بعد مرور خمس سنوات على خروجه إلى القاعات السينمائية يعود الفيلم المغربي “اللكمة”، لمخرجه الشاب محمد أمين مونة، إلى الواجهة من جديد بنقل رحاله من الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة.

ويشكل هذا البث التلفزيوني للشريط مناسبة لإعادة اكتشاف عمل درامي يزاوج بين الواقعية والأمل، ويجسد تجربة إخراجية متميزة استطاعت أن تترك بصمتها في المشهد السينمائي الوطني.

الفيلم، الذي يعد التجربة الإخراجية الطويلة الأولى لأمين مونة، يبحر في عوالم اجتماعية وإنسانية متشابكة من خلال قصة الشاب ربيع، العاطل عن العمل والمنتمي إلى أسرة فقيرة فقدت معيلها في حادث سير مأساوي كان هو المتسبب فيه، ليجد نفسه غارقا في الإحساس بالذنب ومطوقا بنظرات اللوم من أسرته، خصوصا من شقيقه الأكبر، لاعب كرة القدم، الذي يتعرض بدوره لإصابة خطيرة خلال إحدى المباريات تقعده عن الحركة، لتتفاقم معاناة الأسرة بين التهميش والحرمان.

وتتوالى الأحداث في قالب درامي ممزوج بلمسات كوميدية خفيفة، حيث يعيش ربيع صراعا داخليا مع الإحباط والفقر، قبل أن يتغير مسار حياته حين يلتقي بالملاكم السابق مصطفى، الذي يلمح فيه بذور القوة والعزيمة، ويقرر أن يأخذ بيده نحو حلبة الملاكمة، في محاولة لإعادة بناء ذاته واستعادة كرامته وسط واقع قاسٍ لا يرحم.

ويحمل الشريط رسالة إنسانية واضحة مفادها أن الإرادة قادرة على قلب الموازين مهما كانت الظروف، إذ يسعى المخرج من خلال “اللكمة” إلى تمرير دعوة للتشبث بالأمل ومواجهة الفشل بعزيمة لا تلين.

ورغم أن قصص الملاكمين تكررت كثيرا في السينما العالمية، وخاصة الأمريكية منها، فإن أمين مونة اختار أن يقدم معالجة مغربية خالصة، تجمع بين الصدق الإنساني والبساطة في السرد، مع حرصه على إبراز العلاقات العائلية المعقدة، والتفاصيل اليومية للطبقات الهشة في المجتمع المغربي، ما منح العمل طابعا واقعيا.

وتشارك في بطولة “اللكمة” ثلة من الوجوه المعروفة في الساحة الفنية، من بينها ربيع كليم الذي وقع أيضا سيناريو الفيلم، وساندية تاج الدين، ونعيمة إلياس، وطارق البخاري، وسعيد باي، وعبد السلام بوحسيني، إلى جانب عدد من الممثلين الشباب.