طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول" - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مسعى إلى نشر الوعي وتعزيز ثقافة الوقاية، يُخصص اليوم الطبي للحول في 21 أكتوبر للتذكير بأحد أكثر اضطرابات الرؤية شيوعا وتأثيرا على جودة حياة الإنسان، خصوصا في مراحل الطفولة المبكرة. إنه يوم يُراد به تسليط الضوء على الحول، لا بوصفه مجرد انحراف في اتجاه العين؛ بل كحالة صحية قد تؤثر على النمو البصري والتوازن النفسي والثقة بالنفس، إذا لم تُشخص في الوقت المناسب.

وتُعد هذه المناسبة فرصة لتجديد الدعوة إلى الفحص المبكر، وتيسير سبل العلاج، والتأكيد على أن العين، وإن زاغت في اتجاهها، فإن في الرعاية الطبية المستمرة ما يُعيد لها صفاء النظرة واستقامة المسار.

وحاولت جريدة هسبريس البحث عن المعطيات الرسمية حول انتشار الحول في المغرب، لكنها لم تجد أرقاما دقيقة، مما يُظهر ضعف الاهتمام بهذا المرض في السياق المغربي، سواء على مستوى الرصد الإحصائي أو التغطية الصحية المتخصصة. فعلى الرغم من أن الحول يُعد من الاضطرابات البصرية القابلة للتشخيص والعلاج، فإن غياب البيانات يجعل من الصعب تقييم حجم الظاهرة وطنيا، وتوجيه السياسات الصحية بشكل فعال نحو الوقاية والتكفل الطبي المبكر.

هذا النقص في المعطيات يعكس حاجة مُلحة إلى إدماج الحول ضمن البرامج الوطنية للفحص البصري، خاصة لدى الأطفال، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميته الصحية والنفسية.

نظرات ساخرة

قال يونس الكروع، الشاب الكفيف المنحدر من مدينة مكناس، إن معاناته مع الحول بدأت في سن مبكرة، حين كان لا يزال يبصر جزئيا، مشيرا إلى أن أسرته لم تكن تملك الإمكانيات المادية لعرضه على طبيب متخصص في الوقت المناسب.

وأوضح الكروع، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحول تسبب له في صعوبات كبيرة في التعلم والتواصل خلال طفولته، وكان يواجه نظرات ساخرة أحيانا من محيطه؛ ما أثر سلبا على ثقته بنفسه.

وأضاف الشاب سالف الذكر أن غياب الوعي بأهمية الكشف المبكر والعلاج المناسب جعل حالته تتدهور تدريجيا إلى أن فقد بصره بالكامل.

وأفاد المتحدث ذاته بأن الحول الذي عانى منه في طفولته أدى إلى مضاعفات صحية تسببت في فقدان بصره، حيث أثر الحول على قدرة العينين على العمل معا بشكل صحيح؛ مما أدى إلى اختلال دائم في التوازن البصري.

وأشار إلى أن هذا الاضطراب تسبب في إجهاد بصري مستمر وضعف في الرؤية، خاصة مع غياب المتابعة الطبية والعلاج المبكر. وبمرور الوقت، بدأت قدرته على الإبصار تتراجع تدريجيا، إلى أن فقد البصر بشكل كامل، وهو ما يعتبره نتيجة مباشرة للإهمال الصحي وقلة التوعية بأهمية علاج الحول في مراحله الأولى.

وأكد الكروع أن تجربته مع الحول قبل فقدان البصر كانت مؤلمة على المستويين الجسدي والنفسي، لافتا إلى أن الشعور بالعجز البصري التدريجي كان يصاحبه قلق دائم وخوف من المستقبل.

وأضاف أن غياب التوجيه الطبي والدعم النفسي زاد من حدة معاناته، خاصة في ظل قلة الوعي المجتمعي بخصوص الحول وتأثيراته المحتملة.

ودعا إلى ضرورة تعميم فحوصات العين في سن مبكرة، وإيلاء اهتمام أكبر لهذا النوع من الحالات، تفاديا لتكرار المعاناة نفسها مع أطفال آخرين يمكن إنقاذهم فقط بالتشخيص المبكر والعلاج المناسب.

تشخيص الحول

قال الدكتور عبد العزيز الطاهري، طبيب العيون بمدينة فاس، إن الحول يُعد من الحالات التي يمكن اكتشافها في سن مبكرة، خصوصا لدى الأطفال، إذا ما تم إخضاعهم لفحص بصري شامل قبل سن السادسة.

وأوضح الطاهري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التشخيص المبكر يُعتبر عاملا حاسما في نجاح العلاج، مشيرا إلى أن بعض الأُسر تُهمل العلامات الأولية للحول؛ مثل انحراف العين أو ضعف التركيز البصري، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة وصعوبة تصحيحها لاحقا.

وأبرز الطبيب المختص في العيون أن أنواع الحول تختلف من حالة إلى أخرى؛ فهناك الحول الداخلي والحول الخارجي، وقد يكون دائما أو متقطعا، كما قد يرتبط بمشاكل في عضلات العين أو خلل في التوازن العصبي البصري.

وأشار المصرح عينه إلى أن بعض الحالات تكون وراثية، في حين تظهر أخرى نتيجة أمراض عينية أو عصبية.

وأضاف أن العلاج يتنوع بحسب درجة الحول وسببه، ويشمل النظارات الطبية، أو التمارين البصرية، أو التدخل الجراحي في بعض الحالات، مشددا على أن كلما تم التدخل مبكرا كانت فرص التصحيح التام أفضل.

وأكد الطبيب المختص في العيون أن ضعف الوعي الصحي لدى عدد من الأسر يُعد من بين الأسباب الرئيسية لتأخر التشخيص والعلاج، حيث لا يُعرض الطفل على طبيب العيون إلا في مراحل متقدمة من الحول بعد أن تكون فرص التصحيح الكامل قد تضاءلت.

ولفت إلى أن الاعتقاد السائد بأن الحول قد يزول مع الوقت هو تصور خاطئ، مؤكدا أن هذا التأخر قد يؤدي إلى مشاكل بصرية دائمة؛ ككسل العين أو فقدان التنسيق البصري.

وفي هذا الصدد، دعا الدكتور عبد العزيز الطاهري إلى تعزيز التثقيف الصحي وإطلاق حملات تحسيسية موجهة نحو الأسر، خاصة في المناطق النائية، لضمان كشف مبكر وتدخل ناجع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق