–2030 وميثاق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وسياسة إدارة استخدامات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في أعمال النيابة العامة، إضافة إلى جلسات فكرية ومناظرات شبابية تبرز التزام دولة الإمارات بريادة التحول الرقمي في قطاع العدالة.
وفي مستهل فعالية اليوم التي شهدت إطلاق الورقة البيضاء خلال "جيتكس جلوبال 2025"، أكد المستشار سالم علي الزعابي، رئيس نيابة في مكتب النائب العام للإتحاد – رئيس اللجنة العليا المنظمة لقمة حوكمة التقنيات الناشئة 2025، أن هذا الحدث يجسد ثمرة تعاون عالمي ووطني بهدف أن تظل التقنية في خدمة الإنسان لا أن يصبح الإنسان في خدمتها.
وأوضح أن الحديث عن الذكاء الاصطناعي والبيانات والبلوك تشين والحوسبة الفائقة لا يمكن فصله عن جوهر أعمق يتعلق بقيم الإنسان وحقوقه وكرامته، مشدداً على أن التقنيات لا تكتسب معناها إلا عندما تسخر لبناء الثقة، وترسيخ العدالة، وتمكين المجتمعات من التطور دون فقدان البوصلة الأخلاقية.
وأشار الزعابي إلى أن الورقة البيضاء تمثل خارطة طريق عالمية نحو نموذج متوازن يجمع بين الابتكار والمسؤولية، التقدم والتشريعات، الطموح الإنساني والحوكمة الواعية، مؤكداً أن الهدف ليس تقييد المستقبل بل توجيهه نحو الخير الإنساني.
كما أوضح المستشار سالم علي الزعابي، أنهم بدأوا القمة برغبة في حوكمة الذكاء الاصطناعي ووضع إطار أخلاقي له وطرح ميثاق يوحّد الرؤى ويجعل الإنسان هو المحور الأساسي.
وأشار أن الورقة البيضاء لخّصت ما دار في قمة حوكمة التقنيات الناشئة، وحصرت التحديات في ستة قطاعات، منها الصحة والعدالة والتعليم والصناعة والاقتصاد الرقمي وغيرها، لاقتاً إلى أنها لخّصت التحديات كما لخّصت الفرص.
واستذكر كلمة معالي النائب العام للاتحاد، المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، حين قال "يجب ألا ننتظر التشريعات لتحكم التقنيات، فالتقنيات لن تنتظر تشريعاتنا، وبأننا لا نرغب بأن نحكم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، بل نهذّبها، وبأننا لا نرغب بأن نسبق الآخرين بل نسمو معهم".
وبدورها قالت الدكتورة خديجة الفقيه، مستشار استراتيجي في مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، إن مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة يفخر بالمشاركة في حفل إطلاق "الورقة البيضاء لقمة حوكمة التقنيات الناشئة أبوظبي 2025" والتي أُطلقت بالشراكة مع النيابة العامة الاتحادية ومركز تريندز للبحوث والاستشارات.
وأشارت إلى أن هذه الوثيقة تسلّط الضوء على عدد من القطاعات المحورية، من بينها العدالة والصحة والتعليم، وذلك من خلال ترسيخ الاستخدام المسؤول للتقنيات الحديثة وتحقيق التوازن بين الابتكار والقيم الإنسانية.
وأكدت أن المجلس ومن خلال هذه المبادرة يواصل دوره الريادي في دعم التوجهات نحو مستقبل رقمي قائم على المعرفة والابتكار المسؤول.
ومن جهته قال عبد العزيز أحمد الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن هذه الورقة تُعد استمراراً للعمل المعرفي الذي بدأ في القمة التي عقدت في مايو الماضي، وتضمن وجود مخرج بحثي يمكن الإشارة إليه كمرجع يوثّق ما دار من نقاشات علمية ورؤى استراتيجية لضمان استفادة مجتمعات العالم من مخرجات قمة حوكمة التقنيات الناشئة، وتعزيز حضور دولة الإمارات في قيادة الحوار العالمي حول الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.
وبدورها قالت الدكتورة خديجة الحميد، أستاذة مشاركة وباحثة في مجال التعليم المعزز بالذكاء الاصطناعي في أكاديمية ربدان، إن الورقة البيضاء حملت العديد من التوصيات المهمة في مجالات متعددة، من أبرزها مجال التعليم، مشيرة إلى أن “من يُخرّج متعلماً مميزاً، سيُخرّج المحامي والقاضي والطبيب”، مؤكدة أن التعليم هو الأساس الذي تقوم عليه جميع القطاعات.
وأكدت أن الورقة البيضاء ركزت بشكل محوري على الأخلاقيات، موضحة أن هذا المفهوم تكرر في جميع المحاور السبعة التي تناولتها الوثيقة، مما يعكس أهمية تعزيز القيم الإنسانية في مسار التطوير التكنولوجي والتعليمي.
وخلال جلسة حوارية تناولت الورقة البيضاء لقمة حوكمة التقنيات الناشئة، قالت المستشارة مريم حميد، رئيس نيابة عامة في النيابة العامة الاتحادية، إن الورقة البيضاء لقمة حوكمة التقنيات الناشئة تناولت دور العدالة في مواجهة التطور التقني المتسارع، مؤكدة أن الحفاظ على البعد الإنساني في العدالة لا يعني رفض التقنية، بل إخضاعها للقيم الإنسانية.
وأوضحت أن العدالة لا يمكن اختزالها في منطق رياضي أو احتمالي، لأنها تقوم على الأخلاق وتقدير الظروف الإنسانية، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة مساعدة تدعم القرار القضائي دون أن تحلّ محلّ الإنسان، الذي يظل صاحب القرار النهائي الخاضع للمساءلة الأخلاقية والقانونية.
وأكدت أهمية إطار تشريعي واضح يُلزم الأنظمة الذكية بالشفافية ويكفل للمتقاضين حق التفسير الخوارزمي، لافتة إلى أن العدالة ستبقى إنسانية بقدر ما تكون التقنية خاضعة للإنسان.
وأضافت أن أبرز التحديات تتمثل في إثبات أصالة الأدلة الرقمية وضمان عدم التلاعب بها عبر أدوات التزييف العميق، ما يتطلب أطر توثيق رقمية مؤمّنة مثل "البلوك تشين"، إلى جانب تحديد المسؤولية الخوارزمية المشتركة بين المطور والمستخدم والمؤسسة، مؤكدة ضرورة أن تبقى التقنية خاضعة للقانون وأن تظل العدالة قابلة للمراجعة والطعن حتى في ظل الأنظمة الذكية.
ومن جهته قال سعادة الدكتور أمين الأميري، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنظيم الصحي في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، إن الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي يقدم فوائد كبيرة في تحليل البيانات وتتبع الأمراض وتحسين الرعاية، لكنه يفرض تحديات أساسية، أبرزها دقة البيانات، سرية المعلومات، التدريب المستمر للأطباء، وصحة المعلومات الدوائية.
وأكد أهمية الإطار الأخلاقي وحوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي لمنع الاستغلال الخاطئ وضمان سلامة المرضى، مشيراً إلى أن الإمارات أصدرت إرشادات أخلاقية وتشريعات تنظيمية لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات في مهنة الطب.
وقال سعادة الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، خلال جلسة حوارية حول الورقة البيضاء لقمة حوكمة التقنيات الناشئة، إن الورقة البيضاء تناولت التهديدات السيبرانية الرئيسية التي تواجه قطاع التكنولوجيا، من الجرائم الإلكترونية وتسريب البيانات الحساسة، إلى الإرهاب السيبراني والحروب السيبرانية العابرة للقارات، مشدداً على أن هذه التهديدات تتطلب حوكمة قوية وتشريعات متجددة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات والذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن دولة الإمارات اعتمدت مؤخراً معايير وسياسات الأمن السيبراني، مع التركيز على أن الإنسان هو خط الدفاع الأول من خلال رفع مستوى الوعي والتعليم في مجال الأمن السيبراني.
وأكد الدكتور الكويتي أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يواكب الإبداع والتطور، لكن ضمن أطر تنظيمية وأخلاقية واضحة.
وقال الدكتور محمد اللوغاني، المستشار الأول لرئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في سياق الورقة البيضاء، تم التركيز على السيادة الرقمية واستدامة الاقتصاد الرقمي، مشيراً إلى أن الشركات الناشئة والمتوسطة والكبيرة استثمرت بشكل كبير في القوى البشرية والبنية التحتية الرقمية لضمان تقديم خدمات موثوقة للقطاعين العام والخاص.
وأوضح أن هذه الاستثمارات ساهمت في تقديم الخدمات الرقمية بكفاءة عالية، مؤكداً أن المشاريع الرقمية الذكية التي أُطلقت تحت رعاية القيادة الرشيدة في الإمارات تمثل قاعدة قوية لدعم الاقتصاد الرقمي وابتكار الحلول التقنية المستقبلية، كما سلطت الورقة البيضاء الضوء على أهمية هذه الجهود في تعزيز حوكمة التقنيات الناشئة وتهيئة بيئة رقمية آمنة ومستدامة.
وقالت فاطمة المهيري، مدير إدارة تبني وتطوير العلوم والتكنولوجيا بالإنابة في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، خلال الجلسة، إننا نأمل أن يكون الإنسان هو الجوهر والمحرك الرئيس للتحول التكنولوجي، لافتة إلى إنشاء مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي في الوزارة ليقيس مدى تكامل المصانع مع التكنولوجيا الحديثة مع التركيز على الاستدامة والحوكمة لضمان إدارة فعّالة وآمنة للعمليات الصناعية.
وأوضحت المهيري أن من أبرز التحديات التي تواجه المصانع هو نقص الكفاءات، إضافة إلى ضرورة تعزيز الأمن السيبراني للبنية التحتية الصناعية.
ولفتت إلى أن المؤشر ساعد في تقييم أكثر من 600 مصنع، وربطهم بـ الشركات التكنولوجية لدعم التطور وتعزيز الكفاءة والإنتاجية.
وأكدت أن الذكاء الاصطناعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحوكمة والأخلاقيات الصناعية، مشيرة إلى أن الكفاءة يجب أن تترافق مع المسؤولية المجتمعية، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل على مراجعة المؤشر بشكل دوري لضمان مواكبة التطورات التقنية والحوكمة الحديثة.
0 تعليق