بومة الشؤم.. المغاربة لا ينتظرون دروساً من توكل كرمان - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما أخطر أن تُمنح جائزة نوبل للسلام لمن لا يرى في الشعوب سوى وقودٍ لمغامراته الأيديولوجية. هذا بالضبط ما ينطبق على توكل كرمان، التي تحولت من أيقونة إعلامية في بدايات ما سمي “الربيع العربي” إلى بومة شؤم لا تجيد سوى النعيق بالفوضى والتحريض على الخراب.

آخر خرجات كرمان كانت استهداف المغرب، عبر “تدوينات” جوفاء بشّرت بربيع مزعوم، وادّعت أن حراك الشباب المغربي يقترب من القصر. خطاب لا يليق بعضو في هيئة عليا لمراقبة المحتوى على “فيسبوك”، ولا يليق حتى بمن يحمل في يده جائزة يُفترض أن تكون مرادفاً للسلام.

من المثير للسخرية أن كرمان، التي تجلس في “محكمة فيسبوك العليا” لمكافحة خطاب الكراهية، تمارس بجرأة التحريض ذاته الذي يُفترض أن تراقبه؛ فكيف يُعقل أن تتحول مراقِبة المحتوى إلى ناشرة لخطاب التحريض على العنف؟ وكيف يمكن أن نصدق شعاراتها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهي في كل مرة تصطف إلى جانب خطاب الفوضى وتصفق لانهيار الدول؟ أليس في ذلك تناقض أخلاقي يثير الشفقة قبل الغضب؟.

المغرب ليس ساحة فارغة لتجارب كرمان، ولا حديقة خلفية لشعاراتها المستهلكة؛ هو بلد بمؤسسات راسخة، يضمن دستوره حرية التعبير والتظاهر داخل أطر قانونية تحمي السلم الاجتماعي وتحافظ على الاستقرار. والمغاربة أدرى بمصالحهم، وأقدر على صياغة مستقبلهم، ولا ينتظرون من محرضة مشبوهة أن تحدد لهم كيف يطالبون بحقوقهم أو كيف يديرون شؤونهم. فإذا كانت كرمان تتوهم أن بإمكانها تصدير وصفات الفوضى التي جرّبتها بلدان عربية أخرى وانتهت إلى أنقاض فهي واهمة أشد الوهم.

المغاربة يعرفون جيداً ثمن الاستقرار، ويدركون أن الإصلاح مسار طويل ومعقد، لكنه يبنى بالحوار والمؤسسات، لا بالضجيج عبر المنصات ولا بالتحريض على القطيعة؛ فهل تظن كرمان أن الشعب الذي قاوم الاستعمار وتجاوز عقوداً من التحديات سيحتاج إلى وصاية “افتراضية” من بومة تجيد النعيق أكثر مما تجيد التفكير؟.

لقد أساءت كرمان إلى نفسها أكثر مما حاولت الإساءة إلى المغرب، فقد انكشفت ازدواجيتها على الملأ: امرأة تحمل لقب نوبل وتتباهى بعضويتها في هيئة دولية مرموقة، لكنها لا تتردد في ترديد خطاب غوغائي لا يليق حتى بناشطة شعبوية على مواقع التواصل. وأي سلام هذا الذي تتحدث باسمه وهي لا ترى في التظاهر سوى مقدمة للفوضى، ولا في المطالب سوى ذريعة لتبشير الخراب؟.

المغاربة لا يحتاجون إلى من ينوب عنهم في كتابة تاريخهم، ولا إلى من يوزع عليهم شهادات في الكرامة والحرية؛ هذا شعب صنع تاريخه بيده، وحافظ على وحدته بتضحياته، ولن تُقنعه “تغريدات” من تبحث عن أضواء انطفأت منذ زمن. وإذا كان العالم يتساءل عن مصداقية جائزة نوبل بعدما تحولت إلى وسام يُعلّق على صدور من يمارسون التحريض باسم الحرية فإن المغاربة يجيبون ببساطة: لسنا في حاجة إلى دروس من “بومة الشؤم”.

كرمان اختارت طريقها: أن تظل أسيرة ماضيها، تصرخ من بعيد، وتنتشي بأي بارقة فوضى تراها هنا أو هناك. أما المغاربة فاختاروا طريقهم أيضاً: أن يمضوا واثقين، يبنون مؤسساتهم، ويعززون إصلاحاتهم، ويحصّنون استقرارهم. والفرق بين الطريقين واضح: بومة تنعق في الظلام، وشعب يسير بثبات نحو المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق