الذكاء الاصطناعي في الفلاحة المغربية يرفع الإنتاجية ويواجه التحديات - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تزداد الحاجة اليوم إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، بما فيها الفلاحة، لمواكبة التطورات التكنولوجية وتسريع وتيرة الابتكار وتحسين جودة العمل واتخاذ القرارات بشكل أكثر فعالية، إذ يمثل هذا الذكاء “أداة واعدة يمكن الاعتماد عليها لدعم التخطيط الاستراتيجي وتطوير أساليب العمل”.

ويرى خبراء ومهتمون بالقطاع الفلاحي أن للذكاء الاصطناعي جوانب إيجابية وأخرى سلبية، تؤثر على كيفية توظيفه في الميدان؛ وهو ما يجعل من الضروري التعامل معه بحذر، مع وضع آليات مناسبة لموازنته وضمان استغلاله في المجال الفلاحي بطريقة فعّالة وآمنة.

إيجابيات وسلبيات

عبد الحق الهاشمي، أستاذ في الجغرافيا والتنمية الترابية، أكد أن “الذكاء الاصطناعي أصبح تقنية متقدمة تمكن من محاكاة قدرات التفكير البشري مثل الفهم والتعلّم وحل المشكلات واتخاذ القرارات، إضافة إلى توليد المحتويات وفق الاحتياجات، ويزداد دقته باستمرار اعتمادا على معالجة كميات ضخمة من البيانات للتعرّف على الأنماط وإجراء التنبؤات والتصرّف بشكل مستقل في مهام كانت تتطلب سابقا تدخلا بشريا؛ ما يجعله أداة مهمة في مختلف القطاعات، ومن بينها الفلاحة”.

وأضاف الهاشمي، في تصريح لهسبريس، أن “الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرا أساسيا في الانتقال من الفلاحة التقليدية إلى الفلاحة الذكية، التي تعتمد على دمج التكنولوجيا في مسار الإنتاج والتسويق، وتحليل البيانات والمعلومات لتحسين الإنتاج الزراعي، ومساعدة الفلاحين عبر الأنظمة الرقمية والتنبؤات المبكرة لمواجهة التحديات المناخية وتقلبات الأسواق، ما يسهم في رفع جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية، مع ضرورة الانتباه إلى المخاطر المحتملة أثناء استخدامه”.

وأوضح الأستاذ المتخصص في الجغرافيا والتنمية الترابية أن “من أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في الزراعة التنبؤ بحجم وجودة المحاصيل الزراعية من خلال تحليل البيانات التاريخية والمناخية؛ ما يمكّن الفلاحين من اعتماد الممارسات الزراعية المناسبة وتحسين إدارة المحاصيل. كما يُستخدم لمراقبة الحقول عبر الطائرات بدون طيار، حيث تلتقط صورا تفصيلية للكشف المبكر عن الأمراض أو الآفات أو الإجهاد المائي للنباتات، ما يتيح التدخل السريع لتفادي الخسائر”.

وأشار الهاشمي إلى أن “تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم أيضا في تحسين الري من خلال أجهزة الاستشعار الذكية وأنظمة الذكاء الاصطناعي لضبط كمية المياه وفق احتياجات المحاصيل، إضافة إلى تطبيق الزراعة الدقيقة التي تحدد الرعاية لكل قطعة أرض بحسب احتياجاتها، بما في ذلك الأسمدة والمنتجات الوقائية؛ ما يقلل التأثير البيئي والتكاليف، ويسهم في تحسين إدارة الموارد وزيادة الإنتاجية وتقليل الهدر. كما يدعم الأمن الغذائي عبر استدامة الموارد المائية وتحسين الاقتصاد الزراعي”.

وأكد المتحدث أنه “على الرغم الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي في الزراعة، فإن تبني هذه التقنيات تواجهه تحديات عديدة؛ منها ارتفاع تكاليف الاستثمارات الأولية، وضعف البنية التحتية التكنولوجية خصوصا في المناطق الريفية، ومخاوف تتعلق بحماية البيانات والخصوصية، ونقص التدريب والتعليم اللازمين لاستخدام فعال وآمن، إضافة إلى التشريعات والتنظيمات القانونية غير المكتملة، ما يحد من الانتشار الواسع لهذه الحلول”.

وخلص الهاشمي إلى أن “التحديات تشمل أيضا تفاوت البيئات الزراعية بين المناطق، ما يستلزم تخصيص الحلول، والاعتماد المفرط على التكنولوجيا الذي قد يؤدي إلى فقدان إرث الزراعة التقليدية، والتهديدات السيبرانية التي تستهدف أنظمة الزراعة الذكية، بالإضافة إلى المخاطر الاجتماعية المرتبطة بتقليص فرص الشغل التقليدية في القطاع الأولي؛ ما يفرض معالجة هذه التحديات التقنية والاقتصادية والتعليمية، ودعم السياسات الحكومية لضمان نجاح الانتقال نحو الفلاحة الذكية المستدامة”.

الذكاء الاصطناعي الفلاحي

محمد بازة، خبير دولي في الموارد المائية وخبير سابق في منظمة الأغذية والزراعة، قال إن “معظم المعلومات حول الفلاحة في المغرب والمتاحة حاليا عبر الذكاء الاصطناعي قديمة، إذ تعود إلى فترات سبقت التأثيرات العميقة لتغير المناخ”.

وأضاف بازة، في تصريح لهسبريس، أن “الاعتماد على معلومات غير محدثة يُنتج أجوبة غير دقيقة أو غير صالحة للاستعمال العملي”، ومؤكّدا على “أهمية المراجعة البشرية الخبيرة لكل ما ينتجه الذكاء الاصطناعي، لضمان ملاءمته للواقع الزمني والبيئي الذي يشهده القطاع الفلاحي المغربي”.

وأشار الخبير الدولي في الموارد المائية والخبير السابق في منظمة الأغذية والزراعة إلى أن “عدم تغذية النظام بهذه المعطيات يؤدي إلى إجابات عامة قد لا تتناسب مع الواقع المغربي، مشددا على أن “مراجعة الأجوبة الصادرة عن أنظمة الذكاء الاصطناعي من لدن خبراء مختصين ضرورية، سواء على مستوى الشكل أو المضمون؛ لأن الأخطاء قد تكون لغوية أو تقنية أو حتى علمية”.

وأضاف المصرح عينه أن “الذكاء الاصطناعي يُعدّ خزانا ضخما للمعلومات يعتمد على كمّ هائل من المعطيات المتاحة والمجمعة من مختلف المصادر عبر شبكة الإنترنت المفتوحة”، لافتا إلى أن “المنصات أو البيانات المغلقة لا تُستعمل ضمن نطاق الذكاء الاصطناعي المفتوح؛ لأن النظام يعتمد فقط على ما هو منشور ومتداول بشكل عمومي”.

وأبرز محمد بازة أن “طريقة اشتغال الذكاء الاصطناعي تقوم أساسا على الخوارزميات التي تُحلّل صياغة السؤال والعبارات المستعملة فيه”، مشيرا إلى أن “لدقة السؤال ووضوحه أهمية كبيرة جدا في تحديد جودة الجواب، فكلما كان السؤال واضحا ومركزا كانت الإجابة أدقّ وأكثر نفعا”.

وأفاد الخبير الدولي بأن “أهمية استعمال الذكاء الاصطناعي تكمن في الاستفادة المجانية من الخزان العالمي للمعلومات حول أي موضوع، إضافة إلى ميزة السرعة، وقال “يمكن الحصول على جواب لحظي بمجرد طرح السؤال، مع صياغة مكتوبة ومنسقة للجواب، وهو ما يُعد من الخصائص المهمة التي جعلت هذه التقنية تلقى انتشارا واسعا”، منبّها في الوقت نفسه إلى ضرورة “الانتباه إلى أن الجواب الذي يُقدّمه النظام قد لا يكون متكيفا مع السياق المحلي أو مع خصوصيات الموضوع المطروح”.

وأكد بازة، في ختام تصريحه، على “أهمية تزويد النظام بالمعلومات المحلية الدقيقة والمحدّثة، خاصة في المجال الفلاحي”، قائلا إنه “كلما أغنينا النظام بالبيانات الوطنية والمحلية الخاصة بالفلاحة في المغرب، كان الجواب أقرب إلى الواقع وأكثر نفعا”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق