أفادت صحيفة «فايننشال تايمز» أن شركة «أوبن إيه آي» (OpenAI) وضعت خطة أعمال تمتد لخمس سنوات، بهدف تلبية تعهدات إنفاق تصل قيمتها إلى تريليون دولار، في إطار سعيها لتوسيع بنيتها التحتية في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز مكانتها ضمن أبرز الشركات التكنولوجية العالمية.

وذكرت الصحيفة أن الخطة الجديدة تأتي في ظل النمو السريع للطلب على حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يدفع الشركة إلى وضع استراتيجيات طويلة المدى تضمن استدامة تمويلها وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية الضخمة. وتهدف «أوبن إيه آي» من خلال هذه الخطة إلى تنويع مصادر دخلها وتوسيع قاعدة عملائها عبر تقديم منتجات مصممة خصيصًا للحكومات والشركات الكبرى، بما يتيح لها تعزيز العائدات وتأمين تدفقات مالية مستقرة على المدى الطويل.

وبحسب التقرير، تدرس الشركة عقد صفقات استراتيجية جديدة لتقديم خدمات ذكاء اصطناعي موجهة لمؤسسات القطاعين العام والخاص، تتضمن تطوير أنظمة تحليل بيانات متقدمة وحلولًا آلية متخصصة في مجالات الأمن السيبراني، والتعليم، والصحة، والخدمات الحكومية الرقمية.

كما تستكشف الشركة، وفقًا للمصادر، آليات تمويل مبتكرة تشمل طرح ديون جديدة للمستثمرين بهدف تمويل عمليات التوسع في البنية التحتية الرقمية، خاصة فيما يتعلق بمراكز البيانات الضخمة التي تشكل العمود الفقري لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. وتشير التقديرات إلى أن تكاليف بناء وتشغيل تلك المراكز قد تصل إلى مئات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة، خصوصًا مع الارتفاع المستمر في الطلب على وحدات المعالجة المتقدمة (GPUs) والطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيلها.

وفي هذا السياق، تسعى «أوبن إيه آي» أيضًا إلى تطوير خطوط إيرادات جديدة من خلال شراكات تمويلية مع كبريات الشركات التقنية العالمية، إلى جانب جولات استثمارية إضافية تستهدف جذب رؤوس أموال جديدة لتغطية الإنفاق الرأسمالي المتوقع.

وأفاد التقرير بأن الشركة تدرس كذلك التحول إلى مورد رئيسي لخدمات الحوسبة السحابية عبر مبادرتها لمراكز البيانات العملاقة المسماة «ستارغيت» (Stargate)، وهي مبادرة تهدف إلى إنشاء شبكة عالمية من مراكز المعالجة الفائقة لتلبية احتياجاتها التشغيلية المتنامية وتقديم خدمات البنية التحتية لشركات أخرى تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويأتي هذا التوجه الطموح في وقت تواجه فيه «أوبن إيه آي» منافسة متزايدة من شركات كبرى مثل غوغل، وأمازون، ومايكروسوفت، وأنثروبيك، التي تضخ بدورها مليارات الدولارات في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة. ويرى محللون أن الخطط المالية الطموحة للشركة تعكس إدراكها لحجم المنافسة والفرص الاقتصادية الهائلة التي يوفرها هذا القطاع سريع النمو.

كما أشار مراقبون إلى أن تعهدات الإنفاق بهذا الحجم تشير إلى تحول جذري في هيكل الاقتصاد الرقمي العالمي، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أبرز محركات الاستثمار في العقد الحالي، لا سيما في مجالات الحوسبة الفائقة، والطاقة، والبنية التحتية للبيانات.

وتعد هذه الخطوة أحدث مؤشر على توجه الشركات التقنية نحو إعادة رسم خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي عبر استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، الذي بات يمثل ركيزة رئيسية للتحول الاقتصادي والتكنولوجي في السنوات المقبلة.