سجلت عوائد السندات الحكومية اليابانية ارتفاعاً جديداً إلى مستويات قياسية يوم الثلاثاء، في ظل تصاعد رهانات الأسواق على توسع مالي مرتقب بعد فوز السياسية ذات التوجه التوسعي ساناي تاكايتشي بزعامة الحزب الحاكم، ما يمهّد الطريق أمامها لتولي منصب رئيسة الوزراء المقبلة لليابان.

وارتفع العائد على السندات اليابانية لأجل 30 عاماً بمقدار 6 نقاط أساس ليصل إلى 3.345% قبل صدور نتائج المزايدة الحكومية، وهو أعلى مستوى على الإطلاق. كما صعد العائد على السندات لأجل 20 عاماً بمقدار 5 نقاط أساس ليسجل 2.74%، وهو الأعلى منذ أغسطس 1999، في حين بلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات نحو 1.695%، وهو مستوى لم يُسجل منذ يوليو 2008.

ويعكس هذا الارتفاع موجة من الضغوط المزدوجة على سوق السندات اليابانية، مدفوعة بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية خلال الليلة السابقة، واستمرار حالة الإغلاق الحكومي الأمريكي التي ساهمت في زيادة حذر المستثمرين. ومعروف أن عوائد السندات ترتفع عندما تتراجع أسعارها، وهو ما يشير إلى حركة بيع ملحوظة في أدوات الدين طويلة الأجل.

وشهدت طوكيو مزايدة خاضعة لمتابعة دقيقة على سندات حكومية لأجل 30 عاماً بقيمة 536.8 مليار ين (3.57 مليار دولار)، تمت بسلاسة، مما بدّد بعض المخاوف من إحجام المستثمرين عن شراء الديون طويلة الأجل في ظل تزايد حالة عدم اليقين بشأن السياسة المالية المقبلة.

وكانت وزارة المالية اليابانية قد اضطرت خلال الأشهر الماضية إلى تقليص إصدارات السندات لأجل 20 و30 و40 عاماً بعد ضعف الطلب في المزادات السابقة، الذي تسبب في قفزات حادة في العوائد ودفع السلطات إلى إعادة النظر في إدارة الدين العام.

وعقب نتائج المزايدة الأخيرة، لم تُسجّل أي تداولات نقدية مباشرة، لكن العقود الآجلة للسندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات قلّصت خسائرها لتتراجع بمقدار 0.1 ين وتسجّل 135.8 ين.

ويرى محللون أن الأسواق بدأت تسعّر سياسات توسعية محتملة قد تعتمدها ساناي تاكايتشي، المعروفة بدعمها لنهج «آبينوميكس» الذي أطلقه رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، ويستند إلى سياسة مالية توسعية وأسعار فائدة منخفضة للغاية من أجل تحفيز النمو الاقتصادي وكسر دوامة الانكماش.

وأدت هذه التطورات إلى تراجع رهانات المستثمرين على رفع بنك اليابان سعر الفائدة خلال الشهر الجاري، حيث انخفضت الاحتمالات الضمنية في السوق إلى نحو 25% فقط مقارنة بـ 37% يوم الجمعة الماضي، وفق بيانات منصة LSEG.

وفي المقابل، تراجع العائد على السندات لأجل عامين بمقدار 5 نقاط أساس يوم الاثنين إلى 0.89% – وهو أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع – قبل أن يعاود الارتفاع الطفيف في جلسة الثلاثاء بمقدار 1.5 نقطة أساس ليصل إلى 0.91%. كما ارتفع العائد على السندات لأجل خمس سنوات بمقدار 2.5 نقطة أساس مسجلاً 1.215%، ليعوض معظم تراجعات الجلسة السابقة.

ويرى خبراء أن الأسواق اليابانية تدخل حالياً مرحلة إعادة تسعير للديون طويلة الأجل، في ظل توقعات بأن تتجه الحكومة المقبلة إلى سياسة مالية أكثر توسعاً تدعم الإنفاق العام والمشروعات الاستثمارية، مما قد يرفع مستويات الدين السيادي، ويزيد الضغوط على عوائد السندات في الأجل المتوسط.