رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للاقتصاد العالمي، مشيراً إلى استمرار قدرته على الصمود أمام العواصف التجارية رغم تصاعد التوترات وحالة عدم اليقين.
وأرجع الصندوق هذا التحسن إلى تحول السياسات النقدية نحو مزيد من التيسير، وضعف الدولار الذي منح الاقتصادات الناشئة متنفسا لمواجهة الضغوط التضخمية.
في تحديثٍ لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 إلى 3.2% بزيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية مقارنة بتقديرات يوليو الماضي، في ثاني تعديل صعودي على التوالي.
كما أبقى على توقعاته لنمو 2026 دون تغيير عند 3.1%، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي ما يزال محافظاً على مرونته رغم مؤشرات التباطؤ المتزايدة.
تباين في مسارات الفائدة
يرى الصندوق أن التحول في السياسات النقدية من التشديد إلى الحياد والتيسير الحذر بات السمة الغالبة على توجهات البنوك المركزية الكبرى، وسط تباين في المسارات بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
وتوقع أن يتجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تسريع خفض أسعار الفائدة إلى نطاق بين 3.50% و3.75% بحلول نهاية 2025، بينما سيُبقي البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة مستقراً عند 2% حتى نهاية الفترة نفسها.
أما بنك اليابان، فيُتوقع أن يرفع الفائدة تدريجياً نحو 1.5% للحفاظ على استقرار التضخم عند 2%.
وأشار الصندوق إلى أن تباين السياسات النقدية بين الدول ينذر بتقلبات حادة في أسعار الصرف، في حين يمنح ضعف الدولار الأميركي الأسواق الناشئة متنفساً لمواجهة الضغوط التضخمية، ويسهم في تخفيف صدمة الرسوم الجمركية ودعم التجارة العالمية.
أميركا تتقدم.. والصين ثابتة
صندوق النقد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2025 بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 2%، مقارنة بتقديرات يوليو، كما رفعها بنفس المقدار إلى 2.1% العام المقبل، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية الجديدة تأتي في لحظة تباطؤ للاقتصاد الأميركي رغم استمرار متانته.
أما منطقة اليورو، فعدل توقعات نموها لعام 2025 بالزيادة بمقدار 0.2 نقطة مئوية إلى 1.2% مقارنة بتقرير يوليو الماضي، بينما أبقاها دون تغيير عند 1.1% في 2026.
في المقابل، حافظ الصندوق على توقعاته لنمو اقتصاد الصين عند 4.8% في 2025 و4.2% في 2026 دون تغيير، ورفع تقديراته لليابان إلى 1.1% بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن تقرير يوليو.
كما عزز توقعاته للهند إلى 6.6%، بزيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية، وخفض توقعاته لروسيا إلى 0.6%، بخفض 0.3 نقطة مئوية.
تراجع التضخم واستمرار الحذر
يتوقع الصندوق أن يتباطأ التضخم العالمي إلى 4.2% في 2025 و3.7% في 2026 مقارنةً بـ5.8% العام الماضي، مشيراً إلى أن الأسواق تمر بمرحلة ضبابية مع تبدل اتجاهات الفائدة والتضخم عالمياً.
وأضاف التقرير أن ظروفاً مالية متساهلة وتقييمات مبالغ فيها قد تنذر بتقلبات في أسواق الأسهم، رغم أن أسهم الذكاء الاصطناعي مرشحة لقيادة المكاسب في الأسواق العالمية.
وحذر الصندوق من أن موجة التعريفات الأمريكية أعادت الحمائية إلى مستويات لم يشهدها العالم منذ قرن، ورغم أن صدمات التجارة العالمية أقل حدة من المتوقع، فإن آثارها بدأت تظهر في البيانات الأخيرة.
كما لفت إلى أن الحمائية التجارية قد تحدث صدمة مزدوجة بين العرض والطلب، لكنها حتى الآن لم تحدث تأثيرا كبيراً على وتيرة النمو العالمي، بفضل مرونة الأسواق وتراجع الدولار الأميركي الذي دعم التدفقات التجارية.
0 تعليق