بين التقرير الأممي ومسودة أمريكا .. الجزائر والبوليساريو في مفترق طرق - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قدّم أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، تقريره السنوي حول قضية الصحراء المغربية، في سياق إقليمي ودولي يتسم بارتفاع منسوب التوتر بين المغرب والجزائر، وتزايد الاهتمام الدولي بضرورة إيجاد تسوية سياسية واقعية ودائمة. وقد تميز التقرير الجديد بدعوة صريحة إلى تجديد الحوار بين الرباط والجزائر، بما يعيد الزخم إلى المسار الأممي المتعثر منذ سنوات.

ويعيد تقرير غوتيريش الأخير تشكيل الإطار السياسي للنزاع حول الصحراء المغربية؛ من خلال تثبيت مقترح الحكم الذاتي كمرجعية واقعية ووحيدة للحل، مع إبراز مسؤولية الجزائر كطرف رئيسي لا يمكن تجاوزه.

تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، قال إن تقرير غوتيريش “جاء كعلامة منعطف في مقترحاته التي يقدمها عادة إلى مجلس الأمن”، موضحا أن “الأمين العام ألح لأول مرة على أن القوى الكبرى كلها ارتأت أن يكون مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب هو الاقتراح الوحيد القابل للنقاش والدخول في المفاوضات”.

وأضاف الحسيني، ضمن تصريح لهسبريس، أن “التقرير أكد أكثر من ذلك، حين أشار إلى أن الولايات المتحدة قررت الاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على إقليم الصحراء، مع الإلحاح على الجزائر باعتبارها الطرف الأساسي والحاسم في هذه العملية، للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب من أجل التسوية”.

وأشار الخبير ذاته إلى أن التقرير تضمن “إشادة واضحة بخطاب العرش للعاهل المغربي، الذي مدّ من خلاله اليد إلى الجزائر من أجل حوار صادق ومبني على الثقة وحسن التعاون”، معتبرا أن “التقرير ينسجم مع مسودة القرار التي قدمتها الولايات المتحدة لمجلس الأمن، والتي كشفتها السلطات الجزائرية، وتشير بوضوح إلى أن المقترح الوحيد المطروح أمام المجلس هو مقترح الحكم الذاتي”.

وأوضح المتحدث أن “المسودة الأمريكية كانت قد منحت مهلة ثلاثة أشهر فقط لتصفية بعثة المينورسو أو تعديل مهمتها؛ بينما اقترح غوتيريش من جانبه تمديد ولاية المينورسو إلى 12 شهرا، أي إلى حدود أكتوبر 2026، وهو ما يشكل الفارق الجوهري بين النصين”.

وختم الحسيني بالقول إن “ما تبقى الآن هو موقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فإلى جانب المغرب هناك دعم واضح من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا؛ بينما لم تكشف الصين وروسيا بعد عن موقفيهما.. وإذا نجحت الدبلوماسية المغربية في إقناعهما بعدم استعمال الفيتو، فإن القرار سيصدر بالتأكيد في نهاية أكتوبر الجاري”.

من جانبه، قال الموساوي العجلاوي، الخبير في العلاقات الدولية والأستاذ الباحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط، إن تقرير غوتيريش “أثار نقاشا واسعا، خصوصا بين الأطراف المناوئة للوحدة الترابية للمغرب”، مشيرا ضمن تصريح لهسبريس إلى أن “بعض مراكز الدراسات في الخارج حاولت توظيف التقرير سياسيا لتصوير الأمر وكأنه محاولة لمنع ما يسمونه الشعب الصحراوي من تقرير مصيره”.

وفي قراءته لدعوة غوتيريش الجزائر إلى استئناف الحوار مع المغرب، أبرز العجلاوي أن “ذلك يعكس وعيا أمميا متزايدا بكون النزاع ذا طبيعة إقليمية، وأن الحل يمر عبر مصالحة مغربية جزائرية”، مسجلا أن “الأمين العام دأب منذ سنة 2017 على ربط حل النزاع في الصحراء بتهيئة الظروف لمصالحة بين البلدين، وهو ما تتبناه أيضا الإدارة الأمريكية”.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن “الولايات المتحدة تعتبر أن استقرار منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وأمن حوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل والواجهة الأطلسية لإفريقيا، كلها رهينة بتفاهم بين المغرب والجزائر”، لافتا إلى أن “هناك اليوم ضغوطا متزايدة، بل وحتى مهلة غير رسمية لشهرين، من أجل التقدم نحو اتفاق سلام بين البلدين؛ بالنظر إلى أن واشنطن ترى أن حل النزاع يمر عبر هذا المسار الثنائي”.

وسجل العجلاوي أن “تقرير غوتيريش، رغم احتوائه على بعض الفقرات غير الودية تجاه المغرب في ما يتعلق بحقوق الإنسان، يؤكد في المقابل أن الوضع الأمني في المنطقة مستقر”.

وأضاف الأستاذ الباحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط أن “التقرير شدد على الدور الاستقراري لبعثة المينورسو، وعلى خطورة التوتر القائم بين المغرب والجزائر على أمن المنطقة. كما سلط الضوء على الوضع المأساوي في مخيمات تندوف، حيث تفاقمت الأوضاع الصحية والاجتماعية خلال السنة الجارية، مقارنة بالسنوات السابقة”.

وأكد العجلاوي أن “القراءة السياسية للتقرير تُظهر أنه تقرير متوجس يعكس إدراك غوتيريش بأن ملف الصحراء يمر بمرحلة دقيقة قد تشهد تغيّرا في مرجعياته بفعل المسودة الأمريكية الجديدة”، لافتا إلى أن “التقرير ليس بالكامل من صياغة غوتيريش، إذ يتضمن ثلاثة أجزاء: جزء أول خاص ببعثة المينورسو، وثان للمبعوث الشخصي ستيفان دي ميستورا، وثالث للأمين العام يتضمن ملاحظاته وتوصياته لمجلس الأمن”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق