تواجه سوق البتروكيماويات العالمية، بصفتها قطاعًا مشاركًا في مشهد الطاقة العالمي، مجموعة من التحديات التي تتضافر لإعادة تشكيل مستقبله، وقد تسهم في منحنى تراجعه.

ومن أبرز التحديات، تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، والتركيبة السكانية المتغيرة في الصين، وتزايد الطلب على المنتجات المستدامة، وتغيّرات المشهد الجيوسياسي العالمي.

وبحسب توقعات حديثة -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، فإن الصين ستهيمن بأكبر حصة إنتاجية في سوق البتروكيماويات العالمية، بنسبة 42% من الإجمالي المُنتج عالميًا خلال 2025.

وعلاوة على ذلك، أدى ظهور البدائل المستدامة إلى انخفاض حصة الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة العالمي، ما انعكس على هبوط الطلب على البتروكيماويات.

وتشير التقديرات إلى أن سوق البتروكيماويات العالمية قد تشهد انحدارًا طويل الأمد، على غرار استعمال الفحم في توليد الكهرباء.

تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي

تاريخيًا، شهدت سوق البتروكيماويات العالمية توسعًا قويًا، مدفوعًا بالنمو الاقتصادي السريع في الصين، من تسعينيات القرن الـ20، وحتى أوائل عشرينيات القرن الـ21.

ومع ذلك، فقد وصل النمو الاقتصادي في الصين إلى مرحلة التباطؤ، وتسعى البلاد الآن إلى الاكتفاء الذاتي مع استكشاف أسواق جديدة في الخارج.

وفي حين أدت الطاقة الفائضة في الصين إلى خفض الأسعار، ما جعل المنتجات البتروكيماوية أكثر جاذبية في الأمد القريب، فقد أصبحت الدول الأخرى في المنطقة، التي يُعوَّل عليها في دفع نمو سوق البتروكيماويات العالمية، تعتمد كثيرًا على الواردات الصينية.

كما أن تباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي له آثار كبيرة في صناعة البتروكيماويات العالمية، إذ يعتمد عليه أغلب المنتجين في تحديد إستراتيجيتهم الخاصة بتعزيز القدرة الإنتاجية.

وبالعودة إلى 2015، كانت التوقعات تشير لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 3.3%، لكنها انخفضت -حاليًا- إلى 2.6%، بحسب تقرير صادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).

وبالمثل، انخفضت توقعات نمو الناتج المحلي في الصين من 5% في عام 2015 إلى 3% حاليًا، ومع تباطؤ النمو، تنخفض وتيرة مبيعات البتروكيماويات، ما يؤدي إلى تراجع معدلات الاستعمال والأسعار.

التحول في تركيبة سكان الصين

تتأثر سوق البتروكيماويات العالمية بالتحولات في التركيبة السكانية، التي تنعكس على معدلات الدخل، والطلب على منتجات الصناعة.

ومع التطور السكاني في الصين، يظهر اتجاه جديد، إذ تتزايد نسبة كبار السن بالتركيبة السكانية داخل البلاد، في الوقت الذي ينخفض فيه متوسط الدخل.

ومن المحتمل أن يؤثّر اتجاه الطلب في أنواع مختلفة من البلاستيك، حيث يميل المستهلكون الأكبر سنًا والأقل ثراءً إلى تقليل الشراء.

وفي المقابل، تستعد الولايات المتحدة والهند، المنافسان الرئيسان للصين، لمستقبل يتّسم بتزايد عدد السكان في جميع الفئات العمرية.

وقد يؤدي التناقض في الملامح الديموغرافية بين الدول الرئيسة في الصناعة إلى تباين ديناميكيات سوق البتروكيماويات العالمية.

المنتجات المستدامة

تواجه سوق البتروكيماويات العالمية تحولًا كبيرًا في ظل اكتساب المنتجات المستدامة زخمًا، ومع استمرار انخفاض تكلفة الإنتاج، ستسهم هذه البدائل في تآكل الطلب على الوقود الأحفوري، الممول الرئيس للصناعة.

وتقود عمليات إعادة التدوير والمواد الأولية الحيوية، بالإضافة إلى زيادة استعمال الكهرباء المتجددة، هذا التغيير، وفق التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وبحلول 2030، سيعتمد 12% (28 مليون طن) من القدرة العالمية لإنتاج الميثانول على مصادر متجددة، مع استمرار تشغيل معظمها (202 مليون طن) من الوقود الأحفوري.

ومن المرجح أن تتأثر هيمنة الصين على سوق الميثانول العالمية، التي تبلغ حاليًا 59%، ما يجعل الملامح المستقبلية لهذا القطاع غير مؤكدة.

المشهد الجيوسياسي العالمي

في البيئة المُتقلّبة حاليًا، أصبحت الاضطرابات والاختناقات أكثر شيوعًا، بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي، ما يؤثّر في سوق البتروكيماويات العالمية.

وتسعى الشركات والدول والصناعة إلى إستراتيجيات مختلفة لمكافحة تلوث البلاستيك، والحدّ من البصمة الكربونية لقطاع البتروكيماويات.

كما تشير مؤشرات السوق إلى وجود فائض في المعروض من البتروكيماويات، ما دفع إلى مناقشات حول تنفيذ حدّ أقصى لإنتاج البلاستيك.

وتدرس معاهدة الأمم المتحدة بشأن البلاستيك هذا المفهوم، بدعم من أميركا والمملكة المتحدة، ما يزيد من احتمالات تبنّيه في مفاوضات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..