نقص حاد في الأدوية ينهك الأوروبيين .. وبلجيكا تتصدر قائمة المتضررين - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتكرر في أوروبا حالات النقص في بعض الأدوية، وتُعَد بلجيكا من أكثر دولها معاناة من هذه المشكلة؛ مما يثير استياء الصيادلة وقلق المرضى الذين ينتقدون بطء الاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول لهذه الظاهرة.

وقال ديدييه رونسين، الصيدلاني في بروكسل، لوكالة فرانس برس: “بصراحة، يستهلك ذلك الكثير من طاقتنا، فأنا أُمضي غالبا ساعة يوميا لإجراء مكالمات هاتفية، والاستفسار عن أدوية، والاعتذار من المريض لعدم توافر دوائه، ثم معاودة الاتصال به لإبلاغه بوصوله، أو بأنه لن يستطيع الحصول عليه”.

وأضاف رونسين: “لا بأس لو كان الأمر يقتصر على دواء واحد أو على اثنين؛ لكن غالبا ما تكون عشرات الأدوية مفقودة في وقت واحد، مما يعقد علينا الأمر أكثر فأكثر”.

وأحصى تقرير نشره ديوان المحاسبة الأوروبي، الشهر المنصرم، 136 حالة نقص حاد في الأدوية في الاتحاد الأوروبي بين يناير 2022 وأكتوبر 2024؛ من بينها مضادات حيوية وأدوية للنوبات القلبية.

وتطال هذه المشكلة بلجيكا أكثر من أية دولة أوروبية أخرى، إذ أُبلغت وكالة الأدوية الأوروبية عام 2024 بنحو 12 حالة نقص حاد في أدوية لا تتوافر منها بدائل.

وأوضح ديوان المحاسبة أن هذا “المرض المزمن” الذي تعانيه أوروبا يعود بالدرجة الأولى إلى مشاكل في سلسلة التوريد، وإلى أن إنتاج الكثير من الأدوية ومكوناتها الفعالة يحصل في دول منخفضة التكلفة خارج القارة.

وتعتمد أوروبا على الموردين الآسيويين في 70 في المائة من مكوناتها الفعالة وفي 79 في المائة من سلائفها (المواد الكيميائية الحيوية المستخدمة في تصنيعها).

ويُسجل قدر كبير من هذا الاعتماد في ما يتعلق بمسكنات الألم الشائعة؛ مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين وبعض المضادات الحيوية والسالبوتامول (الذي يُباع بشكل خاص تحت الاسم التجاري فينتولين Ventoline).

لكن هذه الأزمة تُعزى جزئيا، أيضا، إلى عدم توازن داخلي في صفوف الاتحاد الأوروبي.

الأسعار والتغليف

تختلف أسعار الأدوية من دولة عضو إلى أخرى، إذ تخضع للتفاوض من قِبل السلطات الصحية الوطنية، على ما شرح أوليفييه ديلير، مدير شركة التوزيع “فيبيلكو” التي تُوفر الأدوية لنحو 40 في المائة من الصيدليات في بلجيكا.

يفضّل المُصنعون إعطاء الأولوية للتوريد إلى الدول التي تدفع لهم أكثر؛ ويدفعهم ذلك إلى توريد كميات محسوبة بدقة أكبر إلى الدول التي تكون أسعارها أقل، خشية أن يُثري الوسطاء على حسابهم من خلال إعادة بيع منتجاتهم في دول ذات أسعار بيع أعلى.

وأوضح ديوان المحاسبة الأوروبي أن معظم الأدوية تخضع لتصاريح وطنية، ويجب أن تكون عبواتها متوافقة مع اللوائح الخاصة بكل دولة.

وأفاد ديلير بأن هذه القيود التنظيمية وقيود التعبئة والتغليف تُسبب أحيانا “نقصا محليا”، إذ قد لا يتوافر الدواء مثلا إلا في دولة واحدة؛ بينما يتوافر تماما في الدول المجاورة.

ولاحظ أوليفييه ديلير، مدير شركة “فيبيلكو”، أنها “مشكلة متنامية”، مشيرا إلى أن 70 في المائة من طلبات الزبائن التي تعالجها فرق عمله سنويا، والبالغ عددها مليون طلب، تتعلق فقط بحالات نقص؛ مما يُسبب “عبء عمل هائلا وإهدارا للطاقة”.

حوافز مالية

باتت المشكلة منتشرة على نطاق واسع إلى درجة أن الصيدلاني الأوروبي أمضى عام 2024 ما معدله 11 ساعة أسبوعيا في معالجة مسألة النقص، أي ثلاثة أضعاف ما كان يمضيه قبل عشر سنوات، وفقا للمجموعة الصيدلانية للاتحاد الأوروبي (PGEU).

وفيما تتسبب هذه المشكلة بقلق للمرضى من عدم تلقي علاجاتهم في الوقت المحدد، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد حلول لها؛ لكنه لم يتوصل بعد إلى الدواء الشافي.

وفي مارس، اقترحت المفوضية الأوروبية قانونا يهدف إلى تعزيز إنتاج الأدوية الأساسية من خلال حوافز مالية. وفي يوليوز، أطلقت أيضا “استراتيجية إمداد” لتنسيق المخزونات وبناء احتياطيات للأزمات.

وأعرب ناطق باسم المفوضية عن ثقته بأن هذه الإجراءات “ستُحدث تأثيرا حقيقيا” في “المساعدة على الحد من المشكلة”.

إلا أن هذه الإجراءات تتطلب موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء السبع والعشرين، وهي عملية قد تطول.

وأعرب رونسين، الذي يستطيع رؤية مقر المفوضية من مكتبه، عن أسفه قائلا: “إنهم يحاولون إيجاد حلول؛ لكن الأمر لا يزال شديد البطء”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق